قال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، إن حكومته تفعل كل ما في وسعها لتحقيق العدالة، مع مراعاة استقلالية القضاء، وذلك في خطاب وجهه الأربعاء للشعب السوداني، بمناسبة الذكرى الثانية لواقعة فض اعتصام محيط قيادة الجيش السوداني، التي توافق الثالث من يونيو/ حزيران.
وأوضح حمدوك أن استقلالية الأجهزة العدلية، واحد من المطالب التي سعت ثورة ديسمبر (الثورة السودانية) لتحقيقها، حاثاً الجميع على الصبر على آليات العدالة لضمان بناء أجهزة عدلية مستقلة لا تخضع لأهواء الأنظمة.
وأشار إلى أن واقعة فض الاعتصام واعتصامات الولايات كانت حدثا إجراميا قدم فيها الشعب عشرات الشهداء والشهيدات من المدنيين السلميين الذين حافظوا على سلمية ثورتهم رغم كل العنف الذي واجهتهم به السلطة، منوهاً إلى أن تلك الجريمة حفرت جرحاً غائراً في نفوس أبناء وبنات الشعب، لن يندمل إلا بتحقيق العدالة وتقديم المجرمين للقضاء ليقول كلمته.
وكان أكثر من 128 من المعتصمين لقوا مصرعهم في فض الاعتصام، وأصيب المئات، وينتظر الشارع وأسر الشهداء صدور تقرير لجنة التحقيق الوطنية حول الحادثة.
وأكد رئيس الوزراء أن حكومته وضعت قضية تحقيق العدالة في مقدمة اهتماماتها، فشكلت لجنة التحقيق المستقلة تحقيقاً لأحد بنود الوثيقة الدستورية، وحققت في عدد من قضايا الشهداء، وصل بعضها للمحاكم التي تجري الآن في الأبيض، وربك، وعطبرة، والخرطوم، والحصاحيصا، وصدر في بعضها أحكام، ولا تزال لجان التحقيق تواصل العمل في بقية الملفات بغرض جمع الأدلة وتقديم قضايا متماسكة للقضاء، حتى لا يهرب المجرمون من المساءلة.
وأضاف حمدوك أن الحكومة تتواصل مع المحكمة الجنائية الدولية، وفتحت باب التفاوض معها منذ اللحظة الأولى لتشكيل الحكومة، وهي تتدارس مع المحكمة ومع مجتمعات الضحايا في أفضل السبل لمثول المتهمين المطلوبين دولياً أمام هذه المحكمة.
كما أنها تعمل على الإسراع في تكوين مفوضية العدالة الانتقالية، وهي إحدى الوسائل التي عرفتها المجتمعات الحديثة لتحقيق العدالة في القضايا التي يصعب فيها استخدام وسائل العدالة العادية، وستعمل المفوضية فور إعلانها على إجراء حوار موسع حول قانون العدالة الانتقالية، حتى يأتي ملبياً لتطلعات الضحايا ومجتمعاتهم، ويكون قادراً على تحقيق جوهر العدالة.
وأوضح حمدوك أن العلاقة المعقدة مع الأجهزة الأمنية المتعددة، تلعب دوراً أحياناً في إبطاء عجلة العدالة وتأخير تقديم المعلومات المطلوبة للجان التحقيق والنيابة، مبيناً أن الحكومة تجري حوارات مستمرة مع هذه الأجهزة وقياداتها لإجراء معالجة شاملة لهذه العلاقة.
وأبان أن الانتهاكات والجرائم التي تطاول الأبرياء جراء النزاعات والفتن القبلية أو الصراعات الصغيرة التي تكبر لأسباب متعددة، لن يتحقق لها الحل الجذري المستدام إلا في الإطار السياسي والأمني الشامل، ما يتطلب تضافر الجهود من الحكومة التنفيذية والأجهزة الأمنية والعدلية وقيادات المكونات الاجتماعية كافة.
ومع الدعوات لمواكب يوم غد لإحياء الذكرى الثانية والمطالبة بإسقاط الحكومة، ذكر حمدوك أن حكومته تتفهم الغضب العارم وسط أسر الضحايا وبين شباب المقاومة، ورغبتهم في تسريع عجلة العدالة لكشف المجرمين ومثولهم أمام القضاء العادل.
وأكد أنها تحترم حراكهم السلمي للتعبير عن هذه المطالب، وجدد حرصه على ضمان سلامة المشاركين في هذا الحراك، وحماية مساراته والمشاركين فيه، حاثاً المنظمين للمواكب على الالتزام بالطابع السلمي، وألا يسمحوا لكائن من كان باستغلالها لحرفها عن المطالب التي خرجت من أجلها وإثارة الفتنة.
في السياق، قال الجيش السوداني إنه سيغلق جميع الطرق المؤدية إلى محيط قيادته العامة بالخرطوم، اعتباراً من صباح غد الخميس، وأهاب في بيان بجميع المواطنين الابتعاد عن حرم القيادة العامة للقوات المسلحة والبحث عن طرق بديلة.
وكانت تيارات سياسية وأسر شهداء الثورة قد دعت إلى مواكب بوسط الخرطوم تتوجه لمجلس الوزراء، تحت شعار "مواكب العدالة والقصاص".