ذوو المغيّبين والمختطفين في العراق يطالبون بمركز وطني وقانون للقضية

ذوو المغيّبين والمختطفين في العراق يطالبون بإنشاء مركز وطني وقانون للقضية

17 اغسطس 2023
العراق من أكثر البلدان التي شهدت حالات اختفاء خلال العقود الـ5 الماضية (فيسبوك)
+ الخط -

نظّم مئات من ذوي المختطفين والمُغيّبين، في العاصمة العراقية بغداد وعدد من المحافظات العراقية، الثلاثاء، وقفة جديدة مطالبين بالكشف عن مصير أبنائهم، الذين غيبوا في فترات متفرقة، داعين الحكومة إلى تأسيس مركز وطني لتحديد مصيرهم، إضافة إلى تشريع قانون للمغيبين قسراً، وتدويل قضيتهم، من أجل الضغط على السلطات العراقية.
وأعادت الوقفة ملف المختطفين والمغيبين العراقيين إلى الواجهة مجدداً، وسط تساؤلات حول مماطلة الحكومات المتعاقبة والقضاء العراقي في الكشف عن مصيرهم أو حتى فتح ملفاتهم.
وخلال الفترة من 2014 إلى 2017، غُيّب أكثر من 22 ألف عراقي، في حملة وصفت بـ"الطائفية" والانتقامية، واقتيد هؤلاء من قبل مليشيات مسلحة إبان نزوحهم من مناطقهم التي سيطر عليها تنظيم داعش، إلى جهات مجهولة. وتُوجَّه اتهامات لمليشيات عدة بالوقوف وراء تغييبهم، أبرزها: "حزب الله"، و"عصائب أهل الحق"، و"بدر"، و"سيد الشهداء"، و"الإمام علي"، و"الخراساني"، و"رساليون"، و"النجباء"، وغيرها من جماعات مسلحة.

وأصدر منظمو الوقفة الموحدة، بياناً جاء فيه: "نحن ذوو المغيبين وعوائل ضحايا المختفين قسراً والمفقودين في العراق، والمنظمات المدنية، نقف وقفة تضامنية في بغداد والموصل والناصرية والنجف وكركوك، لإحياء اليوم العالمي لضحايا التغييب القسري، من إخوتنا المختطفين والمفقودين في العراق".

وأضاف البيان أن "الذين فقدناهم، واختفوا عنا بمدد زمنية مختلفة، ومن محافظات العراق بمجموعها، نقف من أجلهم، من دون إشارة إلى تصنيف، أو تمييز عرقي، أو مذهبي، أو ديني"، مطالبين "بجبر الضرر وضمان الحياة الكريمة لذوي الضحايا وإنشاء مركز متخصص وتشريع قانون وطني للمختفين قسراً والمفقودين وتخليد ذكرى الضحايا من أبنائنا وذوينا".
 
من جهتها، قالت عضو مؤسسة "تشرين" لحقوق الإنسان، العاملة منذ ثلاث سنوات على ملف "كشف مصير المغيبين قسراً في العراق"، فاطمة محمد، إن محافظات عراقية شهدت الثلاثاء "وقفات احتجاج ضد السلطات للمطالبة بالكشف عن مصير المغيبين قسراً والمختفين على أيدي قوات الأمن والمليشيات الموالية لإيران، وهي بغداد والموصل والناصرية والنجف وديالى وصلاح الدين وكركوك".

وأضافت محمد، لـ"العربي الجديد"، أن "الوقفة قادها ذوو المغيبين قسراً، وهددوا بالتصعيد والخروج باحتجاجات كبيرة للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائهم"، مبينة أن "منظمات ومؤسسات محلية مدنية وأخرى تعمل في قطاع المدافعة عن حقوق الإنسان، تدعم هذا التوجه، بعد فترة من الصمت الشعبي، الذي كان أساسه انتظار حكومة محمد شياع السوداني التي وعدت بكشف الملف ومحاولة حسمه".

