- إقامة القاعدة الإثيوبية تعتبر تهديدًا للاستقرار الإقليمي والأمن المائي والملاحي بالبحر الأحمر، مع توقعات بتصاعد الصراعات في المنطقة نتيجة للتوسع الإثيوبي المدعوم غربيًا.
- مصر قد تدعم الصومال عسكريًا ودبلوماسيًا لمواجهة التحديات، بتقديم التدريب والتسليح لتعزيز موقفه في التفاوض وتجنب تصعيد الصراع في القرن الأفريقي، مع السعي للحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
تؤكد مصادر مصرية دبلوماسية وأمنية، لـ"العربي الجديد"، أن مصر "تتابع بشكل حثيث كل التحركات في منطقة القرن الأفريقي، ولا سيما الوضع في الصومال، وخطة إثيوبيا لبناء قاعدة بحرية في منطقة أرض الصومال (صوماليلاند غير المعترف بها)، وتتحسب لجميع السيناريوهات المحتملة للأزمة".
ويقول مسؤول أمني مصري سابق، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "القاهرة على علم بما يحدث في صوماليلاند من تحركات من قبل إثيوبيا بمساعدة الإمارات، التي لعبت دوراً في التوسط بهذه الصفقة، لقربها من حكومة صوماليلاند، إذ تقدم لها الكثير من الخدمات الأمنية والعسكرية"، مشيراً إلى أن الإمارات "بدأت في عام 2017 إنشاء قاعدة في موقع بمطار مدينة بربرة في الإقليم، وسُمح لها بالبقاء فيها مدة ثلاثين عاماً". ويؤكد المسؤول أن مصر "جاهزة للتحرك قانونياً ودبلوماسياً لمواجهة أي خطط قد تضر بأمنها القومي في منطقة القرن الأفريقي".
القاعدة الإثيوبية بصوماليلاند تقلق مصر
تعليقاً على ذلك، تقول الخبيرة في الشؤون الأفريقية نجلاء مرعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "وجود قاعدة تجارية أو عسكرية إثيوبية في صوماليلاند يشكل تهديداً صريحاً، وفرض نفوذ بالقوة من الجانب الإثيوبي، وهو جزء من دعم غربي له، وهذا التوسع يقلق مصر وإريتريا والصومال وجيبوتي، مع الأخذ في الاعتبار المواقف العدائية تجاه مصر، ومحاولة الإضرار بأمنها المائي".
مسؤول أمني مصري: مصر جاهزة للتحرك قانونياً ودبلوماسياً لمواجهة أي خطط قد تضر بأمنها القومي في منطقة القرن الأفريقي
وتوضح مرعي أن "وجود قاعدة عسكرية إثيوبية على البحر الأحمر يمثل تهديداً للأمن الملاحي فيه، لأنها علاقة صراعية وغير تعاونية، فوصول إثيوبيا إلى البحر الأحمر في هذا الوقت الذي يشهد فيه باب المندب توتراً شديداً بسبب ما يفعله الحوثيون (باليمن)، وفي ضوء سلوكيات إثيوبيا الصراعية في منطقة القرن الأفريقي وسد النهضة، يمكننا أن نتفهم طبيعة تحركاتها الإقليمية وطبيعة تحالفاتها وأدائها بشكل عام". وتضيف مرعي أن "شراكة أديس أبابا في إقليم انفصالي غير معترف به قد فتحت الباب إلى مزيد من الصراعات في منطقة القرن الأفريقي بشكل عام، وتشكل خطراً على مصالح مصر الملاحية في هذه المنطقة الملتهبة، على خلفية هجمات الحوثيين على السفن والممرات الملاحية". وتلفت إلى أنّ هذه الخطوة "قد تدفع حركة الشباب (في الصومال) إلى القيام بخطوات تصعيدية، ما قد يتسبب في توترات في الداخل الصومالي".
