ومن أشهر الصفحات "فيسبوكية" المتخصصة في مطاردة العرب والتحريض عليهم، صفحة تحمل عنوان "ليس في مدرستنا"، والتي تنشر باستمرار أسماء وصور موظفين عرب، عبروا عن رفضهم للعدوان أو عن سعادتهم بمقتل جنود إسرائيليين في غزة.
ويقوم المشرفون على الصفحة المذكورة بالتوجه للمشغّلين سواء في المستشفيات، أو شركات الاتصالات، والمطاعم، والشبكات التجارية ومختلف المجالات، وتضغط عليهم مطالبة اياهم بطرد هؤلاء العمال، ومحذّرة بمقاطعتها إذا لم تفعل، وهو الأمر الذي لقي استجابة في عدد من الشركات، رغم عدم قانونية الطرد في حالات كثيرة، في حين أعلنت شركات أخرى استدعاء الموظفين الى جلسات استماع.
ويفاخر القائمون على الصفحة والناشطون فيها، بتمكّنهم من التأثير على العديد من المشغّلين، الذين استجابوا لضغوطاتهم وفصلوا من "خانوا إسرائيل"، على حد تعبيرهم، في إشارة لفلسطينيي الداخل الذين أعلنوا جهاراً موقفهم من العدوان ووقوفهم إلى جانب المقاومة الفلسطينية وأهالي غزة.
ويقوم المحرضون بنشر "نجاحاتهم"، على الصفحة المذكورة، ولا يرضون بأقل من إقالة العرب، ويرفضون ردود بعض الشركات والمؤسسات التي تعلن عن دعوة موظفيها وعمالها الى جلسات استماع.
ودفع الضغط من المتطرفين الإسرائيليين، العديد من الشركات لمخاطبة موظفيها، مطالبة إياهم بالتأني قبل نشر أي شيء على صفحات التواصل الاجتماعي، ومن بينها شركة "سلكوم" للاتصالات الخلوية، التي تتمتع بقاعدة واسعة من الزبائن العرب.
كما طالبت شركات إسرائيلية أخرى، موظفيها بالفصل بين العمل وآرائهم الشخصية، وحثتهم على عدم المجاهرة بمواقفهم السياسية، وإذا أصرّوا عليها، فعليهم عدم ذكر المكان الذي يعملون به، تفادياً للمشاكل والتحريض.
وتردد في وسائل إعلام اسرائيلية، أن بعض الشركات هددت موظفيها بالفصل مباشرة من العمل في حال كتبوا على صفحاتهم "مصطلحات عنصرية أو معادية للجيش" أو ما شابه.
وعلى ضوء التطورات الرامية للنيل من الموظفين العرب في أراضي 48، أصدر "كيان تنظيم نسوي"، بياناً وصل إلى "العربي الجديد"، أكد فيه أن "هذه الممارسات تجاه العمال والعاملات العرب تُعتبر انتهاكات فظيعة لحقوق الانسان وتمس بشكل صارخ بحقوقهم العمالية والأساسية، وتعد خرقاً لجميع الاتفاقيات الدولية والقانون الدولي الانساني".
وطالب البيان "العمال عامة، والنساء العاملات خاصة، عدم الصمت على هذه الانتهاكات العنصرية في حال تم طردهم من العمل أو مساءلتهم أو المس بحقوقهم العمالية على خلفية قومية سياسية"، ودعا الى التوجه إلى "جمعيات المجتمع المدني التي تعنى بالموضوع ومن ضمنها كيان (تنظيم نسوي)، لتلقي الاستشارة، والدعم والمساعدة القانونية".
من جهتها، أكدت المحامية، في جمعية "عنوان العامل للدفاع عن حقوق العمال"، غدير نقولا، في تصريح لـ "العربي الجديد"، عدم قانونية اقالة الموظفين بسبب مواقفهم، "الأمر الذي يتنافى أيضاً مع حرية التعبير، وحقهم في المساواة وتكافؤ الفرص في العمل، ويشكل تمييزاً ضدهم، مما يشكل مساً خطيراً بهم".
ولفتت نقولا إلى أن "عمليات الفصل من العمل تطال العرب بسبب مواقف مناهضة للعدوان، في حين أن هناك الكثير من التحريض من مجموعات إسرائيلية متطرفة ضد العرب على صفحات فيسبوك، لكننا لم نسمع عن حالة فصل واحدة لهؤلاء، وهنا تسقط مزاعم بعض الشركات".
وغداة تصعيد حملتهم ضد العرب، بات المحرضون يستهدفون أيضاً بعض الإسرائيليين الذين يخالفونهم الآراء، ويرفضون العدوان على غزة، ووصلت الأمور إلى حد تهديد شخصيات معروفة في الأوساط الإعلامية.
ووسط المتطرفين الذين يسيطرون على المجتمع الإسرائيلي، خرج بعض اليساريين، للتظاهر في تل أبيب وحيفا، في الآونة الاخيرة، مطالبين بإنهاء العدوان والحفاظ على "الشراكة العربية اليهودية" والعودة إلى المفاوضات، لكن هؤلاء جوبهوا بعدد يفوقهم من المتطرفين الذين وصفوهم بالعملاء والخونة وطالبوهم بالرحيل إلى غزة.
وعلى الصعيد الفردي، قامت شركة "مانو سفينوت" الإسرائيلية التي تنظم رحلات سياحية بحرية، بفصل مروّجة حملاتها الإعلانية، أورنا بناي، المعروفة بميولها اليسارية، إثر مقابلة صحفية انتقدت خلالها "تشدد" الإسرائيليين في ظل العدوان على غزة، والمناخ العام السائد.
وعقب تهديدات طالتها وعائلتها، تحول موقف بناي كلياً، إذ أشارت إلى أنه تم تفسير كلامها بشكل مغلوط، حتى وصل بها الأمر الى أن تكتب عبر صفحتها على "فيسوك"، أنها تؤيد العدوان على غزة.
من جهتها اعترفت الشركة من خلال حسابها على "فيسبوك" بأنها فصلت بناي، بعد أن تلقت تعليقات كثيرة غاضبة منها، ولما اعتبرته "مساً بجمهور إسرائيلي عريض" من خلال تصريحاتها.
أما الكاتب الصحافي في جريدة "هآريتس"، جدعون ليفي، فقد استعان بحراس شخصيين، بحسب ما أوردته جريدة "غلوبز" الإسرائيلية، نتيجة تهديدات تلقّاها بسبب موقفه المعارض للعدوان على غزة.
ولم تقتصر التهديدات على شخصيات معروفة، بل طالت مواطنين أيضاً، ومنهم طالبة اسرائيلية في جامعة تل أبيب، كتبت انها تريد التظاهر مع أصدقائها الفلسطينيين ضد الجيش الإسرائيلي، فنشرت صفحة "ليس في مدرستنا" اسمها وناشدت الناشطين المساعدة في التعرف إلى مكان عملها للمطالبة بفصلها.