دعا وزير الخارجية الفنلندي الأسبق، بار أولاف ستينباك، إلى تحديث عمل منظمة الأمم المتحدة بما يتوافق مع طبيعة المتطلبات التي فرضتها جائحة كورونا والتطورات السياسية للعقدين الأخيرين، خاصّةً في ظل صعود بعض القوى العالمية كالصين، وحقيقة تنافسها مع الولايات المتحدة الأميركية.
ولفت ستينباك في محاضرة ألقاها في ورشة العمل، التي اختتمت الإثنين، وأقامتها كلية الإدارة العامة واقتصاديات التنمية في معهد الدوحة للدراسات بعنوان "الحوكمة في الأزمات وما بعد الصراعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، إلى أنّ ثمةَ ملامح عالم مختلف سوف يتشكّل إبان جائحة كورونا، وأن العالم لن يتخلى عن مسار العولمة، ولكنّ مظاهرها ستستمر بشكل مختلف، وبقيودٍ ومحدّدات أكثر.
ونوّه ستينباك لضرورة أن تحظى القطاعات المتعلقة بالصحة والغذاء والتعليم باهتمام أكبر مستقبلًا، وضرورة أن تكون هذه القطاعات ذاتها مشاريع تعاون على الصعيد الدولي، وذلك في سياق رفع الجاهزية لأي طارئ مستقبلي .
وفي السياق السياسي، طرح ستينباك عدة عوائق أمام الارتقاء بالتنسيق على المستوى الدولي، أولها ما نتج عن الجائحة من تأجيج للمشاعر الانعزالية الوطنية، حيث أغلقت الدول حدودها، وارتأى كل منها حماية مصالحه وإن على حساب الآخرين، واقترح لمواجهة هذه العوائق عدة حلول، منها أن يتم العمل على رفع الجاهزية على مستوى المنظمات متعددة الأطراف التي تتحمل مسؤولية مساندة الدول المحتاجة، وأن تتم معالجة أزمة اللاجئين في العالم، سواء بتحسين ظروفهم في أوطانهم، أو بتوزيعهم بشكل منطقي على الدول المستقبلة للاجئين؛ بحيث لا تتسبب زيادة أعدادهم بردود أفعال تجهض الجهود الرامية لزيادة التعاون.
كما دعا إلى تنسيق الموارد والعمل على مشاريع ما بعد الجائحة، خاصةً إن كان ذلك في إطار تأسيس مؤسسات دولية ذات قدرة على تبني قرارات ملزمة لأعضائها، بغض النظر عمّا إذا كانت دولاً ديمقراطية أو غير ديمقراطية، وقال لا يوجد هناك نموذج ديمقراطي واحد ينبغي الالتزام به لتحقيق العمل المؤسسي، وأنّ كل الدول تستطيع أن تتعاون بغض النظر عن طبيعة نظامها السياسي، ودعا الدول الصغيرة والمتوسطة إلى ضرورة خلق إطار تعاوني لها؛ حتى لا تكون هذه الدول فريسةً سهلةً للنظام العالمي المتوقّع في مرحلة ما بعد جائحة كورونا.
وسلطت الجلسة الختامية للورشة الضوء على أوجه التعاون المحتمل بين الجهات الإقليمية والدوليّة في استثمار مواردها المختلفة لمواجهة مرحلة ما بعد الجائحة.
وشارك في الورشة، التي عُقدت على مدى يومين، 24 متحدثاً توزعوا على ستّ جلسات بحثت في مواضيع متعددة مثل: الجهات الحكومية وغير الحكومية والأصوات غير المسموعة في السياسة العامة أثناء وبعد الأزمات في الشرق الأوسط، والأزمات والحوكمة في مرحلة ما بعد الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، وما بعد أميركا: كيف تغيّر العالم في خضم فشل الحرب على الإرهاب؟، والتعافي من الصراعات ودور الجهات الإقليمية والدولية، وتحديد التعاون المحتمل والموارد المختلفة.