وقّع الرئيس الباكستاني عارف علوي، اليوم الخميس، على مسوّدة حلّ البرلمان، التي رفعتها إليه حكومة شهباز شريف، وكان متوقعاً بموازاة ذلك أن يعيّن رئيس لحكومة انتقالية، الأمر الذي لم يحصل، ربما بسبب خلافات بين أعضاء التحالف الحاكم. مع ذلك، أكد شريف أنه التقى رئيس المعارضة في البرلمان راجه رياض، وأنه سيعلن رئيس الحكومة الانتقالية خلال ثلاثة أيام.
وقال مكتب الرئيس علوي، في بيان، إن الرئيس وقّع على مسوَّدة حلّ البرلمان التي أرسلها مكتب رئيس الوزراء، وبموجبه حلّ البرلمان بعد أن أكمل فترته الدستورية، وذلك تحت المادة الدستورية رقم 58 (1).
وفي خطاب له أمام آخر جلسة للبرلمان (جسلة الوداع)، قال رئيس الوزراء الباكستاني إن ما واجهته الحكومة الباكستانية خلال الأشهر الـ16 الماضية لم تواجهه أي حكومة في تاريخ باكستان، وكانت مساندة البرلمان لها دعماً وسنداً لقراراتها، كذلك حافظ البرلمان على اللحمة الوطنية.
وأضاف شريف أن باكستان بحاجة إلى التلاحم والتأزر من قبل جميع الأطراف والقوى السياسية والدينية، وأنها تمرّ بمرحلة حرجة للغاية، من هنا اتخذت حكومته "قرارات صارمة"، دون أن يذكر تلك القرارات.
وجدد شريف وعده بخدمة البلاد أكثر فأكثر إذا ما جاء مرة أخرى رئيساً للوزراء.
في المقابل، قال رئيس الوزراء السابق، القيادي الأهم في حزب شهباز شريف، سيد خاقان عباسي، إن هذا البرلمان أسوأ البرلمانات التي شهدتها باكستان في تاريخها، ولم ينجز شيئاً للشعب سوى الانقسام.
وطلب عباسي الصفح من الشعب الباكستاني، لأنه كان عضو هذا البرلمان، مؤكداً أن "الشعب الباكستاني سيكون سعيداً بعد التخلص من هذا البرلمان الذي كان وصمة عار على جبهة الجميع".
زعيم الجماعة الإسلامية سراج الحق قال، في بيان، إن "الحكومة الحالية والبرلمان كانا أسوأ ما شهدته باكستان، وحاولا فقط إخفاء قضايا الفساد في حق مسؤولين".
ودعا سراج الحق البرلمان والحكومة، ورئيس الوزراء خصوصاً، إلى طلب صفح الشعب عنهم، وهو الشعب الذي "عانى كثيراً بسببهم. البرلمان والحكومة لم يعطيا الشعب إلا غلاء أسعار الكهرباء والغاز والوقود".
بدأ البرلمان الباكستاني عمله في 13 من أغسطس/آب 2018، بعد انتخابات أجريت في في العام ذاته، وكان من المتوقع أن يحلّ قانونياً في 12 من الشهر الجاري، وفق الدستور، الذي ينص على إجراء الانتخابات العامة في البلاد خلال 60 يوماً إذا أكمل البرلمان فترته الدستورية، ولكن إذا حُلّ قبل إكمال فترته القانونية، ولو بيوم واحد، تعقد الانتخابات العامة خلال 90 يوماً من تاريخ حلّ البرلمان. وهو ما جعل رئيس الوزراء شهباز شريف يقوم بحله في التاسع من الشهر الجاري.
الخبير القانوني الباكستاني عصمت الله مروت، قال لـ"العربي الجديد"، إن "شريف والأحزاب المتحالفة... أرادوا حلّ البرلمان قبل موعده الأصلي بثلاثة أيام، الآن لزام عليهم أن يجروا الانتخابات خلال 90 يوماً بدلاً من 60 يوماً، لكنهم لا يريدون ذلك أيضاً. لذا، هناك خلافات على تعيين رئيس للحكومة الانتقالية، إذ من المهام التي تتركها الحكومة الحالية للحكومة الانتقالية تأجيل عملية الانتخابات، فمن بين أعضاء التحالف، لا يريد حزب الشعب الباكستاني تأجيل الانتخابات، وسيبدأ من الغد حملته الانتخابية، كما أعلن وزير الخارجية بلاول بوتو زرداري أمس. وبوتو هو القيادي في حزب الشعب، ونجل زعيم الحزب أصف علي زرداري، بينما يسعى حزب رئيس الوزراء، حزب الرابطة الإسلامية، بكل قوة لتأجيل الانتخابات، من هنا تعقدت عملية تعيين رئيس للحكومة الجديدة".
وعيّن البرلمان الحالي، عارف علوي رئيساً للجمهورية، كذلك عيّن رئيسين للوزراء، هما رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف، ورئيس الوزراء السابق عمران خان، وكان الشيء الأكثر خصوصية في البرلمان الخامس عشر، وأنه أطاح حكومة رئيس الوزراء عمران خان من منصبه من خلال سحب الثقة عنه في شهر إبريل من العام الماضي.
وكان البرلمان قد عيّن في 18 أغسطس/آب 2018 عمران خان رئيساً للوزراء بحصوله على الأغلبية، لكن المعارضين له احتجوا على ذلك واتهموه بتزوير الانتخابات، كما اتهموا المؤسسة العسكرية بالوقوف وراء التزوير لصالح عمران خان.
وفي 22 من مارس/آذار عام 2022، أعلن 22 عضواً من نواب حزب عمران خان الانفصال عن خان وتشكيل فرع جديد داخل البرلمان. أما في 9 إبريل/نيسان من العام نفسه، فنجحت عملية سحب الثقة عن عمران خان وأُزيح عن رئاسة الحكومة.
في 11 إبريل 2022، قدم نواب حزب عمران خان، وعددهم 125 نائباً، الاستقالة من البرلمان، بينما لجأ 20 آخرون، انشقوا عن الحكومة، إلى مقاعد المعارضة، برئاسة راجا رياض، القيادي السابق في حزب عمران خان، وهم من تسميهم الحكومة معارضة داخل البرلمان، ويتشاور معهم رئيس الوزراء شهباز شريف بشأن تشكيل الحكومة الانتقالية.
يقول المحلل السياسي الباكستاني محمد عمران يوسف زاي لـ"العربي الجديد" إن "البرلمان الحالي كان من اليوم الأول معرَّض للجدل، فاتهم أعضاء التحالف الحاكم خان بأنه حصل على دعم المؤسسة العسكرية التي أجرت تزويراً لصالحه في الانتخابات الماضية، لكن بعد سحب الثقة منه، اتهم عمران خان المؤسسة العسكرية بالتأمر عليه والوقوف مع التحالف الحاكم. لم يشهد البرلمان حالة استقرار، ولو يوماً واحداً، خصوصاً في مرحلة حساسة للغاية شهدتها المنطقة والداخل الباكستاني.
"لم يتمكن التحالف الحاكم حتى الآن من تعيين رئيس للحكومة الانتقالية، بسبب الخلافات الداخلية بين أعضاء التحالف، والخلافات بين الحكومة والمعارضة"، كما يقول يوسف زاي، مشيراً إلى أن "تأجيل الانتخابات إلى فترة معينة قد يكون من أعظم أسباب الخلاف بين أعضاء التحالف الحاكم، كذلك كل حزب يريد أن يأتي على رأس الحكومة من هو أقرب إليه".