بعد أسابيع من الخلافات، سلم تحالف قوى "إعلان الحرية والتغيير" في السودان قائمة من 17 مرشحاً تمثل نصيب التحالف من الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة.
ويأتي ذلك بعد خلافات عميقة ضربت التحالف الذي قاد الثورة ضد نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وتركزت الخلافات حول حصة كل من الأحزاب والتحالفات الداخلية.
وأعلنت لجنة الترشيحات في "الحرية والتغيير"، التي سلمت القائمة لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، على لسان عضوها إبراهيم الشيخ، في تصريح صحافي عقب التسليم، أنها "بذلت جهوداً كبيرة منذ فترة ليست بالقصيرة، تُوِّجَت اليوم بالفراغ من إعداد قائمة الوزارات السبع عشرة المعنية بها الحرية والتغيير، وتسليمها لرئيس الوزراء".
ويتوقع خلال الساعات القادمة أن تتقدم حركات الكفاح المسلح، التي انضمت إلى الحكم عقب توقيعها اتفاق سلام مع الحكومة، بقائمة ترشيحات مماثلة لسبعة حقائب وزارية. كما ينتظر أن يسمي المكون العسكري شخصيتين لتولي حقيبتي الدفاع والداخلية، على أن يكتمل الإعلان النهائي للحكومة يوم الخميس المقبل.
وأضاف الشيخ في تصريحاته أن القائمة تضمنت السيرة الذاتية لكل مرشح، مشيراً إلى أن هذه الترشيحات خضعت لمعايير دقيقة جداً، متعلقة بالوعي السياسي الكافي بالتحديات التي تجابه البلاد، بجانب التأهيل الأكاديمي والخبرة العلمية. وأشار إلى أن كافة المعايير، التي تؤهل الوزير ليكون كفئاً، قد جرت مراعاتها في اختيارات الوزارات المختلفة، مؤكداً أن الترشيحات عبّرت إلى مدى بعيد جداً عن التنوع والتعدد في السودان.
كما أكد أن كافة الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة تتأهب لمجلس وزراء جديد ينهض بالمهام، معلناً عن إعداد تصور لبرنامج المرحلة القادمة يشمل رؤى اقتصادية وأمنية وعلاقات خارجية سيتم التوقيع عليه ابتداءً قبل إعلان التشكيل الوزاري.
وبتسليم التحالف قائمة مرشحيه بعد تجاوزه النسبي للخلافات، يكون السودانيون على مقربة من تشكيل الحكومة الثانية بعد الثورة التي أطاحت بنظام حكم "المؤتمر الوطني" العام قبل الماضي.
وباتت شبه مؤكدة مغادرة كل الوزراء في الحكومة الحالية، عدا 3 وزراء، هم وزير العدل نصر الدين عبد الباري، ووزير الري والموارد المائية ياسر عباس، ووزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح.
أما أبرز القادمين الجدد، طبقاً للعديد من التسريبات، فبينهم مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب "الأمة القومي" والمرشحة بقوة لوزارة الخارجية، وجبريل إبراهيم المرشح لوزارة المالية، وإبراهيم الشيخ، القيادي في حزب "المؤتمر السوداني"، المرشح لوزارة الصناعة، وخالد عمر يوسف لشؤون مجلس الوزراء، فيما لم يعلم شيء عن ترشيحات المكون العسكري للدفاع والداخلية.
ومن المنتظر أن تخضع كل قوائم الترشيحات للفحص الأمني بواسطة الأجهزة الأمنية، قبل الإعلان الرسمي عن الحكومة واعتمادها نهائياً من قبل مجلس السيادة.
ولا يُلقي الشارع السوداني، خاصة الأوساط الثورية، بالاً لما سيتم من تغيير، بعد خيبة الأمل التي أصيب بها من أداء الحكومة الأولى، رغم الإقرار بالاختراقات على الصعيد الخارجي، لكنه يحفظ لها فشلها الواضح في الجوانب الاقتصادية والمعيشية.
وتتجلى أبرز تمظهرات الفشل في غلاء أسعار السلع الضرورية، وندرة بعضها مثل الخبز والوقود والدواء وغاز الطبخ، عدا تدني قيمة الجنيه السوداني، وزيادة نسبة التضخم ورفع الدعم عن بعض السلع والخدمات.
كما وجهت للحكومة الحالية انتقادات واسعة بشأن التفلتات الأمنية في عدد كبير من ولايات السودان، خاصة في دارفور التي تستمر فيها النزاعات القبلية، وهي انتقادات توجه أكثر إلى المكون العسكري المعني بالأساس بالملفات الأمنية.
ومن المتوقع أن تواجه الحكومة جبهة معارضة أكبر ومن اتجاهات عدة، أولها داخل التحالفات الحكومية، فداخل كل حلف سياسي مجموعة من الرافضين للترشيحات، بما في ذلك الشركاء الجدد في الحكم، على غرار الاتهامات التي وجها الأمين العام للحركة الشعبية إسماعيل جلاب لرئيس الحركة مالك عقار، بتجاوزه وعدم التشاور معه في مسألة الترشيحات.
ولم يكتف جلاب بالتصريحات الصحافية، وذهب أبعد بمخاطبة رئيس الوزراء بعدم اعتماد أي ترشيحات من جانب الحركة، وكذلك استبق تجمع القوى المدنية عملية تسليم قوائم الترشيحات بالاجتماع مع رئيس الوزراء، لإبلاغه احتجاجه على ما عده محاصصة حزبية في القوائم الجديدة.
كما أن لجان المقاومة، الجسم الأكثر تأثيراً في تحريك الشارع، جمدت في الأيام الماضية عضويتها في "الحرية والتغيير"، فضلا عن "تجمع المهنيين"، و"الحزب الشيوعي السوداني"، اللذين انسحبا باكراً من التحالف، وصعّدا منذ فترة خطابهما ضد الحكومة ولم يترددا في إعلان رغبتهما في الإطاحة بها.