كشفت وزارة الداخلية التركية، اليوم السبت، عن تقرير التحقيقات التي طاولت بلدية إسطنبول الكبرى التابعة للمعارضة، بشأن توظيفها أشخاصا يشتبه بوجود سجلات أمنية بحقهم تمنعهم من ممارسة العمل بالمؤسسات الحكومية.
وأعلنت رئاسة مجلس التفتيش في وزارة الداخلية عن وجود 1668 حالة توظيف مشبوهة في بلدية إسطنبول، وأن نتائج التحقيق موجودة لدى النيابة العامة، وهذا ما يعني أن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وهو من حزب الشعب الجمهوري المعارض، قد يواجه دعوى قضائية جديدة.
نتائج التحقيقات الجديدة تأتي في وقت لا يزال فيه الرأي العام التركي يتناقش في تبعات وأبعاد الحكم القضائي الصادر قبل أكثر من أسبوع، والقاضي بالسجن أكثر من عامين لإمام أوغلو، الأمر الذي أشعل المنافسة على ترشيحات الرئاسة في أوساط المعارضة.
وتأتي التحقيقات الجديدة بعد أن أعلن وزير الداخلية سليمان صويلو، قبل أشهر، عن توظيف بلدية إسطنبول أفرادا على علاقة بتنظيمات محظورة في تركيا، من أهمها حزب العمال الكردستاني وجماعة الخدمة وتنظيمات يسارية.
وبحسب البيان الصادر اليوم، فإن "التحقيقات بدأت في 6 يونيو/حزيران الماضي وانتهت في 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وأن هذه التحقيقات جرت وفق البلاغات وما انعكس من أخبار مرتبطة بعمليات التوظيف، وشملت بلدية إسطنبول الكبرى، وبلدية أتاشهير بإسطنبول، وبلدية مرسين الكبرى، وبلديات أخرى"، وهي بلديات جميعها تابعة للمعارضة.
وأوضح البيان أن "8 مفتشين علموا على التحقيقات، وتم التأكد من توظيف 1668 شخصا في شركات تابعة لبلدية إسطنبول الكبرى، من بينهم 505 لديهم سجلات تمنعهم من مزاولة العمل، ومن بين هؤلاء 484 شخصا لم يتم إجراء أي فحص أمني بحقهم قبل توظيفهم وإن كان بحقهم ارتباطات بتنظيمات محظورة".
وأضاف البيان أن "21 شخصا طردوا من العمل سابقا بأوامر رئاسية، وبحقهم منع بالعمل في المؤسسات الحكومية، ومن بين 432 مشتبها بارتباطهم بحزب العمال الكردستاني، من بين هؤلاء 6 أشخاص تم التأكد من توليهم مهام مسلحة لدى الحزب المسلح، وكذلك 36 شخصا تم توظيفهم وأقاربهم أعضاء في الكردستاني".
وشدد البيان على أن "نتائج التحقيقات جرى تسليمها إلى النيابة العامة في إسطنبول"، مذكرا بأن "شروط التوظيف في البلديات والصلاحيات منوطة برئيس البلدية، وهذا ما يحمله المسؤولية القانونية، أما فيما يتعلق بالشركات التابعة للبلدية فالمسؤولية على لجان التوظيف".
ومن الواضح أن تبعات القضية ستلقي بظلالها على السجالات السياسية في الأيام المقبلة، خاصة أن مسألة تعرض إمام أوغلو للضغط عبر القضاء وخطاب المظلومية يسيطران على المعارضة وأنصارها، وفي حال رفع دعوى قضائية جديدة، فإنها ستعزز من موقف إمام أوغلو.
ومقابل ذلك، تسعى الحكومة لتبرير التحقيقات بأنها تجري وفق القوانين الناظمة، وأن عمل القضاء مستقل ولا يستهدف أي جهة دون وجود أدلة.
والشهر الماضي، اتهم وزير الداخلية، سليمان صويلو، المعارضة بتوظيف مشبوهين في البلديات التي يديرونها، وأنها وظفت 1668 شخصا في بلدية إسطنبول مرتبطين بتنظيمات محظورة، الأمر الذي ردت عليه البلدية بالنفي.
وفي مؤتمر صحافي عقده الوزير التركي بأنقرة، وموضوعه التحقيقات بحق البلديات في تركيا، كشف أن هناك "88 عملية تحقيق في حوادث إرهابية شملت 74 بلدية مختلفة، استكمل منها 79 تحقيقا في الفترة ما بين 2019 وحتى الآن".
وقال الوزير التركي إن التحقيقات "غير موجهة للضغط على حزب سياسي معين بل وفق مفهوم سيادة الدولة، وبلدية إسطنبول شهدت توظيف أكثر من 15 ألف موظف من دون أي تحقيقات أمنية تشمل الموظفين".
وأضاف أن "هذه التحقيقات وجدت 875 شخصا مرتبطين بجماعة الخدمة، و432 بحزب العمال الكردستاني و3 بتنظيم (داعش)، وواحدا بتنظيم القاعدة، والبقية بأحزاب يسارية مختلفة محظورة".
وآنذاك رد رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو على هذه الادعاءات بحق البلدية التي يترأسها وتوظيفها أشخاصا مشبوهين أمنيا بالقول "نحن نواجه شخصا اعتاد على الكذب وطرح الافتراءات.. والوزير يشكل تهديدا أمنيا كبيرا تجاه البلاد والشعب".
وقررت المحكمة الأصيلة السابعة في إسطنبول، الأربعاء قبل الماضي، الحكم بسجن إمام أوغلو عامين وسبعة أشهر و15 يوما، الأمر الذي يفتح المجال أمام منع عمدة إسطنبول من ممارسة العمل السياسي، حيث تنص القوانين على أن المنع من ممارسة العمل السياسي يكون في حال نيل السياسي حكما بالسجن يتجاوز عامين، إذ وجهت لإمام أوغلو تهمة الإساءة لأعضاء اللجنة العليا للانتخابات في العام 2019.