حملة الاستفتاء على الدستور في تونس.. مقاطعة واسعة ومشاركة لا تكاد تذكر

30 يونيو 2022
تظاهرة في تونس العاصمة للمطالبة بمقاطعة الاستفتاء على الدستور (Getty)
+ الخط -

أعلنت هيئة الانتخابات المعينة في تونس، قائمة المشاركين في حملة الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، المرتقب في 25 يوليو/تموز المقبل، وسط مقاطعة حزبية غير مسبوقة.

وأكّد رئيس الهيئة فاروق بوعسكر، خلال مؤتمر صحافي، اليوم الخميس، أنّه "تمّ احترام  مسار دعوة الناخبين والمصادقة على روزنامة الاستفتاء"، مشيراً إلى الاستعداد "لتأمين موعد الاستفتاء في أحسن الظروف".

وأعلن بوعسكر "تلقي الهيئة 169 تصريحاً للترشّح، وتمّ إصدار قائمة نهائية بالملفات المقبولة وعددها 161 مترشحاً للاستفتاء، من بينهم 24 حزباً سياسياً و110 أشخاص طبيعيين و27 جمعية ومنظمة".

وأضاف أنه "تمّ رفض 8 ملفات وفتح باب الاعتراض أمام القضاء الإداري"، موضحاً أنّ "أسباب الرفض تمثّلت بعدم احترام الآجال أو نقص في الوثائق أو من ليست له صفة مقبولة".

وبيّن بوعسكر "توفير إطار بشري مهم لتأمين الاستفتاء بالمقرّات المركزية والهيئات الفرعية يضمّ 84 ألف عون مكلّف الإشراف على مكاتب ومراكز الاقتراع".

وأوضح أنّ "عدد المنتدبين شهد ارتفاعاً بنحو 24 ألف عون إضافي مقارنة بالمواعيد الانتخابية السابقة، مشيراً إلى أنّ ذلك بسبب رفع ساعات الاقتراع والتصويت التي تنطلق من الساعة 6 صباحاً إلى 10 ليلاً".

وبلغ عدد المسجلين في الاستفتاء نحو 9 ملايين و300 ألف، بعد فتح باب التسجيل الآلي، فيما كان عدد الناخبين أكثر من 7 ملايين، نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ويتوزع عدد الناخبين بين 8,939,773 مسجلاً داخل البلاد، و356.291 مسجلاً بالخارج، وبلغ عدد المسجلين إرادياً منذ بداية فترة الاستفتاء 81 ألف تسجيل و22 ألف تحيين، بينما سُجّل 2,335,238 مواطناً آلياً استناداً إلى هوياتهم في وثائق الهوية الرسمية.

واقتصرت قائمة الأحزاب الـ 24 (من نحو 250 حزباً مسجلاً) على غالبية من الأحزاب الصغرى وحديثة التأسيس، التي أعلنت مساندتها للمسار الذي انتهجه الرئيس قيس سعيّد منذ 25 يوليو/تموز 2021.

وخلت القائمة من الأحزاب البرلمانية والفائزة في انتخابات 2019 إلا من حركة الشعب المساند لقيس سعيّد، بينما "الاتحاد الجمهوري الشعبي" و"آفاق تونس" أعلنا معارضتهما للدستور الجديد، بالإضافة إلى مشاركة النائب المفصول من حزب الوطنيين الديمقراطي، منجي الرحوي، فردياً. 

وتقتصر الأحزاب الممثلة في البرلمان والمشاركة في حملة الاستفتاء على الدستور على:

  • حركة الشعب (16 نائباً)
  • حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري (3 نواب)
  • حزب آفاق تونس (نائبان)
  • حزب الراية الوطنية (نائب واحد)

في حين أنّ بقية الأحزاب المشاركة غير ممثلة في البرلمان، وهي: حركة تونس إلى الأمام، حزب التيّار الشعبي، حزب التحالف من أجل تونس، حزب السعادة، حزب الحشد الشعبي، حزب حركة الشباب، حزب الشعب يريد، الائتلاف الوطني التونسي، وحزب الخضر للتقدم.

فيما أظهرت القائمة مقاطعة غالبية الأحزاب البرلمانية:

  • حركة النهضة (52 مقعداً من أصل 217)
  • وقلب تونس (38 مقعداً)
  • وائتلاف الكرامة (21 مقعداً)
  • والتيار الديمقراطي (22 مقعداً)
  • والدستوري الحر (17 مقعداً)
  • وتحيا تونس (14 مقعداً)
  • ومشروع تونس (4 مقاعد)
  • وحزب البديل (3 مقاعد)
  • وحزب الرحمة (4 مقاعد)

ماذا عن الاتحاد التونسي للشغل؟

من جهة أخرى، وبالنسبة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر الأطراف المشاركة في حملة الاستفتاء، يعتبر المراقبون أنّه سيحدد موقفه خلال كامل الحملة بما يمكن من قلب موازين القوى. 

ولاحظ مراقبون غياب منظمات كبرى كان يتوقع وجودها، على غرار منظمة رجال الأعمال واتحاد الفلاحين ورابطة حقوق الإنسان واتحاد المرأة والمحامين، وهي منظمات عوّل عليها الرئيس سعيّد في إضفاء شرعية على الحوار الوطني الذي عقده، خلال الأسبوعين الماضيين. 

