حكومة ليبيا تحشد دولياً قبيل المؤتمر الوزاري... هل تسعى السلطة الحالية لتمديد وجودها؟

19 أكتوبر 2021
أنهت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش زيارة أوروبية بالأمس (Getty)
+ الخط -

أنهت وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش، أمس الإثنين، زيارة أوروبية، التقت خلالها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، في إطار استعداد ليبيا لعقد مؤتمر دولي وزاري لمناقشة مبادرة "استقرار ليبيا"، الخميس المقبل، في وقت رجحت مصادر ليبية رفيعة إمكانية تزايد الأزمة الحكومية في ليبيا.

ودعت المنقوش نظراءها الأوروبيين، خلال اجتماع عقدته معهم على هامش اجتماع مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي في لوكسمبورغ، أمس الإثنين، إلى الاضطلاع بدورهم وتقديم المساعدة اللازمة لليبيين في الوصول إلى الاستقرار المنشود، وإنهاء المراحل الانتقالية، من خلال دعمهم لمبادرة استقرار ليبيا كــ"أول مبادرة ليبية خالصة تهدف إلى تحقيق الاستقرار الكامل في ربوع ليبيا كافة"، وفقا لبيان لوزارة الخارجية الليبية. 

ومن جانبه، أكد الممثل السامي للاتحاد الأوروبي المكلف بالشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيف بوريل، "استعداد الاتحاد الأوروبي الكامل لتقديم الدعم اللازم والمطلوب لإنجاح هذه المبادرة وصولًا لتحقيق الاستقرار في كامل ربوع ليبيا". 

وتستعد ليبيا لاستضافة مؤتمر دولي وزاري، الخميس المقبل، برعاية المجلس الرئاسي والحكومة، لطرح مبادرة استقرار ليبيا، التي أوضحت المنقوش، في بيان متلفز مساء الأحد، أنها تقوم على مسارين، هما المسار الأمني العسكري والمسار الاقتصادي التنموي، بالإضافة لـ"حشد الدعم اللازم للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات لتمكينها من أداء دورها بشكل إيجابي". 

وفي الأثناء، كشف مصدر دبلوماسي ليبي رفيع، لــ"العربي الجديد"، أن المنقوش ناقشت مع بوريل ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مضمون المبادرة التي تتلخص في عقد انتخابات برلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل وتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى العام القادم، مبررة ذلك بضرورة تمكين السلطات الحالية من إنجاز عدة ملفات هامة تتعلق بالاستقرار في كامل المنطقة، وعلى رأسها ملف مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وتعهُّد السلطات الليبية الحالية بذلك. 

كما أطلعت المنقوش وزراء الاتحاد الأوروبي، بحسب ذات المصدر، على الخطة الليبية التي اتفق عليها أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 بشأن مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة وضرورة أن يتوافق المجتمع الدولي حول وضع جدول زمني لمراحلها كأهم ضامن لتنفيذها. 

وجاء لقاء المنقوش بنظرائها الأوروبيين في لوكسمبورغ، بعد يوم واحد من زيارتها للعاصمة التركية أنقره، ولقائها بنظيرها مولود جاووش أغلو، فيما تستعد لزيارة قريبة للعاصمة الروسية موسكو، وفقا للمصدر الدبلوماسي ذاته، الذي أشار إلى أن الزيارات الأخيرة تهدف إلى حشد أكبر قدر من الدعم الدولي للمبادرة الليبية، واستثمار الوضع الليبي القائم، والذي يشهد أزمات متعددة، ويجعل من خيارات المبادرة التي ستُطرح، خلال المؤتمر، أكثر قبولا. 

وفي الأثناء، أجرت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري دي كارلو، عددا من اللقاءات مع مسؤولين ليبيين، خلال زيارتها التي بدأت أمس الإثنين، حيث التقت عضوي المجلس الرئاسي موسى الكوني وعبد الله اللافي، ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، وناقشت ثلاثة ملفات، هي الانتخابات وانسحاب القوات الأجنبية من ليبيا والهجرة غير الشرعية، قبل مشاركتها في المؤتمر الدولي الليبي الخميس المقبل. 

