مفاوضات القاهرة: هدنة عيد الفطر المقترحة بشأن غزة بلا التزامات

08 ابريل 2024
فلسطينيون يسيرون أمام المباني المتضررة في خانيونس (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- جرت مباحثات بين مصر وحركة حماس بمشاركة وسطاء من قطر والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، مع مقترح هدنة لمدة 6 أسابيع وإطلاق سراح 40 أسيرًا إسرائيليًا.
- الخلافات تشمل عودة النازحين، شروط تفتيش العائدين، وعدم وجود ضمانات مماثلة للأسرى الفلسطينيين، بالإضافة إلى قضايا الإعمار والضمانات لتنفيذ الاتفاق.
- يوجد تفاؤل حذر بإمكانية التوصل إلى اتفاق بفضل الضغط الأميركي والجهود المصرية والقطرية، مع الهدف المتمثل في تحقيق هدنة تسمح بتحسين الأوضاع الإنسانية والأمل في تسوية أكثر استدامة.

المباحثات تجري ضمن ضغوط أميركية غير معهودة منذ بداية العدوان

المباحثات تدور حول مقترح رئيسي يتضمن هدنة لمدة 6 أسابيع فقط

المقترح لا يتضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار وهو ما ترفضه حماس

زاد المقترح عدد من يمكن لهم العودة إلى شمالي القطاع إلى 6 آلاف

كشفت مصادر مصرية وأخرى في حركة حماس، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل المباحثات بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، التي جرت أمس الأحد في القاهرة واستمرت حتى مطلع فجر أمس الاثنين.

وقال مصدر مصري إن "المباحثات تجرى في ظل مستوى ضغوط أميركية غير معهودة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة"، لافتاً إلى أنها تدور حول مقترح رئيسي يتضمن هدنة لمدة 6 أسابيع فقط، من دون أن تكون ضمن مراحل متعددة.

وأشار المصدر إلى أن "المقترح يتضمن إطلاق سراح 40 من الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، مع عودة جزئية للنازحين إلى مناطق شمالي القطاع، لكنه لا يتضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار، وهو ما ترفضه حركة حماس رفضاً قاطعاً، حيث تتمسك بضرورة أن يشمل أي اتفاق المبادئ التي حددتها المقاومة، وفي المقدمة منها الوقف الشامل والدائم لإطلاق النار".

ولا يتضمن المقترح "المطور أميركياً" ضمانات واضحة، بحسب مصدر قيادي في حركة حماس، إلا أن مصدراً مصرياً لفت إلى أن الجانب الأميركي "يدفع إلى تمرير الموافقة على المقترح، على أمل حدوث حلحلة في المشهد السياسي الإسرائيلي تقود إلى تغييرات تساهم، خلال فترة الهدنة، في تسوية جديدة والانتقال إلى مرحلة (اليوم التالي)"، مضيفاً أن "هذا التصور تعتبره حركة حماس رهاناً لا يمكن التعويل عليه".

وفي ما يتعلق بعودة النازحين إلى شمالي القطاع، أوضح المصدر أنه "جرى إدخال تعديلات على التصور المطروح سابقاً، والذي كان يقضي بعودة 2000 من النساء والأطفال والمسنين يومياً طوال فترة الهدنة، حيث جرت زيادة العدد إلى 6 آلاف يومياً"، مضيفاً: "لكن الخلاف الرئيسي هو الشروط التي حددها جيش الاحتلال بضرورة تفتيش العائدين ومرورهم على نظام مراقبة لفحصهم والتأكد من كونهم من غير المطلوبين، وهو ما تعترض عليه حركة حماس والمقاومة، التي تتمسك بمرور العائدين من دون قيد أو شرط".

وشهد أول من أمس الأحد لقاءات ماراثونية، حيث اجتمع وفد حركة حماس مع الوسطاء المصريين والقطريين، قبل أن يصل الوفد الإسرائيلي الذي شارك لاحقاً في اجتماع ضم المسؤولين في مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية، لتُوجه بعد ذلك الدعوة إلى وفد "حماس" مجدداً منتصف ليل الأحد، في لقاء استمر نحو 3 ثلاث ساعات، وانتهى عند مطلع الفجر، ليتوجه بعدها وفد الحركة مباشرة إلى العاصمة القطرية الدوحة، على متن طائرة خاصة، برفقة وفد الوساطة القطري، للتشاور مع قيادة الحركة هناك".

ووفقاً للمصدر المصري، فإن "هناك حداً أدنى للمفاوضات الجارية بالتوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية مؤقتة لمدة ثلاثة أيام خلال عيد الفطر، من دون التزامات على الأطراف، سوى التهدئة فقط، بما يسمح بإدخال كميات كبيرة من المساعدات المكدسة عند معبري رفح وكرم أبوسالم".

