أدى الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، مساء اليوم الخميس، اليمين الدستورية، وتم تنصيبه رسمياً الرئيس الثامن للجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ 1979، بعد أن تسلم الرئاسة الثلاثاء الماضي على يد المرشد الأعلى علي خامنئي خلال حفل صادق الأخير فيه على رئاسته تنفيذاً للمادة 110 من الدستور.
ونظم حفل اليوم في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران ووجه الرئيس الإيراني الجديد عدة رسائل مهمة للداخل والخارج خلال كلمة ألقاها بعد أداءه اليمين.
رسائل للداخل
وفي رسائل موجهة للداخل الإيراني، أكد رئيسي خلال الكلمة، أنه سيشكل "حكومة شعبية وهي حكومة الوفاق الوطنية"، قائلا إن "الجميع سيعمل تحت مظلة الجمهورية الإسلامية" مع وعده بـ"تشكيل حكومة تنشر العدالة وتكافح الفساد".
واعتبر رئيسي أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جاءت به إلى السلطة "كانت تاريخية وهي نقطة بداية للمشاركة الشعبية وليست النقطة الأخيرة"، واعدا بـ"تشكيل إيران جديدة في مطلع القرن الخامس عشر للهجري الشمسي"، الذي سيبدأ اعتباراً من العام الإيراني المقبل.
وأكد الرئيس الإيراني الجديد أنه سيتابع "تحقيق مطالب الشعب" الإيراني، بـ"تحقيق العدالة ومكافحة الفساد"، مشيرا إلى أن من مطالبه أيضا مقاومة القوى المستكبرة".
وتابع أن "وعود الحكومة الشعبية هي تشكيل حكومة الوفاق الوطنية والالتزام بمبادئ الثورة الإسلامية وإيجاد الشفافية في الاقتصاد وتجفيف جذور الفساد والمحسوبية، وتقويم الاقتصاد في مواجهة الحوادث واحتواء التضخم وتعزيز العملة الوطنية وإعادة الاستقرار إلى الاقتصاد الإيراني، ودعم الإنتاج الوطني، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في تأمين السلع الضرورية الأساسية، وتحقيق التقدم التقني والعلمي وإدارة أفضل للمناجم ومصادر المياه والغاز والنفط وحماية البيئة".
ودعا البرلمان والسلطة القضائية وبقية المؤسسات السيادية الإيرانية إلى التعاون مع الحكومة "في الظروف الخاصة الراهنة وألا تألو جهدا في خدمة الشعب".
رسائل للخارج
كما وجه الرئيس الإيراني الجديد، رسائل شتى للخارج، للمنطقة والعالم معاً، مؤكدا أن حكومته ستعمل على "تعزيز جميع مكونات القوة الوطنية وتوظيف جميع أدوات هذه القوة منها الدبلوماسية والتعامل الذكي مع العالم بغية تأمين المصالح والمنافع الوطنية للجمهورية الإسلامية.".
وفي مخاطبة غير مباشرة للولايات المتحدة، أكد رئيسي أن "العقوبات ضد الشعب الإيراني يجب أن تلغى"، معلناً دعمه لـ"أي مبادرة دبلوماسية تحقق هذا الهدف".
وشدد على أن "سياسة الضغط والعقوبات لن تصرف الشعب الإيراني عن متابعة حقوقه القانونية ومنها حق التنمية"، قائلاً: "علينا أن نلتزم بالتعاون البناء مع العالم".
وخاطب دول المنطقة وحاول تبديد المخاوف من سياسات بلاده وحكومته بالقول إن "قوة الجمهورية الإسلامية في المنطقة تخلق الأمن، وجميع قدرات إيران الإقليمية تحمي السلام والاستقرار في الدول وتوظف فقط في مواجهة تهديد القوى المتغطرسة والظالمة".
رئيسي: الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر السلاح النووي حراماً شرعاً
واستطرد قائلا إن "أزمات المنطقة يجب أن تحل عبر الحوار الحقيقي والداخلي الإقليمي وعلى أساس تأمين حقوق الشعوب"، مشيراً إلى أن "تدخلات الأجانب لن تحل المشاكل بل إنها أساس المشكلة".
وتابع: "إنني أمد يد الصداقة والأخوة إلى جميع دول المنطقة وخاصة الدول الجارة"، مشيرا إلى برنامج بلاده النووي ليحاول تبديد المخاوف منه، قائلا إن "البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية سلمي بالكامل".