من جهته، أشار مرصد أفاد، يوم أمس الأربعاء، الذي يقوده مجموعة من الصحافيين والحقوقيين، في بيان إلى أن "وقفة احتجاج لعائلات المختطفين العراقيين وسط العاصمة بغداد تمثل تذكيراً للحكومة العراقية ومجلس القضاء بمسؤولياتهم القانونية والأخلاقية حيال استمرار غموض مصير أبنائهم الذين تم اختطافهم من قبل مليشيات مسلحة بين عامي 2014 و2017".

وشارك في الوقفة عشرات المحتجين السابقين الذين خرجوا في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت، في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، المعروفة باسم "انتفاضة تشرين"، لا سيما أن عدداً من رفاقهم غيبوا بطرق لا تختلف كثيراً عن آلاف العراقيين الذين غيبوا خلال فترة احتلال "داعش" لمناطق شمالي وغربي العراق، ورغم أن رئيس الوزراء وعد بالتدخّل لمعرفة مصير ذويهم المفقودين منذ 8 سنوات، إلا أن الحكومة لم ترد على نداءاتهم.

وقال الناشط المدني في بغداد عبد العزيز بهاء، لـ"العربي الجديد"، إن "العراقيين من أكثر شعوب المنطقة والعالم تعرضاً للتغييب القسري والإخفاء، بسبب انفلات السلاح وتماهي السلطات مع العصابات والمليشيات والجماعات المسلحة، ولعل فترة تنظيم داعش كانت أكثر فترة حدث فيها اختفاء قسري، فيوجد عشرات الآلاف من الذين غيبوا على أيدي مسلحين ينتمون للفصائل المسلحة، ومن واجب الحكومة الكشف عن مصيرهم".

ولفت بهاء إلى أن "الوقفات الاحتجاجية ستتكرر وقد تتطور إلى احتجاجات عارمة يقودها ذوو التغييب القسري، وتدعمهم الحركات المدنية والوطنية والمنظمات الإنسانية"، موضحاً أن "الحكومة العراقية الحالية صامتة ولا تتحدث نهائياً عن عشرات الآلاف من العراقيين مجهولي المصير، رغم أن المعلومات الأمنية والصحافية تشير إلى تورط مليشيات، لكن ما نلاحظه أن هذه المليشيات تشترك في إدارة الدولة بدلاً من محاسبتها بجرائم ضد الإنسانية".

وسبق للمرصد العراقي لحقوق الإنسان، وهو مرصد حقوقي عراقي واسع الانتشار، أن أكد أنّ "أكثر من 11 ألف أُسرة عراقية أبلغت عن مدنيين فقدوا خلال السنوات الثماني الماضية"، مبيناً أن "الحرب على العراق عام (2003) وغياب سلطة إنفاذ القانون وانتشار الجماعات المسلحة والإرهابية أدت أدواراً كبيرة في اختفاء وفقدان عشرات الآلاف من العراقيين خلال العقدين الماضيين، يُضاف إلى ذلك إهمال الحكومات العراقية الذي ساعد في ازدياد أعداد المفقودين والمختفين بسبب إهمال السلطات لأي شيء يمكنه ملاحقة ومحاسبة الجناة".

وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي قد اعترف، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، في مقابلة مع محطة تلفزيون عراقية محلية، "يجب أن نُصارح الناس بحقيقتهم (المغيبين)، ونغيّر اسمهم أولاً إلى المغدورين وليس المغيبين: مغدورون فارقوا الحياة".

ورأى الحلبوسي أنه "يجب على الدولة إنصاف ذويهم وشمول عوائلهم بقانون ضحايا الإرهاب، وبالتعويض، أما الاستمرار بتضليل عوائلهم منذ 2014 ولغاية الآن، فغير صحيح... غُيّبوا وتمّ اغتيالهم في تلك الفترة".

ويُصنّف العراق من أكثر البلدان التي شهدت حالات اختفاء وفقدان للأشخاص خلال العقود الخمسة الماضية، فوفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر يوجد في العراق أكبر عدد من الأشخاص المفقودين في العالم، نتيجة عقود من النزاعات والعنف. 

المساهمون