كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، عن حراك جديد للجنة تنسيقية بقيادة مكتب مدير المخابرات العامة عباس كامل مع شركة "براونستين هيات فاربر شريك" للعلاقات العامة والضغط السياسي في واشنطن، من أجل اتخاذ خطوات متقدمة في إطار حملة جديدة لتحسين صورة النظام المصري لدى الأوساط الأميركية المختلفة، وبصفة خاصة بين قيادات البيت الأبيض والخارجية والحزب الديمقراطي. ومن المقرر أن تتضمن الحملة تنظيم زيارات متبادلة بين القاهرة وواشنطن خلال العام الحالي، بهدف تغيير الصورة الذهنية المعتادة في السنوات الأخيرة عن النظام المصري، وإطلاع قادة الرأي وصناع القرار الأميركيين على التطورات في مصر، تحديداً على صعيد التنمية العمرانية وإنشاء المجتمعات السكنية الجديدة وتطور البنية التحتية والتحسن في الأوضاع الاقتصادية. وأضافت المصادر أن خطة التحرك بشكل مبدئي تتضمن سفر وفد من النواب والشخصيات السياسية المستقلة والإعلاميين المصريين، فضلاً عن أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب السياسية والسياسيين وخريجي البرنامج الرئاسي للقيادة إلى الولايات المتحدة.
سيتضمن الوفد المصري شبابا ونساء يجيدون اللغة الإنكليزية
وسيتم التركيز على تضمين الوفد عناصر الشباب والنساء وإمكانية التحدث باللغة الإنكليزية، من أجل الاجتماع بمجموعات مختارة من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، وقيادات مجتمع الأعمال واللوبي اليهودي والأفريقي في واشنطن. ومن المقرر أن يلي ذلك تنظيم زيارة مماثلة وموسعة لوفد أميركي، يضم قيادات ونوابا بالحزبين الديمقراطي والجمهوري وعددا من الإعلاميين لمصر، بما في ذلك نواب سبق أن هاجموا السياسات المصرية والعلاقة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وسيلتقي الوفد الأميركي في مصر السيسي وعددا من المسؤولين التنفيذيين والبرلمانيين. وسيتضمن برنامج الزيارة فعاليات عدة، مثل زيارة قناة السويس وبعض المواقع الإنشائية والسكنية الجديدة كالعاصمة الإدارية والعلمين الجديدة والأسمرات، عكس ما حدث مع الوفود السابقة التي زارت مصر للقاء السيسي فقط بين عامي 2015 و2018. وينوي النظام خلال الزيارة المصرية تقديم صورة كاملة عما يرغب في إيصاله من رسائل، تركز في الأساس على "تحقيقه تقدماً كبيراً على صعيد التنمية والحالة الاقتصادية للمصريين"، وأن "المشاكل الخاصة بالأوضاع الحقوقية والحريات السياسية لا تمثل الأولوية للغالبية العظمى من جموع المصريين". وذكرت المصادر أنه بمناسبة التنسيق المستمر بين النظام وشركة العلاقات العامة في واشنطن حول التحركات في ملف سد النهضة، تلقى النظام نصائح جديدة من بعض النواب والسياسيين من جماعات الضغط التي تكثّف مصر التعاون معها، وكذلك من المتعاملين مع الشركة، بضرورة اتخاذ إجراءات تعكس رغبة النظام في تحسين أوضاع حقوق الإنسان خلال الفترة المقبلة. وتركزت النصائح على مستويين؛ أولهما بحث إمكانية الإفراج عن معتقلين ومحكومين من حاملي الجنسية الأميركية، وثانيهما الانفتاح على التواصل والإلحاح عليه، في ظل حالة البرود والتجاهل التي تسيطر على العلاقة بين واشنطن والقاهرة منذ تولي جو بايدن الرئاسة. وأضافت المصادر أنه كان هناك قلق بشكل عام في القاهرة من الصمت الرسمي الأميركي إزاء الأوضاع في مصر، ومن احتمال أن يستبق عاصفة كبيرة من الضغوط، لكن على ضوء طمأنة بعض السياسيين في واشنطن، فإن إدارة بايدن لن تفتح كل الملفات العالقة مع نظام السيسي في وقت واحد، وأنه شخصياً لن يبادر إلى ممارسة ضغوط تمس العلاقة الاستراتيجية بين البلدين جذرياً.
اتخذت القاهرة إجراءات بهدف إشعار الغرب بحصول تغيير
وسبق أن أفادت مصادر حكومية مصرية بأن النظام مستقر على "عدم التعجل في تقديم تنازلات لإدارة بايدن في المرحلة الحالية، ولهذا كان السيسي حريصا في الفترة الماضية الفاصلة بين فوز بايدن والاتصال الأول من وزير خارجيته أنتوني بلينكن بنظيره المصري سامح شكري، في فبراير/شباط الماضي، على تكديس الأوراق التي يمكن له تقديمها على مراحل، لتبدو الأمور وكأنها طبيعية". وسلّم النظام في الوقت نفسه بخصوصية الحالات التي تهم واشنطن بصفة خاصة، مثل المعتقلين والمحكوم عليهم ذوي الجنسية الأميركية، وأقارب الناشط السياسي الحقوقي محمد سلطان، ومعتقلي قضية "خلية الأمل". غير أنه بعد مشاركة أميركا في إصدار البيان الأممي في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مع 30 دولة أخرى، ضد الممارسات المصرية، فإن القاهرة اتخذت عدداً من الإجراءات المقصود بها إشعار الغرب بحدوث تغيير. وأفرجت عن عدد من الصحافيين، وإخلاء سبيل مئات المعتقلين غير المعروفين من قضايا أحداث سبتمبر/أيلول 2019 وسبتمبر 2020 ويناير/كانون الثاني 2020، والإفراج عن أكثر من خمسة آلاف محكوم من السجون، معظمهم كانوا في قضايا جنائية عادية.