في تعليقه على المقترح، قال القيادي في حركة حماس محمود مرداوي إن الحركة "تريد اتفاقاً واضحاً لا يدخلنا في معركة جديدة، يشمل وقف إطلاق النار بشكل شامل، وانسحاباً كاملاً للاحتلال من قطاع غزة وعودة النازحين من دون شروط وإعادة الإعمار من دون قيود وأن تُجرى هذه العملية بشكل سلس، إضافة إلى عملية تبادل للأسرى".

وأضاف مرداوي في تصريح لـ"الأناضول": "لا نريد اتفاقاً يضمن عودة وحرية الأسرى الإسرائيليين ويترك أسرانا للمفاوضات ولمزاج الإسرائيلي، الذي لا يريد سوى قتل أسرانا".

وتابع أن "المقترح المقدم من الوسطاء يتجاهل وقف إطلاق النار بشكل واضح وصريح، ولا يُقر بضرورة انسحاب إسرائيل من غزة".

وأكمل أن "هذا يعني استدامة الاحتلال، وهذا قابل لأن تبقى المنطقتان الشمالية والجنوبية للقطاع منقسمتين ويحتلهما الاحتلال الإسرائيلي وهذا خطير وغير مقبول، ويمكن أن يتطور إلى أمور أخطر من ذلك".

وأفاد القيادي في حماس بأن "الاتفاق يضمن عودة الأسرى الإسرائيليين جميعاً، ولا يتطرق إلى الأسرى الفلسطينيين، وهذا يعني أن الاحتلال سيخضع قضية الأسرى للمساومة".

ولفت إلى أن "طبيعة الإعمار وبناء المؤسسات تخضع لاعتبارات لها علاقة بدولة الاحتلال، لذا كيف يمكن أن يكون الأمر متعلقًا بشريان الحياة في غزة من دون ضمانات واضحة، ثم إن ضمانات تنفيذ الاتفاق في حال اكتمل غير موجودة".

وأكمل قائلًا: "لا يتضمن الاتفاق وقف إطلاق النار، ولا انسحاب القوات الإسرائيلية، ولا وضوحاً بشأن قضية الأسرى، ولا عودة للنازحين بل يتضمن تقسيمهم إلى مدينيين وعسكريين، وهذا يعتبر مدخلاً لعدم إدخال غالبية النازحين إلى مناطقهم".

الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل قال من جهته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الأمور أقرب إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق، لأن الولايات المتحدة الأميركية مصرة جداً، وإسرائيل (محشورة) جداً، وستكون مضطرة إلى التنازل لمصلحة شروط المقاومة، ولكن ربما مع بعض التعديلات المحدودة".

عوكل: الأمور أقرب إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق، لأن واشنطن مصرة جداً، وإسرائيل (محشورة) جداً

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، لـ"العربي الجديد"، إن "مصر والدوحة بذلتا جهوداً كبيرة باتجاه محاولة الاستفادة من التحول أو الموقف الأميركي الضاغط لوقف إطلاق النار، ومحاولة تقديم مقترحات، لكن الواضح أن العقبة الأساسية هي المقترحات الإسرائيلية".

ولفت إلى أنه "حتى الآن، ما هو مطروح لا يلبي القضايا الأساسية، ومنها قضية عودة النازحين التي أصبحت القضية المركزية بهذا الاتجاه، وهناك رواية مرتبطة بانسحاب الجيش الإسرائيلي خاصة من المنطقة الفاصلة بين شمال قطاع غزة والمنطقة الوسطى وعودة النازحين، بالإضافة إلى ضمانات وقف إطلاق النار، حتى لو كانت هذه الضمانات ضمانات من خلال وسطاء بصورة ما، لكن يمكن أن تساهم في إعادة الحياة إلى قطاع غزة مساهمة كبيرة"، مؤكداً أن "الظروف العامة جميعها أصبحت اليوم مؤاتية للذهاب إلى هدنة خاصة".

وفي السياق، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية الدكتور مختار الغباشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المشكلة الرئيسية تتمثل في الفترة الزمنية التي سيجرى التعهد خلالها بوقف إطلاق النار، وما بعد انتهاء هذه الهدن".

وأضاف الغباشي أن "هذه الإشكالية الكبيرة ظلت موجودة منذ بداية المفاوضات ما بين الجانبين، وذلك بالإضافة إلى إشكالية الانسحاب العسكري الإسرائيلي من قطاع غزة، وحركة رجوع النازحين واللاجئين داخل القطاع من جنوبه إلى شماله، وغيرها من هذه الأمور الأساسية والجوهرية، والتي ظلت موجودة حتى هذا التاريخ".

بدوره، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي محمد سيد أحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "العدو الصهيوني لا تعجبه خسائره في الميدان، ومن ثم يرى أن الوصول إلى وقف العدوان من دون تحقيق أهدافه المعلنة سيعني أنه قد خسر، ثم تكون المقاومة قد انتصرت".

المساهمون