ديفيد إغناتيوس: إدارة بايدن تكافح لـ"توفيق" صداقتها مع مصر في ظل حكومتها القمعية

27 فبراير 2021
إدارة بايدن تشدد على ضرورة احترام حقوق الإنسان (تشيب صمودفيلا/ Getty)
+ الخط -

تحفظت مصادر دبلوماسية مصرية، على التعليق حول مقال للكاتب الأميركي، ديفيد إغناتيوس، في صحيفة "واشنطن بوست" قال فيه إن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن "تكافح من أجل التوفيق بين حقيقتين لا مفر منهما بشأن مصر، الأولى أنها صديق وحليف مهم للولايات المتحدة، والثانية أن لديها حكومة قمعية تنتهك حقوق الإنسان الأساسية".
وقال الكاتب في مقاله من القاهرة "إن هذه المفارقة، الأنظمة الاستبدادية "الصديقة" التي تعمل على تحديث بلدانها لكنها تقمع مواطنيها، تطارد السياسة الخارجية الأميركية، في الشرق الأوسط لجيل كامل"، موضحا "يبدأ الرئيس بايدن وفريقه بداية جديدة، بعد أربع سنوات عندما تجاهل سلفه (دونالد ترامب) قضايا حقوق الإنسان إلى حد كبير".
وأضاف: "دعونا نأمل أن ينجح فريق بايدن، لأن مصر مهمة. ما هو منطقي بالنسبة لي هو انخراط مستمر وبناء على الأرض. محاصرة مصر من بعيد أو التهديد بحظر الأسلحة قد يجعل المنتقدين في الكونغرس يشعرون وكأنهم أنجزوا شيئًا ما. لكن هذا النهج يهدد بإحراز نتيجة خاسرة، مع عدم إحراز تقدم في مجال حقوق الإنسان وتراجع الأمن لكلا البلدين".
وتابع إغناتيوس: "جاءت علامة مبكرة على رغبة إدارة بايدن في تضمين قضايا حقوق الإنسان في التحالف، يوم الاثنين، عندما التقى قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال فرانك ماكنزي بالرئيس (المصري) عبد الفتاح السيسي وناقش الجانبان الموضوع". وكان ماكنزي أول مسؤول كبير يلتقي بالسيسي منذ أن تولى بايدن منصبه. وقال ماكنزي لاحقًا في مقابلة: "يجب أن تكون قضايا حقوق الإنسان مهمة بالنسبة لنا طوال الوقت".

وأضاف أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن "عزز الرسالة يوم الثلاثاء بدعوة نظيره المصري وزير الخارجية سامح شكري". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس: "أثار الوزير مخاوف بشأن حقوق الإنسان، وأكد أنها ستكون محورية في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر".

وقال الكاتب "نظرًا لأن النقاش في واشنطن يركز على قضايا حقوق الإنسان، غالبًا ما يفوت المراقبون حقيقة أن الاقتصاد المصري يتسارع حتى مع بقاء نظامه السياسي عالقًا في حفرة. إذ نمت الدولة بشكل صحي بنسبة 2.7 في المئة العام الماضي، وفقًا لمسؤول أميركي مقيم في القاهرة، على الرغم من جائحة فيروس كورونا. وتزدهر شركات التكنولوجيا، تنمو بما يقول المسؤول الأميركي إنه معدل سنوي بنسبة 17 في المئة، حيث يفسح النظام البيروقراطي الطريق للرقمنة". ونقل إغناتيوس عن المسؤول الأميركي قوله: "لدينا الكثير مما نخاطر به هنا. هناك العديد من القصص الجيدة للتعاون هنا في التجارة والتعليم والمياه والصحة والأمن والقضايا الإقليمية. لكن غالبًا ما يتم تجاهل هذه الجوانب من الشراكة".
وذكر إغناتيوس في مقاله أنه "في أثناء القيادة عبر شاشات النيون المتلألئة التي تصطف على الطرق السريعة في القاهرة، تذكرت السفر إلى الصين. إيكيا وغيرها من المتاجر الكبرى تلبي احتياجات الطبقة الوسطى المصرية المتنامية. تغري اللوحات الإعلانية البراقة العائلات بمغادرة الأحياء المكتظة بالقاهرة القديمة وشراء فيلات في الضواحي بأسماء مثل هايد بارك. يستشعر الزائر المقايضة الصينية: امنحنا حريتك وسنمنحك الرخاء".
ويضيف الكاتب "السيسي لغز محبط. لقد حقق "إصلاحات" استعصت على أسلافه، وخفض الدعم عن الطاقة والأساسيات الأخرى، وشجع الاستثمار في البنية التحتية الجديدة والتنمية الاقتصادية. لكنه يحكم كجنرال وليس كرئيس. إنه يسجن المنتقدين ويكتم وسائل الإعلام ويستخدم الخوف من التطرف الإسلامي كذريعة لقمع أي معارضة سياسية. ولا يزال الجيش المصري الذي يعاني من التخمة يلقي بثقله على الاقتصاد، ويسيطر على الشركات العملاقة التي تديرها الدولة والتي تزاحم رواد الأعمال".
وتابع: "يؤكد المدافعون عن السيسي أنه أحرز تقدمًا في بعض القضايا الاجتماعية. يبدو المسيحيون الأقباط في مصر أكثر أمانًا مما كانوا عليه قبل عقد من الزمان، ويقدم السيسي عرضًا لحضور قداس عيد الميلاد في معظم السنوات. كما تطورت حقوق المرأة، حيث تم تفويض النساء الآن لشغل 25 في المئة من المقاعد في البرلمان".
ويقول إغناتيوس "قد تكون دفاعية مصر جزئياً رد فعل على الارتباك الذي حدث في العقد الماضي. حيث أطاحت ثورة ميدان التحرير في عام 2011 بحكومة الرئيس حسني مبارك القمعية وأتت بالإخوان المسلمين إلى السلطة لفترة وجيزة. ثم ثبَّت ثورة مضادة في عام 2013 السيسي".
ويتابع "يخبرنا المصريون أنهم يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة. ثورتان في 10 سنوات كثير"، كما يوضح المسؤول الأميركي. ويقول إنه خلال الاضطرابات، كان المصريون يخشون أن يخسروا بلادهم في ظل الفوضى التي كانت تعصف بليبيا وسورية والعراق واليمن. خشيت النساء من أن تعيش بناتهن في ظل حكم ديني إسلامي".

ويرى ديفيد إغناتيوس أنه "لن تنجح حملة بايدن في مجال حقوق الإنسان إلا إذا كانت ترتكز على العمل المحلي، بدلاً من التحريف من بعيد. بينما تحث الولايات المتحدة على إطلاق سراح السجناء السياسيين، يمكنها أيضًا تقديم تدريب للمحامين المصريين، وتقديم منح لتحسين مرافق الاحتجاز، وبرامج لتمكين الأعمال النسائية -كل ذلك كجزء من حوار منتظم رفيع المستوى حول حقوق الإنسان".
ويضيف "تحتاج الولايات المتحدة إلى مصر قوية وناجحة، والسيسي الفخور والشائك يحتاج إلى الولايات المتحدة أيضًا. روسيا والصين ليست بدائل قابلة للتطبيق في بناء الدولة الحديثة التي يريدها المصريون".
ويتابع "إن أفضل نفوذ للولايات المتحدة هو تعميق حصتها في مصر صحية وتقدمية، حتى في الوقت الذي تحمل فيه السيسي المسؤولية عن احترام الأعراف الدولية المتعلقة بحقوق شعبه".

المساهمون