ألمح المستشار الألماني أولاف شولتز، إلى أنه لا يحبّذ تزويد أوكرانيا بمقاتلات ميغ القديمة. وسُئل شولتز، اليوم الأربعاء، عما إذا كانت ألمانيا مستعدة للسماح بذلك، وما إذا كان يخشى الانجرار إلى الصراع عن طريق تسليم الطائرات عبر قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية في ألمانيا، وهو ما اقترحته بولندا.
وأشار المستشار الألماني إلى أن بلاده قدّمت لأوكرانيا مساعدات مالية وإنسانية بالإضافة إلى بعض الأسلحة، مضيفاً: "بخلاف ذلك، يجب أن نفكر ملياً فيما نفعله بشروط محددة، وهذا بالتأكيد لا يشمل الطائرات المقاتلة".
يأتي ذلك بعدما قال رئيس وزراء بولندا، ماتيوز موراوسكي، إنّ القرار بشأن منح طائرات "ميغ-29" لأوكرانيا يجب أن يكون قراراً مشتركاً من قبل جميع دول حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وأكد مسؤولون بولنديون كبار، اليوم الأربعاء، أنّ تزويد أوكرانيا بطائرات حربية يجب أن يكون عبر حلف شمال الأطلسي بعد أن رفضت واشنطن عرض بولندا نقل كل مقاتلاتها من طراز "ميغ-29" إلى قاعدة جوية أميركية، على أن تنقل بعد ذلك إلى كييف.
وقالت بولندا، أمس الثلاثاء، إنها مستعدة لإرسال كل مقاتلاتها من طراز "ميغ-29" إلى قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا ووضعها تحت تصرّف الولايات المتحدة، وحثت الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي على أن تقوم بالمثل، لكن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) رفضت العرض واعتبرت أنّ الاقتراح "غير قابل للتطبيق".
وقال جاكوب كوموتش، مستشار الرئيس البولندي للشؤون الخارجية لمحطة "تي في بي إنفو" العامة إنّ "الولايات المتحدة الأميركية لا تريد لتلك الطائرات أن تصل إلى أوكرانيا من قواعد أميركية... بولندا مستعدة للتحرك، لكن فقط في إطار الحلف، في إطار عمل حلف شمال الأطلسي".
وقال نائب وزير الخارجية البولندي، باول جابلونسكي، لمحطة "بوليسكاي راديو1" الإذاعية، إنّ بولندا يجب أن تضع الأمن في الأولوية لدى بحثها تزويد أوكرانيا بالطائرات.
وأضاف: "لا يجب أن تكون بولندا الدولة الوحيدة في حلف شمال الأطلسي التي ستأخذ مجازفة ولا تقوم دول أخرى بمشاركة ذلك معنا بأي شكل".
ويقول خبراء إنّ المقاتلات من طراز "ميغ-29" طُورت في الاتحاد السوفييتي السابق، وبما أن الجيش الأوكراني يستخدم بالفعل طائرات روسية الصنع، فسيكون هذا الطراز أفضل خيار للطيارين الأوكرانيين، إذ يعرفون بالفعل كيفية تشغيلها.
زيلينسكي يحضّ على اتخاذ قرار سريع
من جهته، حضّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، الدول الغربية على اتخاذ "قرار بأسرع وقت" بشأن إرسال مقاتلات "ميغ-29" وضعتها بولندا في التصرف لمساعدة أوكرانيا على مواجهة الغزو الروسي.
وقال زيلينسكي، في مقطع مصوّر بُثّ عبر قناته على "تليغرام": "اتخذوا قراراً في أسرع وقت، أرسلوا إلينا الطائرات"، داعياً إلى دراسة الاقتراح البولندي "فوراً".
مقترح غير قابل للتطبيق
وكان البنتاغون قد أعلن، الثلاثاء، أنّ الولايات المتحدة تعتبر عرض وارسو تسليم قاعدة جوية أميركية في ألمانيا مقاتلات "ميغ-29" بولندية بغية إرسالها إلى أوكرانيا مقترحاً "غير قابل للتطبيق".
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي: "سنواصل التشاور مع بولندا ومع حلفائنا الآخرين في حلف شمال الأطلسي بشأن هذه المسألة وما تطرحه من تحديات وصعوبات لوجستية، لكنّنا لا نعتقد أنّ مقترح بولندا قابل للتطبيق".
واعتبر كيربي أنّ احتمال وضع مقاتلات بتصرّف الولايات المتحدة وانطلاقها من قاعدة أميركية لقوات حلف شمال الأطلسي وتحليقها في مجال جوي متنازع عليه مع روسيا "يثير قلقاً جدّياً لدى حلف شمال الأطلسي بأسره".
الكرملين يحذر
من جهته، أعرب الكرملين عن قلقه حيال وضع بولندا مقاتلات "ميغ-29" في التصرف لاستخدامها في أوكرانيا.
واعتبر أنّ هذا الإجراء "سيناريو خطر" إن تحقق. وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: "هذا سيناريو بغيض، وقد يكون خطراً".
وحذرت وزارة الدفاع الروسية من قبل الدول التي تعرض قواعد جوية على أوكرانيا لتنفيذ هجمات على روسيا من أنها بذلك ستعتبر طرفاً في الصراع.
هاريس ستناقش الخطوات المقبلة ضد روسيا
ومن المقرر أن تناقش نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، الخطوات المقبلة التي يجب اتخاذها، رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا خلال زيارة تقوم بها لبولندا ورومانيا، وأن تطمئن الدولتين بشأن الدعم الأميركي خلال لقائها مسؤولين من البلدين بدءاً من غد الخميس.
وتزايدت مخاوف الدولتين من العدوان الروسي في المنطقة، إذ تمثلان أقرب دول حلف شمال الأطلسي شرقاً لروسيا. كذلك تتشارك الدولتان في حدود مع أوكرانيا يتدفق عليها آلاف اللاجئين.
وقال مسؤولون بارزون في الإدارة الأميركية إنّ هاريس ستركز على سبل تطبيق الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي للعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا وسبل بقاء تلك الدول على اتساق والمضي قدماً معاً.
وأضافوا أنها ستتواصل أيضاً مع لاجئين أوكرانيين في بولندا وتناقش المساعدة الإنسانية والأمنية المستمرة لأوكرانيا وللمنطقة. وفاق عدد اللاجئين الفارين من الغزو مليونين حتى الآن.
وقال المسؤولون إنّ نائبة الرئيس ستناقش تلك القضايا في وارسو مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الذي يزور أيضاً المنطقة. وأضاف أحد المسؤولين: "الكثير من نقاشاتنا في هاتين العاصمتين ستكون بشأن الخطوات المقبلة... وكيف يمكن التحرك قدماً".
وقال مسؤولو الإدارة الأميركية إنّ حواراً سيدور حول أفضل سبل تقديم المساعدة الأمنية لأوكرانيا، لكن لم يقدموا تفاصيل عن طبيعة الخطط التي ستناقشها نائبة الرئيس بايدن لمعالجة الموقف مع بولندا. وقال أحد المسؤولين إنّ هاريس ستستغل الزيارة لتكرار رسالة مفادها أنّ "بوتين ارتكب خطأً ستنجم عنه هزيمة استراتيجية مدوية لروسيا".
(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)