كشف مصدر مصري عن تحركات جديدة للقاهرة على صعيد الأزمة السودانية المحتدمة بين المؤسسة العسكرية وقوات الدعم السريع، قائلاً إن لقاءً جرى أخيراً في العاصمة البريطانية لندن، جمع وزير الخارجية المصري سامح شكري، مع رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك.
وأوضح المصدر أن اللقاء "جاء بدفع من جهاز سيادي مصري، لوزير الخارجية سامح شكري، بهدف التنسيق مع حمدوك، ومعرفة موقفه بحال تم عقد لقاء جامع للقوى السياسية السودانية الفاعلة في القاهرة، من أجل التشاور حول سبل حل الأزمة السودانية وسرعة إنهائها".
مصدر مصري: التحركات المصرية جاءت بعد محاولات إيرانية لتوسيع حجم انخراطها في الأزمة السودانية
وقال المصدر إن "هناك اتصالات واسعة من جانب المسؤولين في جهاز المخابرات المصرية، ووزارة الخارجية، مع عدد من القيادات السياسية في السودان، من أجل عقد لقاء موسع في القاهرة".
القاهرة مهتمة بحل الأزمة السودانية
وبحسب المصدر فإن القاهرة "تولي في الوقت الراهن، اهتماماً أوسع للملف السوداني، بعد انشغالها طيلة الأشهر الماضية بملف الحرب في قطاع غزة".
وكشف أنه خلال زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة في 29 فبراير/شباط الماضي، جرى التوافق على خريطة تحرك جديدة، بهدف السيطرة على الأزمة السودانية ومنع فقدان المؤسسة العسكرية، المزيد من نفوذها في المعركة الدائرة مع "الدعم".
وبحسب المصدر، فإنه "لا يمكن فصل التحركات المصرية الجديدة عن التطورات التي طرأت على المشهد الإقليمي، في ظل تطور العلاقات بين القاهرة وأبوظبي، على خلفية الصفقة الاستثمارية الكبرى التي جرى الاتفاق عليها بين الجانبين، في وقت تعد فيه الإمارات، الداعم الرئيسي لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والمزود الأساسي له بالسلاح والمال".
وكشف المصدر أن "هناك محاولات لترتيب لقاء بين حميدتي ورئيس جهاز المخابرات المصري اللواء عباس كامل، خلال الفترة المقبلة في دولة الإمارات، من أجل تقريب وجهات النظر بين القاهرة وقائد قوات الدعم السريع".
ولفت المصدر إلى أن "التحركات المصرية، والتي جرى التنسيق بشأنها مع المسؤولين في الإدارة الأميركية، جاءت بعد محاولات إيرانية، لتوسيع حجم انخراطها في الأزمة السودانية من خلال إبداء استعدادها لدعم رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وتزويد الجيش السوداني بالأسلحة والمسيرات، وكذلك إبداء نواياها في إقامة قاعدة بحرية على البحر الأحمر في السودان".
وقال المصدر إن "القاهرة، بشكل عام، ترفض إقامة أي قواعد أجنبية في السودان، لما في ذلك من تهديد مباشر لأمنها"، مشيراً إلى "الموقف المصري الرافض في وقت سابق لإقامة تركيا قاعدة بحرية في سواكن السودانية، خلال عهد الرئيس المخلوع عمر البشير".
القاهرة أطلعت البرهان على خريطة التحرك
وكشف المصدر أن "البرهان، خلال زيارته الأخيرة إلى القاهرة، تم إطلاعه على خريطة التحرك التي تعتزم القاهرة السعي فيها، من أجل التوصل لحل للأزمة، يحتوي المشهد ويمنع انخراط أطراف إقليمية فيه".
هاشم علي: مصر تفتقد السودان للوقوف إلى جانبها وهي تواجه قضية سد النهضة
وأضاف أن القاهرة "حصلت على موافقة البرهان بشأن خريطة التحرك المصرية، والتصورات التي سيتم طرحها على القوى السياسية السودانية التي تعتزم مصر جمعها في القاهرة".
وفي سياق ذلك، قالت الخبيرة في الشؤون الأفريقية، نجلاء مرعي، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المؤكد أن مصر حريصة على أمن السودان، وتسوية النزاع بالطريقة السلمية، والتوصل لاتفاق يجنب السودان ويلات الحرب، خصوصاً أنه لم يستطع أي من طرفي النزاع، أن يحقق نصراً عسكرياً أو يحسم الموقف على أرض الواقع، لأن فكرة الحسم العسكري، غير واقعية في الأزمة السودانية، والسبيل الوحيد هو إنهاء الصراع بالطرق السلمية".
وأضافت أن "هناك احتمالية لإطالة أمد الصراع. وفي ظل تمسك الطرفين بموقفه، لا بد أن تنخرط مصر بشكل فعال في أي جهد لحل هذه الأزمة".
مصر الأقرب للسودان
الخبير في الشؤون الأفريقية، هاشم علي قال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مصر هي الأقرب للسودان بحكم الجغرافيا والتاريخ والهموم السياسية والقضايا المشتركة".
واعتبر أن "حرب السودان الحالية تتحمل فيها مصر أعباءً عديدة، ليس على الجانب الاجتماعي وحده الذي تستضيف فيه مصر ما يقارب الـ3 ملايين لاجئ، ولكن على الجانب السياسي".
وأشار إلى أن "مصر تفتقد السودان للوقوف إلى جانبها في أخطر فترات التاريخ، وهي تواجه قضية سد النهضة، وما يترتب عليها من مشكلة في المياه، التي تمثل لمصر مسألة مصير ومستقبل حياتي، إلى جانب العديد من القضايا التي تحتاج فيها مصر للسودان المستقر".
وتابع: "من ثم يشكل الواقع الحالي في السودان لمصر تحدياً حقيقياً لا بد الالتفات إليه، وبذل قصارى الجهد لتحقيق سلام واستقرار وإعادة السودان للعب دوره الثنائي مع مصر".
وأضاف علي أنه "بحكم نفوذ مصر على الساحة الدولية، وعلاقاتها بالولايات المتحدة الأميركية، ينظر إليها السودانيون للعب الدور المنوط بها لتحقيق السلام في السودان، وهي قادرة على لعب هذا الدور".
وتابع: "بالطبع هناك أطراف إقليمية، تقودها دولة الإمارات، كما كشفت القيادة السودانية ذلك، وهي لا تزال لها أطماع في حل سياسي يحقق لها غايات اقتصادية وسياسية على حساب السودان، وعلى حساب الجامع الإقليمي المشترك بين مصر والسودان".