ظهرت إلى العلن مجدداً، الخميس، الخلافات العميقة في الرأي بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن فترة ما بعد الحرب في قطاع غزة واحتمال قيام دولة فلسطينية، الضامن الوحيد لأمن إسرائيل في نظر واشنطن على المدى الطويل.
وعندما سئل عن تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ردّ المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي: "واضح أننا نرى الأمور بشكل مختلف".
وكان نتنياهو قد قال إنه "يجب أن تكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن. هذا شرط ضروري يتناقض مع فكرة السيادة (الفلسطينية)"، موضحاً أنه قال ذلك مباشرة للأميركيين.
وأضاف نتنياهو: "رئيس الوزراء الإسرائيلي يجب أن يكون قادراً على قول لا، حتى لأفضل أصدقائنا، أن يقول لا عندما يكون ذلك ضرورياً، وأن يقول نعم إذا كان ذلك ممكناً".
وهذه الخلافات بين واشنطن وإسرائيل ليست جديدة، لكنها تظهر إلى العلن مجدداً في وقت تمارس فيه الولايات المتحدة ضغوطاً كبيرة على حليفتها في ما يتعلق بسير الحرب في غزة، ومرحلة ما بعد هذه الحرب.
وكرّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، في منتدى دافوس الاقتصادي، دعوته إلى إيجاد "طريق نحو دولة فلسطينية"، معتبراً أنه "من دون ذلك سيكون مستحيلاً الحصول على أمن حقيقي".
وخلال زيارته إلى المنطقة في الأسبوع الماضي، أبلغ بلينكن السلطات الإسرائيلية بأن دولاً عربية، بينها السعودية، أبدت "التزامها" بالمساعدة، خصوصاً في إعادة إعمار غزة، شرط أن ترسم إسرائيل طريقاً ملموساً نحو إقامة دولة فلسطينية.
كما تحضّ واشنطن إسرائيل على مساعدة السلطة الفلسطينية بدلاً من إعاقتها، وهي سلطة لا يمكنها العمل بفاعلية من دون هذا "الدعم"، وفق بلينكن.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن "لدى إسرائيل فرصة تاريخية للتصدي للتحديات التي واجهتها منذ تأسيسها، ونأمل في أن تغتنم البلاد هذه الفرصة"، مشيراً إلى أن "إسرائيل ستواجه خيارات صعبة جداً في الأشهر المقبلة".
وفي هذا السياق المتوتر، لم يحصل أي اتصال مباشر بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي منذ أسابيع عدة.
ويشعر المسؤولون الأميركيون بقلق متزايد من أن إسرائيل لن تفي بجدولها الزمني للانتقال إلى عمليات منخفضة الكثافة في غزة بحلول نهاية يناير/كانون الثاني.
وكان موقع "أكسيوس" الإخباري قد نقل عن مسؤلين أميركيين، في وقت سابق، قولهم إنّ بايدن بدأ يشعر بالإحباط من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بعد رفض الأخير معظم طلبات الإدارة الأميركية بشأن الحرب على غزة.
وفي حديثه مع الموقع، أكد السيناتور الأميركي كريس فان هولين، وهو ديمقراطي من ولاية ماريلاند، وكان على اتصال وثيق بالمسؤولين الأميركيين بشأن الحرب، أن "نتنياهو وجه أصابع الاتهام نحو بايدن في كل لحظة حرجة"، مضيفاً أن الإدارة الأميركية "تتوسل المسؤولين في ائتلاف نتنياهو، لكنها تتعرض للصفعات مراراً وتكراراً".
ونقل الموقع الأميركي عن مسؤولين في إدارة بايدن قولهم إنّ "صبر الرئيس بدأ ينفد (...) الوضع سيئ ونحن عالقون".
(فرانس برس، العربي الجديد)