رغم تبرئته في مجلس الشيوخ، إلا أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لا يزال يواجه خطر التعرّض لملاحقات أمام القضاء ومساءلات أمام لجنة خاصة أنشأها مجلس النواب للتحقيق في الهجوم الذي شنّه أنصاره على الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني.
لا يزال مسؤولاً
وفي مجلس الشيوخ سعى المدّعون العامّون الديمقراطيون إلى إثبات أنّ الرئيس الـ45 للولايات المتحدة حرّض على العنف لأشهر عبر ترويجه "أكاذيب" ورفضه الإقرار بهزيمته في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني في مواجهة جو بايدن، وإلقائه خطاباً تحريضياً أمام آلاف من أنصاره في واشنطن يوم اقتحام الكابيتول.
ورغم تصويته لصالح تبرئة ترامب في مجلس الشيوخ بعدما اعتبر أنّ المجلس لا يمكنه دستورياً محاكمة رئيس سابق، فإنّ زعيم الجمهوريين النافذ ميتش ماكونيل صرّح بنفسه بأنّ ترامب يواجه خطر الملاحقة أمام القضاء. وقال ماكونيل أمام مجلس الشيوخ، إنّه "لا يوجد أيّ شكّ في أنّ الرئيس ترامب مسؤول من الناحيتين العملية والأخلاقية عن إثارة أحداث ذلك اليوم". وأضاف أنّ ترامب "لا يزال مسؤولاً عن كل ما فعله خلال وجوده في المنصب. لم يفلت بعد من أيّ شيء".
وأوضح استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك ونشر الأحد، أنّ 45 بالمائة من الأميركيين يعتقدون أنّ ترامب مسؤول عن أعمال العنف وتجب ملاحقته قضائياً.
متابعات قضائية
واقعيّاً، تبدو إدانة دونالد ترامب أمام القضاء صعبة. وفي تصريح لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأميركية الأحد، قال أستاذ القانون الدستوري في جامعة جورج واشنطن جوناثان تورلي: "أشكّ حقّاً في أنّ (الملاحقات) يمكن أن تصمد خلال محاكمة... أظنّ أنّ القضية ستنهار".
وتبدو إدانة ترامب أمام القضاء صعبة، لا سيّما وأنّه يمكن إدراج الخطاب الذي ألقاه في 6 يناير/كانون الثاني تحت الفصل الأول من الدستور الذي يضمن حريّة التعبير.
ومع ذلك، فقد لوّح المدّعي العام لمقاطعة كولومبيا حيث تقع واشنطن العاصمة كارل راسين باللجوء إلى قانون محليّ يتيح إطلاق ملاحقات قضائية "بحق الأفراد الذين يحرّضون بوضوح" على العنف.
وشرح المسؤول القضائي في تصريح لشبكة "إم إس إن بي سي"، أنّ ترامب سيواجه في تلك الحالة عقوبة السجن لستة أشهر.
من جهته، وجّه المدّعي العام الفدرالي في واشنطن مايكل شيروين تهماً لعشرات الأشخاص على خلفية مشاركتهم في أعمال العنف، ويمكن من الناحية النظرية أن يطلب بعض الضحايا ملاحقة الرئيس السابق.
لكنّ الملياردير الجمهوري يمكن أن يحتمي جزئياً بالمنصب الذي كان يشغله وقتها.
ضغوط في جورجيا
ثمّة مسار قضائي آخر يجري في جورجيا، الولاية المهمّة التي فاز فيها جو بايدن. حيث أعلنت فاني ويليس المدّعية العامة لمقاطعة فولتون في 10 فبراير/شباط عن فتح تحقيق أوليّ حول "محاولة التأثير على العمليات الانتخابية" في الولاية الواقعة جنوبي البلاد.
وطلبت من مسؤولين بارزين الحفاظ على وثائق "تثبت محاولات للتأثير" على موظّفين يعملون في تنظيم الانتخابات. ومن بين من وجّهت إليهم الطلبات وزير الشؤون الإدارية في حكومة الولاية، الجمهوري براد رافنسبريغر.
وكشف النقاب في 3 يناير/كانون الثاني عن تسجيل لمكالمة هاتفية طلب خلالها ترامب من رافنسبريغر "إيجاد" نحو 12 ألف بطاقة اقتراع تحمل اسمه ليتدارك تخلّفه عن جو بايدن في الانتخابات بالولاية.
لجنة تحقيق على شاكلة لجنة 11 سبتمبر/أيلول
وفي الكونغرس أعلنت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي الأحد عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلّة في قادم الأيام، "على شاكلة" اللجنة التي أنشأتها الولايات المتحدة إثر هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
وقالت إنّ اللجنة ستكلّف بالتحقيق في "الاعتداء الإرهابي المحلّي في 6 يناير/كانون الثاني ضدّ الكابيتول".
وكان مشرّعون أميركيون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي قد طالبوا بتشكيل هذه اللجنة، رغم أنّ ما يأملونه منها قد لا يكون متشابهاً.
وصرّح السناتور الديمقراطي كريس كونز لشبكة "إيه بي سي" الأحد، بأنّ اللجنة ستكشف "مدى مسؤولية الرئيس ترامب وانتهاكه الصارخ لقَسَمه الرئاسي".
أما السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الحليف المقرب من ترامب، فقال لشبكة "فوكس" إنّ اللجنة ضرورية "لفهم ما جرى وضمان عدم تكراره".