وعلى الصعيد المحلي، أكد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، لعدد من الزعامات القبلية في شرق البلاد، خلال لقائه بها أمس الإثنين في مدينة المرج، على ضرورة مشاركة مكونات شرق ليبيا في "المحافظة على ما تحقق في إطار الوحدة الوطنية"، و"المساعدة على توحيد جميع مؤسسات الدولة والعمل على تحقيق مدنيّة الدولة"، وفقا للمكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي. 

القطراني يجري اتصالات كثيفة مع عدد من الشخصيات الليبية، المعارضة لسياسات رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في مختلف مناطق ليبيا، بهدف الضغط على الأخير

وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها المنفي، خلال زيارته لمناطق شرق ليبيا والتي بدأت الخميس الماضي، فإن الأزمة الحكومية، التي انفرجت أخيرا، من المرجح أن تشهد تصعيدا أكثر من جانب النائب الأول لرئيس الحكومة، حسين القطراني، بعد بياناته السابقة التي اتهم فيها رئيس الحكومة بتهميش إقليم برقة. 

وبحسب مصادر ليبية مقربة من الحكومة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن القطراني يجري اتصالات كثيفة مع عدد من الشخصيات الليبية، المعارضة لسياسات رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في مختلف مناطق ليبيا، بهدف الضغط على الأخير وقبوله بتغيير عدد من شاغلي المراكز الحكومية، ومنها مؤسسات على علاقة بالشأن الاقتصادي كالمؤسسة الليبية للاستثمار، التي تعد أهم صندوق ليبي استثماري في الداخل والخارج بمليارات الدولارات. 

وفي هذا السياق، دعا القطراني، في بيان مقتضب ليل البارحة، إلى ضرورة "الإسراع في إعداد مشروع الهيكل التنظيمي لديوان مجلس الوزراء"، وعلل دعوته بأن بعض المؤسسات الحكومية "تعمل بغير المنصوص عليه بالهيكل التنظيمي المعمول به". 

وأرجعت المصادر مساعي القطراني الأخيرة إلى أنها جاءت على خلفية إدراكه بأن التهديد بتقسيم الحكومة، الذي تضمنته بياناته السابقة، لن يؤتي نتائج، خصوصا مع الرفض الواسع بين مكونات شرق ليبيا بعد لقاءات المنفي الأخيرة، مشيرة إلى أن المساعي التي يبذلها القطراني لتغيير عدد من المراكز الحكومية تهدف إلى تكوين حلف مع شخصيات في غرب وجنوب البلاد لتوسيع دائرة المعارضة ضد الدبيبة.

معارضو الدبيبة وتأجيل الانتخابات الرئاسية

من جهة أخرى، تقول المصادر إن معارضي الدبيبة باتوا يستشعرون موافقة دولية، خلال المؤتمر الوزاري الخميس المقبل، على تأجيل الانتخابات الرئاسية، ما يعني بقاء المجلس الرئاسي في المشهد، ومن ثم فالتغييرات ستطاول وزارات الحكومة ومؤسسات الدولة فقط، كون الدبيبة منتخبا من ملتقى الحوار السياسي كرئيس للحكومة إلى جانب أعضاء المجلس الرئاسي الثلاثة ولن يطاوله أي تغيير محتمل. 

وتتواتر مؤشرات التغيير في شكل إجراء الانتخابات المقبلة؛ فمع تراجع المواقف الحادة لمجلسي النواب والدولة بشأن تشريعات الانتخابات ومواعيد إجرائها، أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عزمها على عقد مؤتمر صحافي بعد انتهاء أعمال المؤتمر الدولي الوزاري. 

وذكرت المفوضية أن مسؤوليها سيعقدون مؤتمرا صحافيا، يوم الأحد المقبل، حول مستجدات التشريعات والقوانين الصادرة بشأن انتخاب رئيس الدولة ومجلس النواب، مشيرة إلى أن المؤتمر الصحافي سيتناول "آخر التطورات على ساحة العمليات الانتخابية". 

المساهمون