خطة سموتريتش لتعزيز سيطرة إسرائيل على الضفة: ضمّ دون إزعاج دولي

22 يونيو 2024
سموتريتش خلال مؤتمر صحافي في القدس، 5 فبراير 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يكشف عن خطة لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية دون ضمها رسميًا، بهدف منع تأسيس دولة فلسطينية وجعل السيطرة مقبولة دوليًا.
- الخطة تحظى بدعم من رئيس الوزراء نتنياهو وتسعى لتسوية الوضع القانوني للبؤر الاستيطانية، مع زيادة المستوطنات وإنشاء إدارة مدنية جديدة لحكم الضفة.
- سموتريتش، المعروف بتطرفه، يقود "الإدارة المدنية" لتعزيز الاستيطان وهدم المنازل غير المرخصة في الضفة، ما يعكس استراتيجية إسرائيل لتعزيز سيطرتها.

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الجمعة، عن مقطع مصور لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يُفصح فيه عن خطة لتعزيز سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية دون إعلان ضمّها رسمياً. وسُمع الوزير الإسرائيلي في المقطع المصور وهو يقول إنّ الهدف منع الضفة من أن تصبح جزءاً من دولة فلسطينية. وأضاف أنّ من شأن هذه الخطوة أن تجعل السيطرة الإسرائيلية على الضفة مقبولة دولياً.

وخلال المقطع المصور، الذي يعود إلى خطاب ألقاه سموتريتش في 9 يونيو/ حزيران خلال تجمّع للمستوطنين، استعرض الوزير الإسرائيلي برنامجه الذي يشير إلى نقل صلاحيات قانونية كبيرة في الضفة الغربية المحتلة لـ"الإدارة المدنية" التي يقودها سموتريتش نفسه، وهو ما كان الأخير قد طالب به على مدار الأشهر الأخيرة من أجل منح المستوطنين تراخيص استيطانية جديدة في الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية.

وأفادت "نيويورك تايمز" بأنّ التسجيل المسرَّب وصل إليها من أحد الحضور، وتبلغ مدته نصف ساعة، وأكد إيتان فولد، المتحدث باسم سموتريتش، في حديثه مع الصحيفة، أنه ألقى الخطاب وقال إنّ الحدث لم يكن سرّاً. وأشار سموتريتش إلى أنّ "إنجازه" في هذه الخطة هو نقل العديد من المهمات العسكرية في الضفة الغربية إلى سيطرة "الإدارة المدنية".

خطة سموتريتش تحظى بموافقة نتنياهو

من جهتها، أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، الجمعة، إلى أنّ سموتريتش قال أيضاً إنه نجح في إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخطته، وأوضح أنه خلال بضعة أشهر ستتمكّن إسرائيل من خلق نموذج يتيح تسوية الوضع القانوني لغالبية البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، مؤكداً أنّ العمل يجري من أجل تأسيس إدارة مدنية جديدة لحكم الضفة الغربية، واصفاً هذه الخطوة بـ"التاريخية". واعترف سموتريتش بأنه كان يعمل من أجل تحقيق هذه الخطوة منذ وقت طويل، لكن الحرب أوقفت مشروعه. 

وعن تفاصيل خطته، قال الوزير الإسرائيلي إنّ هذا المشروع سيطرح على المجلس الوزاري المصغر لإصدار قرار بشأنه، مضيفاً أنه شُكِّل جهاز مدني منفصل داخل وزارة الأمن الإسرائيلية لإعطاء الانطباع بأنّ السيطرة على الضفة الغربية لن تكون للحكومة. وأكد أنّ الخطة تضمن زيادة عدد المستوطنات، وتهدف إلى منع إقامة دولة فلسطينية "تعرّض وجود إسرائيل للخطر". وأشار إلى أنه سمح لوزارة الأمن بالمشاركة في المشروع للإيحاء بأنّ السيطرة على الضفة ما زالت بيد المنظومة الأمنية.

وكان تحقيق نشره كل من حنان غرينوود وأمير إيتنغر، عبر صحيفة يسرائيل هيوم، قد أشار إلى أنّ قادة الجيش يقرّون بأنّ سموتريتش يستغلّ صلاحياته وزيراً للمالية، للضغط عليهم من أجل التنازل عن الصلاحيات المتعلقة بالاستيطان في الضفة الغربية. على سبيل المثال، جمّد وزير الأمن يوآف غالانت، في وقت سابق، الموافقة على مخطط أعدّه سموتريتش لتدشين مشروع استيطاني في قلب البلدة القديمة من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، من أجل مقايضة الموافقة على المشروع بإفراج وزير المالية عن موازنات يطالبها الجيش، وهو ما قد يشي بأنّ سموتريتش حظي بموافقة الجيش على مقترحه الجديد من خلال سياسته في الضغط على قادة جيش الاحتلال.

