فاز اليساري غوستافو بيترو بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في كولومبيا بفارق كبير، الأحد، وسيواجه المرشح المستقل رودولفو هيرنانديس في الجولة الثانية في 19 يونيو/حزيران، وفقاً للنتائج الرسمية الأولية.
وحصل بيترو على 40,33 % من الأصوات متقدما على هيرنانديس (28,14 %) بحسب النتائج التي نشرها السجل الوطني، الهيئة المكلفة تنظيم عملية الاقتراع، بعد فرز أكثر من 97 % من الأصوات.
وحلّ المرشح المحافظ، فيديريكو غوتيريس، الذي يمثل اليمين الكولومبي التقليدي، ثالثا بنسبة 23,90 %.
صوّت الكولومبيون، الأحد، في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي تجري تحت شعار "التغيير" الذي يتطلع إليه الكولومبيون بغالبيتهم، وفي حال فوز بيترو سيصبح أول رئيس يساري في تاريخ البلاد الحديث.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الثامنة صباحا (13,00 بتوقيت غرينتش)، وأغلقت رسميا عند الرابعة بعد الظهر (21,00 بتوقيت غرينتش).
وجرت عمليات التصويت دون وقوع حوادث كبيرة، وفقا للسلطات التي نشرت حوالى 300 ألف شرطي وجندي في كل أنحاء البلاد حيث كان يمكن أن يتسبب العنف المتزايد للجماعات المسلحة في الأشهر الأخيرة، بمزيد من الحوادث.
الوضع طبيعي
وخلال النهار، أبلغت وزارة الداخلية عن حدوث حوالى 600 مخالفة. وبعد الظهر، قال وزير الدفاع، دييغو مولانو: "الوضع طبيعي في كل مكان"، لكنه أشار إلى حدوث "عمليتَي توقيف مرتبطتين بمخالفات انتخابية".
وبدأ التصويت بسلاسة في بوغوتا وافتتحه الرئيس المحافظ المنتهية ولايته، إيفان دوكي (لا يمكنه الترشح مجددا).
ودعي نحو 39 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم في 12 ألف مركز اقتراع تحت أنظار عشرات الآلاف من الناشطين الذين كلّفوا من قبل المرشحَين الرئيسيَين وعدد كبير من المراقبين الدوليين، خصوصا بعثات الاتحاد الأوروبي ومنظمة الدول الأميركية.
وصوّت السناتور اليساري في هذه الانتخابات الرئاسية، غوستافو بيترو، مع عائلته في بوغوتا التي كان رئيس بلديتها.
وأعلن بيترو بعيد الإدلاء بصوته: "هناك في نهاية المطاف خياران: إما نبقى على ما لدينا، الفساد والعنف والجوع، وإما نحدث تغييرا للمضي نحو السلام والتقدم المنتج وديمقراطية تتسم بالشفافية".
وتوقع المراقبون أن يستفيد بيترو من التعطش إلى "التغيير" الذي يتوق إليه الكولومبيون، والذي صنع منه شعاره للحملة الانتخابية.
وسيكون توليه أعلى منصب في البلاد بمثابة زلزال سياسي في بلد يحتكر فيه المحافظون السلطة منذ عقود.
وهذه المرة الثالثة التي يخوض فيها بيترو (62 عاما) انتخابات رئاسية، ويرى العديد من الناشطين في ائتلافه اليساري "الميثاق التاريخي" الذي تصدّر الانتخابات التشريعية في مارس/آذار الماضي، أن هذه الانتخابات ستكون فاصلة.
وخاض بيترو الانتخابات مع مرشحته لنيابة الرئاسة فرانسيا ماركيز، وهي ناشطة من أجل حقوق النساء ومناهضة للعنصرية فرضت نفسها كإحدى الظواهر الطاغية في هذه الانتخابات.
النظام والأمن
وصوت المرشح المحافظ، فيديريكو غوتيريس، أيضا برفقة أسرته على وقع التصفيق في ميديين، ثاني مدن البلاد والتي كان رئيس بلديتها في الفترة الممتدة من 2016 إلى 2019.
وقال بعد التصويت: "أتمنى أن يساعدنا كل صوت في بناء بلد مختلف، خال من الجوع والفساد والعنف، وإحراز تقدم كبير في مكافحة الفقر"، متعهدا "توحيد كولومبيا".
ويقدّم غوتيريس نفسه على أنه مدافع عن الكولومبيين "العاديين"، واعدا بإحلال "النظام والأمن". وبعد اعتماده خطابا تقليديا يقوم على التنديد بـ"الشيوعية"، تبنى غوتيريس الذي يلقبه أنصاره "فيكو"، شعار التغيير، مؤكدا أنه مرشح "المنطق".
وصوّت المرشح المستقل رودولفو هيرنانديث الذي حل ثالثا في استطلاعات الرأي، وهو رجل أعمال يبلغ 77 عاما غالبا ما يوصف بـ"ترامب الكولومبي"، في معقله في بوكارامانغا (شمال).
وقال للصحافة بعد الإدلاء بصوته: "حانت لحظة الحقيقة"، متحدثا عن انتخابات "تاريخية" في نهاية حملة "مرهقة ومضطربة جدا ومستقطبة بشكل مخيف".
وتجري الانتخابات في أجواء من التوتر السياسي الشديد، بعد أربع سنوات لم تشهد إصلاحات كبرى، وطغت عليها الجائحة، وركود اقتصادي، وتظاهرات حاشدة في المدن، وتفاقم العنف من قبل الجماعات المسلحة في الأرياف.
وكشفت التظاهرات التي أطلقتها لجنة الإضراب الوطني في ربيع 2021 وقمعتها الشرطة بعنف، مدى الإحباط الشعبي ولا سيما بين الشبان في مواجهة الفقر وعدم المساواة والفساد المستشري.
في المناطق الريفية، تصاعدت أعمال العنف مع تزايد سيطرة رجال العصابات والجماعات المسلحة المرتبطة بالاتجار بالمخدرات على المجتمعات المحلية، ما يقوض الإنجازات القليلة لاتفاق السلام الموقع عام 2016 مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك).
(فرانس برس)