حقائق تدحض رواية الاحتلال الإسرائيلي بشأن اغتيال عائشة نور

12 سبتمبر 2024
فلسطيني يرفع صورة عائشة نور خلال تأبينها في نابلس، 8 سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تحقيق واشنطن بوست**: كشفت الصحيفة أن مقتل عائشة نور إزغي إيغي لم يكن "حدثاً عرضياً" كما زعم الجيش الإسرائيلي، مستندة إلى شهادات 13 شاهد عيان ومراجعة أكثر من 50 شريط فيديو وصورة.

- **تفاصيل الحادثة**: أصيبت إيغي برصاصة في الرأس خلال تظاهرة في بيتا، وتوفيت في المستشفى. أكدت الصحيفة أن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار بعد انسحاب المتظاهرين ومن مسافة لا تشكل تهديداً.

- **ردود الفعل**: وصف بايدن مقتل إيغي بأنه "حادث عرضي"، بينما دعا بلينكن لتغييرات في قواعد الاشتباك. طالبت عائلة إيغي بتحقيق مستقل وشفاف، وشهدت سياتل وقفة احتجاجية.

تحقيق لـ"واشنطن بوست" يؤكد أن الاغتيال حصل بعد انتهاء الاشتباكات

التحقيق تحدثت إلى 13 شاهد عيان وراجع أكثر من 50 شريط فيديو

قالت صحيفة واشنطن بوست إن شريط فيديو جديداً وتأكيدات شهود عيان تدحض رواية جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن مقتل الناشطة الأميركية التركية عائشة نور إزغي إيغي خلال مسيرة ضد الاستيطان الجمعة الماضي في الضفة الغربية المحتلة، مضيفة أنه عكس ما يدعي جيش الاحتلال أن مقتل إيغي كان "حدثاً عرضياً" خلال "احتجاج عنيف"، يشير التحقيق الذي أجرته إلى أنه لحظة اغتيال المتضامنة الأميركية كانت الاشتباكات قد انتهت وانسحب المشاركون في المسيرة الأسبوعية.

وأصيبت إيغي البالغة 26 عاماً "برصاصة في الرأس" خلال مشاركتها في تظاهرة في بيتا، في الضفة الغربية، لتلفظ أنفاسها داخل المستشفى بعد محاولات إنقاذ حياتها، وأقرّ جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد تحقيق أولي بقتله الناشطة الأميركية التركية، لكنه زعم أن ذلك حدث "بشكل غير مقصود". وادعى في بيان أنه "خلال نشاط لقوات الأمن بالقرب من قرية بيتا اليوم، ردّت القوة بإطلاق نار نحو محرض رئيسي ألقى الحجارة نحو القوات وشكل تهديداً عليها". "واشنطن بوست" خلصت في تحقيقها إلى أن عائشة مور إزغي إيغي تعرضت لإطلاق النار بعد مرور أكثر من نصف ساعة على اشتداد المواجهات في بيتا، وبعد مضي نحو 20 دقيقة على توجه المحتجين إلى الطريق الرئيس، بما يبعد بأكثر من مسافة ملعبي كرة قدم عن مكان تمركز قوات الاحتلال.

وقالت الصحيفة الأميركية إن جيش الاحتلال الإسرائيلي رفض الرد على أسئلتها بخصوص دواعي إطلاق عناصره النار على المتظاهرين بعد مرور وقت طويل على انسحابهم، ومن مسافة لا يشكلون منها أي تهديد ظاهر. وأوضحت "واشنطن بوست" أنها أنجزت تحقيقها من خلال العودة إلى تفاصيل أحداث ذلك اليوم، وتحدثت إلى 13 شاهد عيان، وراجعت أكثر من 50 شريط فيديو وصورة حصلت عليها من "حركة التضامن العالمي"، التي كانت إيغي متطوعة بصفوفها، ومنظمة فزعة.

وبحسب الصحيفة، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتال 15 فلسطينياً خلال المسيرات الأسبوعية في بيتا. والشهر الماضي، تعرض مواطن أميركي آخر، يدعى دانييل سانتياغو، لإطلاق نار عند مستوى الفخذ في المكان نفسه الذي استشهدت فيه عائشة نور. وحينها، زعم جيش الاحتلال أن سانتياغو "أصيب بشكل عرضي" حينما كان الجنود "يطلقون أعيرة نارية في الهواء" لتفريق المحتجين.

وقال الناشط الإسرائيلي ضمن منظمة "فزعة"، جوناثان بولاك لـ"واشنطن بوست": "كان الجنود الإسرائيليون مستفزين للغاية"، مشيرة إلى أنه يشارك بشكل دوري في مسيرات بيتا وكان حاضراً الجمعة الماضي. وأكد بولاك أنه منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أصبح استخدام الرصاص الحي أمراً معتاداً في بياتا "وأصبح الاختيار الأول" للجيش لتفريق المسيرات في القرية الفلسطينية.