متى موعد انطلاق حملة الاستفتاء على الدستور في تونس؟

وينتظر التونسيون والمشاركون أن يفصح سعيّد، اليوم الخميس، عن مشروع الدستور كما نصّ على ذلك في الأمر الرئاسي، حتى يتسنى للمشاركين تحديد موقفهم خلال يومي 1 و2 يوليو، وإيداع تصريح بمساندتهم أو معارضتهم للدستور. 

وتنطلق الحملة الدعائية للاستفتاء بداية من يوم 3 يوليو وحتى 21 يوليو، فيما يتوجه التونسيون للتصويت على مشروع الدستور بـ"نعم" أو ''لا" يوم 25 يوليو داخل البلاد، وتنطلق عملية التصويت في الخارج اعتباراً من 23 يوليو.

ورأى المحلل السياسي والباحث في الفلسفة السياسية المعاصرة، شكري بن عيسى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "المشاركة تعكس ما يوجد واقعياً في الساحة، فهناك أطراف حزبية قبلت بما يسمى مسار 25 يوليو وداعمة له، وأطراف أخرى لها تحفظات تعترض على ذلك، وعلى الاستفتاء لإرساء دستور جديد. وهناك أطراف أخرى مقاطعة أساساً لمسار 25 يوليو باعتباره غير دستوري ولا مرجعية قانونية له".

وأضاف: "لا يوجد من بين المشاركين في الحملة سوى الأحزاب المناصرة لسعيد، أو المعترضة على الدستور، ولكن ليس لديها إشكالية كبرى مع ما يسمى مسار 25 يوليو"، مشيراً إلى أنّ "هناك أحزاباً شاركت في حملة الاستفتاء، ولكنها معترضة، على غرار الاتحاد  الشعبي الجمهوري وآفاق تونس".

وشدد بن عيسى على أنّ "الملاحظة الأبرز أنّ الأغلبية الساحقة للأحزاب البرلمانية لم تشارك وقاطعت الاستفتاء". 

وتابع: "النفور والمقاطعة الحزبية الواسعة من الأحزاب البرلمانية والفائزة في انتخابات 2019 كانا أمراً متوقعاً، لأنّ هذه الأحزاب منذ المنطلق كانت ضحية حلّ البرلمان، وفقدت مواقعها في السلطة التشريعية، وكذلك لأنّ المسألة مبدئية باعتبار الانحراف بالفصل الـ 80 من الدستور الذي يسمح باتخاذ تدابير استثنائية، لكنه لا يسمح بتغيير الدستور أو إرساء دستور ونظام سياسي جديد، وهذه الأحزاب معترضة جوهرية على هذا المسار".

واستنتج أنّ "هناك مشاركة عدد قليل من الأحزاب في الحملة، منها التي لم تفز في انتخابات 2019، كالتيار الشعبي وحركة تونس إلى الأمام، والتي ليس لها وزن ولا حضور قوي في المشهد الإعلامي، في وقت أنّ المشهد الإعلامي وهو محرك للمواطنين للذهاب نحو الاستفتاء، سيؤثر في الإقبال على التصويت".

ولفت بن عيسى إلى أنّ "مقاطعة الأحزاب للاستفتاء سلاح ذو حدين، فهي من جهة ستضعف المنافسة الإعلامية على الاستفتاء بما يجعل المواطن غير مهتم بالاستفتاء وسيؤثر في الإقبال، ومن ناحية أخرى قد تفقد هذه الأحزاب موقعها الإعلامي، وربما لن تحضر في المشهد وتفقد بذلك صوتها وإبلاغ حججها ومبرراتها لمقاطعة الاستفتاء".

من جهة أخرى، لفت إلى أنّ "الاتحاد العام التونسي للشغل أبرز المشاركين"، فـ"القضية وطنية، وكتابة الدستور ليست مسألة سياسية فحسب، بل هي عقد اجتماعي وميثاق وطني جامع، وسيكون للمنظمة النقابية العمالية كلمتها"، مذكّراً بأنه "انطلاقاً من مواقف اتحاد الشغل وتصريحاته فهو ليس من أنصار وضع دستور جديد، بل من أنصار تعديل دستور 2014".

وتتجه هيئة الانتخابات المعينة في تونس إلى حرمان المقاطعين للاستفتاء الحضور الإعلامي، من خلال وضع ضوابط على وسائل الإعلام بالتنسيق مع هيئة الاتصال السمعي البصري أو بمتابعة الأحزاب والمنظمات المخالفين لقراراتها، في انتظار نشر القرار بعد توقيعه، الجمعة.

وعلق نقيب الصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي، على صفحته في فيسبوك، قائلاً إنّ "تصريحات أعضاء من هيئة الانتخابات بخصوص الأطراف غير المدرجة بالقائمة لن يكون بإمكانها المشاركة في الحملة ولن يكون لها حق الولوج لوسائل الإعلام في أثناء الحملة، يعني تنظيم استفتاء مستعجل وفق منطق المغالبة والمرور بقوة دون التحضير الجيد لإنجاحه... () وما زال هناك من يتحدث عن نزاهة وشفافية الاستفتاء".

المساهمون