ويُعدّ سموتريتش أحد أكثر الوزراء تطرفاً في تاريخ إسرائيل، حيث سبق أن دعا إلى "محو" بلدة حوارة الواقعة جنوب مدينة نابلس شمالي الضفة، و"إبادة" الفلسطينيين في قطاع غزة، فضلاً عن أنّ صحيفة هآرتس اقتبست منه قوله، في لقاء مع قيادات التيار الديني القومي، إنه يضع أمام الفلسطينيين ثلاثة خيارات: المغادرة، أو العمل في خدمة اليهود، أو القتل. وقد أثار سموتريتش قبل عام جدلاً واسعاً عندما عرض في أثناء محاضرة ألقاها في باريس خريطة ما سمّاها "إسرائيل الكبرى"، التي تضمّ إلى جانب فلسطين، الأردن وأجزاءً واسعة من سورية ولبنان.

سموتريتش والصراع على "الإدارة المدنية"

و"الإدارة المدنية" عبارة عن جهاز إدارة أُنشئ في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1981 بموجب أمر صادر عن وزير الأمن الإسرائيلي حينها أرئيل شارون. وهدفت هذه الخطوة، بحسب ما يشير مركز مدار (المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية) لتحسين صورة إسرائيل أمام العالم وإعطاء انطباع وكأنّ هناك (حالة سياسية) في الأراضي الفلسطينية، تبعد الأنظار عن حقيقة وجود احتلال مرفوض من قبل السكان. وقبل المشروع الذي أعلنه سموتريتش، كان للمستوى العسكري دوره الفعّال في تحديد خطوط السياسة اليومية، لكن ما يشير إليه خطاب الوزير الإسرائيلي، أنّ هذا الدور سينتقل بالكامل إلى سيطرة فئات داخل "الإدارة المدنية".

يُذكر أنّ مهمات "الإدارة المدنية" في الضفة الغربية تشمل التخطيط والبناء (الاستيطان) في المنطقة المصنفة بحسب اتفاقية أوسلو بمناطق "ج"، بالإضافة إلى هدم المنازل "غير المرخصة قانونياً" في الضفة الغربية، وهي وظيفة أظهرت ممارسات إسرائيل خلال السنوات الماضية أنها تستهدف بالأساس الفلسطينيين ومنازلهم، مع أنّ "الإدارة المدنية" تزعم أنها تعمل لمنع "البناء غير القانوني"، سواء كان للفلسطينيين أو للإسرائيليين. 

وكانت صحيفة ذا غارديان البريطانية قد أشارت، الخميس، إلى أنّ جيش الاحتلال سلّم "بهدوء" صلاحيات قانونية كبيرة في الضفة الغربية المحتلة لموظفي الخدمة المدنية المؤيدين للمستوطنين العاملين لدى سموتريتش. وأبرزت الصحيفة أمراً نشره جيش الاحتلال على موقعه الرسمي، في 29 مايو/ أيار، يُقرّ بنقل المسؤولية عن العشرات من اللوائح الداخلية في الإدارة المدنية، من الجيش إلى المسؤولين بقيادة سموتريتش في وزارة الأمن.

ونقلت الصحيفة عن محامٍ إسرائيلي في مجال حقوق الإنسان يُدعى مايكل سفارد، قوله إنّه "بالنسبة إلى أي شخص يعتقد أنّ مسألة الضمّ غامضة، فإنّ هذا الأمر يجب أن يزيل أي شكوك. ما يضمنه هذا الأمر، نقل مساحات واسعة من السلطة الإدارية من القائد العسكري إلى المدنيين الإسرائيليين العاملين في الحكومة".

وفي 23 ديسمبر/ كانون الأول 2016، تبنّى مجلس الأمن القرار 2334 الذي ينصّ على أنّ المستوطنات الإسرائيلية تشكل "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي"، بعد امتناع إدارة الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما عن التصويت، في خطوة جاءت عكس ممارساتها التي تحمي إسرائيل من إجراءات الأمم المتحدة. ونصّ القرار على أنه يجب على جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، "أن تتوقف على الفور وبشكل كامل". لكن القرار يدعو الدول إلى التمييز بين ما أسماه "أراضي دولة إسرائيل" و"الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967".

وخلال المفاوضات الائتلافية التي أدّت إلى تشكيل الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، أصرّ سموتريتش حينها على أن يتولى من خلال موقعه وزيراً في وزارة الأمن، مهمة الإشراف على "الإدارة المدنية" في الضفة الغربية التابعة لقيادة جيش الاحتلال، وضغط على نتنياهو من أجل هذا الهدف. وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية عديدة حينها إلى أنّ الوزير الإسرائيلي المتطرف يعتبر هذا الموقع أهمّ من مكانته وزيراً للمالية، وهو ما يعكس رغبة سابقة لديه في تنفيذ المخطط الذي أعلنه أخيراً.