وأكد أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر السلاح النووي حراماً شرعاً حسب فتوى لقائد الثورة الإسلامية وهذا السلاح ليس له أي مكانة في استراتيجيتنا الدفاعية".
وشدد على أن "تعزيز العلاقات مع الدول الجارة هو أهم أولويات السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية"، لافتا إلى أن "الدبلوماسية يجب أن تعزز الروابط بين شعوب المنطقة أكثر وتقوي المشتركات بينهم في مجال الاقتصاد والثقافة والعلم والرياضة".
وأضاف رئيسي أن "العالم طور التغيير وتأمين مصالح الشعوب مرتبط بفهم العالم الجديد والتعامل الاستراتيجي مع القوى الجديدة"، مشيرا إلى أن "السياسة الخارجية الموفقة هي سياسة خارجية متوازنة".
ولمح إلى عدم تغيير سياسة بلاده الخارجية في عهده بالقول: "سنبقى إلى جانب المظلومين سواء كان الظلم والجريمة في عمق أوروبا وأميركا أو في أفريقيا واليمن وسورية وفلسطين".
مشاركة الأجانب
وأدى رئيسي نص اليمين بحضور رئيس السلطة القضائية والبرلمانيين، ويشارك في المراسم كبار القادة السياسيين والعسكريين الإيرانيين، فضلاً عن عشرات الوفود الأجنبية.
وحسب إعلان البرلمان الإيراني، يشارك في مراسم أداء اليمين الدستورية، 115 مسؤولا أجنبيا من 73 دولة، من بينهم 10 قادة و20 رئيس برلمان و11 وزيرا للخارجية و 10 وزراء آخرين ومبعوثو رؤساء الدول، ونواب برلمانيون ورؤساء ومندوبو 11 منظمة دولية وإقليمية.
وفي مقدمة الضيوف الأجانب، الرئيس العراقي برهم صالح والرئيس الأفغاني أشرف غني والمبعوث الخاص للرئيس التركي نعمان قورتولموش، ورئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، ووزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، ووزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، ووزير التجارة القطري، أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني، ومندوب الاتحاد الأوروبي أنريكا مورا الذي يترأس اجتماعات أطراف الاتفاق النووي في مفاوضات فيينا، فضلا عن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إسماعيل هنية، ونائب الأمين العام لحزب الله البناني، نعيم قاسم، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، زياد النخالة، والمتحدث باسم جماعية "الحوثيين" محمد بن عبد السلام.
ويتوقع أن يقدم رئيسي تركيبة حكومته، يوم الأحد المقبل، للبرلمان الذي سيكون أمامه مهلة أسبوعين لإجراء مناقشات داخلية بشأن الوزراء المقترحين ومنح الثقة لها.
وحسب المادة 121 يؤدي رئيس الجمهورية اليمين، ويضع توقيعه عليها أمام مجلس الشورى الإسلامي في جلسة يحضرها رئيس السلطة القضائية وأعضاء مجلس صيانة الدستور.
كلمة رئيس البرلمان
وفي كلمة له في مستهل المراسم، أكد رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، أنه مع "مرحلة جديدة" قد بدأت في إدارة البلاد، مضيفا أنه "يجب أن يتم تحويلها إلى مرحلة الكفاءة وتحمل المسؤولية".
وأشار قاليباف إلى أن بلاده تواجه تحديات، وأن "تهديدات الأعداء خلقت ظروفا صعبة للمواطنين"، مؤكدا أنهم يعيشون وضعا معيشيا صعبا.
وأوضح رئيس البرلمان الإيراني أن "الحكومة والبرلمان سيلزمان أنفسهما بتوظيف كافة قدراتهما لإعداد برنامج قصير المدة وبرنامج خماسي لخمس سنوات للعبور من الأزمات والتحديات الراهنة"، مؤكدا أن "ذلك لن يكون يسيرا إلا بتعاون بين الوزراء وخبراء الحكومة واللجان المتخصصة في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)."
وأضاف أنه خلال الفترة الجديدة المقبلة "لن تغتفر الفئوية السياسية"، لافتا إلى أن "تجاهل مطالب الشعب أمر غير مقبول"، حسب قوله.