وحول المسارات التي يمكن من خلالها أن تدعم مصر الصومال، تقول مرعي: "القاهرة قد تساعد مقديشو في مسارات ثلاثة: الأول دبلوماسي، عبر تحريك الجامعة العربية واستخدام نفوذها داخل الاتحاد الأفريقي، وفي الأروقة الأممية والدولية والإقليمية، للتأثير على مواقف القوى الكبرى والفاعلين المعنيين في أمن المنطقة واستقرارها، بما يرفع مخاوفهم ومحاذيرهم إزاء الخطوة الإثيوبية. والثاني قانوني، عبر تسخير خبرتها في هذا الجانب بما في ذلك عبر محكمة العدل الدولية، والثالث قد يكون على شكل تقديم المزيد من التدريب والتسليح للجيش الصومالي". وتضيف: "هناك خطوات أخرى مثل ممارسات ضغوط على صوماليلاند لوقف مثل هذا الاتفاق، ومساندة ودعم الصومال في عدم الاعتراف بهذا الاتفاق من ناحية أخرى".
الصومال بين خياري التسوية والتصعيد
من جهته، يقول المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير رخا أحمد حسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مسألة إقامة إثيوبيا قاعدة عسكرية في ميناء بصوماليلاند وحق استخدام نحو 20 كيلومتراً من الميناء لأغراض تجارية وعسكرية بحرية، بالاتفاق مع حكومة الإقليم متخطية الحكومة الاتحادية في مقديشو، مسألة بالغة التعقيد". ويضيف حسن أن "الحكومة الاتحادية في مقديشو في غنى عن الدخول في مواجهة عسكرية مع إقليم صوماليلاند أو مع إثيوبيا، لظروفها الاقتصادية والأمنية، رغم أنها صاحبة السيادة والحق في قبول أو الاعتراض على ما أقدمت عليه إثيوبيا". ويتابع: "قد يكون تفكير حكومة الصومال الاتحادية الآن هو التوصل إلى تفاهمات مرضية لها مع إقليم صوماليلاند من ناحية، ومع إثيوبيا من ناحية أخرى، واحتواء الموقف بأن يصبح الاتفاق على استئجار إثيوبيا الميناء اتفاقاً ثلاثياً، وأن تتوافق إثيوبيا مع الحكومة الاتحادية الصومالية تجنباً لإشعال صراع آخر في القرن الأفريقي".
نجلاء مرعي: مصر قد تساعد الصومال عبر تقديم المزيد من التدريب والتسليح للجيش الصومالي
أما الكاتب والخبير في الشؤون الأفريقية هاشم علي فيقول، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الخلافات المتوارثة بين الصومال وإثيوبيا، يبدو أن لها دوراً في ما هو حادث من سوء تفاهم، وكذا حيثيات التنافس الإقليمي بين البلدين". ويعتبر أن "أديس أبابا في مطالبتها بأن يكون لها منفذ بحري بحكم ثقلها الإقليمي والسكاني أمر مشروع، وهي في حاجة ملحّة للميناء البحري لأجل التنمية والتخفيف من التبعات الاقتصادية وغيرها، وقد شرعت الحكومة الإثيوبية منذ سنوات في محاولات لزيادة المنافذ البحرية، حتى لا تكون رهينة لمنفذ بحري واحد في ظروف التقلبات السياسية والإقليمية".
ويشير الخبير إلى أن "التصريح الصومالي بالموافقة على مناقشة أمر منفذ بحري لإثيوبيا ليس بجديد، فقد كان رد الفعل الصومالي في فبراير/شباط الماضي، عندما أبرمت إثيوبيا الاتفاق المبدئي مع حكومة صوماليلاند، أن أشار إلى عدم رفض مقديشو مناقشة أمر المنفذ البحري مع إثيوبيا، مشترطة إلغاء الاتفاق السابق مع صوماليلاند، الذي اعتبرته القيادة الصومالية حصل من وراء ظهرها". وكان وزير الدولة الصومالي للشؤون الخارجية علي محمد عمر قد قال، قبل أيام، (لوكالة رويترز) إن الصومال لن يقبل أبداً خطة إثيوبيا لبناء قاعدة بحرية في منطقة صوماليلاند، لكنه سيدرس منح إثيوبيا حق الوصول إلى موانئ تجارية إذا نوقش الأمر بشكل ثنائي.