عن سبق إصرار

وفي اللحظات التي سبقت استشهاد عائشة نور، ذكرت "واشنطن بوست" أن صورة ملتقطة الساعة 1:21 تظهر على الأقل أربعة جنود إسرائيليين يتمركزون في أعلى تلة. وأضافت أن شريط فيديو وصوراً ملتقطة دقائق بعد ذلك تظهر جنود الاحتلال يتخذون مواقع في أماكن مرتفعة بما فيها سقف منزل مواطن فلسطيني، وبالقرب من عربة عسكرية. وأضافت أن فيديو ملتقطاً الساعة 1:22 تظهر فيه الطريق قرب حقل أشجار الزيتون، وبعدها يسمع دوي إطلاق النار.

"إنهم يطلقون النيران بأسلحة حقيقية"، كما تنقل الصحيفة عن ناشط كان يتحدث باليابانية من دون ظهور وجهه في شريط الفيديو. وأشارت "واشنطن بوست" إلى أنها عرضت شريط الفيديو على ستيفن بيك، الخبير في تحليل الأصوات الذي سبق له العمل مع مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، وأكد بعد مراجعة الشريط أن الصوت المسموع فيه يتطابق مع استخدام سلاح ناري. وأضافت أن النتيجة ذاتها خلص إليها الخبير في تحليل الأصوات، روب ماهر.

وأوردت الصحيفة، نقلا عن شهود العيان الفلسطينيين والناشطين المتطوعين، أن الهدوء عم المشهد نسبيا لما يصل لقرابة 20 دقيقة بعد ذلك. لكن بولاك أشار إلى أن أحد الجنود "كان يصوب سلاحه في اتجاهنا". وذكرت أن هذا المتطوع كان يقف قرب حاوية نفايات جرى نقلها إلى وسط الطريق للاحتماء بها أسفل التلة. وأوضحت أنه برفقة نشطاء آخرين كانوا الأقرب إلى مكان تمركز جنود الاحتلال، بمسافة تفوق 180 متراً، فيما عائشة نور أبعد من ذلك بنحو 20 متراً.

ولفتت واشنطن بوست إلى أنه بعد فترة الهدوء تلك سمع إطلاق رصاصتين، مشيرة إلى أنه لم يجر التقاط فيديو لذلك في جميع الشرائط التي راجعتها. وأضافت نقلا عن الناشطين وأهالي المنطقة أنه لم يكن قبل ذلك أي شيء يستحق التصوير. بعدها ستصرخ سيدة "إطلاق نار"، وتطلب الإسعاف ليتضح بعد ذلك أن عائشة نور تعرضت لإصابة بالرصاص في الرأس وسقطت مغشياً عليها وسط حقل أشجار الزيتون، فيما كانت تنزف الدماء من رأسها وغائبة عن الوعي.

وردد الرئيس الأميركي جو بايدن رواية الاحتلال الإسرائيلي بشأن استشهاد المتضامنة الأميركية، وقال: "على ما يبدو كان حادثاً عرضياً، لقد ارتدّت (الرصاصة) عن الأرض وأصيبت (الناشطة) عرضاً"، في تصريح يأتي بعيد دعوة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجيش الإسرائيلي للقيام بـ"تغييرات جوهرية" بعد مقتل الشابة "غير المبرّر". وقال بلينكن، الثلاثاء، إن مقتل الناشطة الأميركية التركية "غير مبرر ولم يسبقه استفزاز"، ويظهر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي "بحاجة إلى إجراء بعض التغييرات الأساسية في قواعد الاشتباك الخاصة بها".

وفي محاولة لتبرير موقفه، أصدر بايدن بياناً، أمس الأربعاء، شدد فيه على أنّ على إسرائيل بذل المزيد من الجهد لضمان عدم تكرار واقعة مثل إطلاق النار الذي أودى بحياة الناشطة الأميركية، واصفاً مقتلها بأنه "غير مقبول بالمرة". وأضاف أنه على الرغم من تحمّل إسرائيل مسؤولية مقتلها، فإن الحكومة الأميركية تتوقع استمرار الاطلاع على التحقيق الجاري حول ملابسات إطلاق النار.

ووصف العديد من المشاركين في وقفة احتجاج وتأبين أقيمت ليل الأربعاء في سياتل، مسقط رأس عائشة نور إزغي إيغي، تصريحات بايدن بأنها غير كافية، وأضافوا أن وعد إسرائيل بإجراء تحقيق جنائي لا قيمة له. بدورها، قالت عائلة المتضامنة الأميركية في بيان: "دعونا نكون واضحين، لقد تعرضت مواطنة أميركية للقتل على يد جيش أجنبي في هجوم محدد الهدف". وأضافت: "الفعل المناسب هو أن يتحدث الرئيس بايدن ونائبة الرئيس (كامالا) هاريس إلى العائلة مباشرة، ويأمر بإجراء تحقيق مستقل وشفاف بشأن اغتيال عائشة نور، المتطوعة من أجل السلام".