"العربي الجديد" يستطلع آراء المقترعين: حضور للمستقلين والكيانات الجديدة بالتصويت الخاص للانتخابات العراقية

08 أكتوبر 2021
أثناء التصويت في أحد مراكز الاقتراع بالانتخابات العراقية اليوم (Getty)
+ الخط -

استطلع "العربي الجديد"، اليوم الجمعة، آراء المقترعين في ستة مراكز اقتراع ببغداد والبصرة وبابل وذي قار وكربلاء، أشارت إلى حضور واضح للمرشحين المستقلين في الانتخابات العراقية، وكذلك الوجوه الجديدة المحسوبة على الحراك المدني والمؤيدة له وللاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاحات. وقال عدد من العسكريين العراقيين والنازحين إنهم صوتوا لوجوه جديدة طمعاً بحصول تغيير ولو بسيط في المعادلة الحالية.

وقاطع عدد من القوى المدنية والعلمانية العراقية الانتخابات الحالية، بما فيها الحزب الشيوعي العراقي، أقدم الأحزاب الموجودة في الساحة العراقية (87 عاماً)، إضافة إلى التيار المدني العراقي الذي يتصدره النائب السابق فائق الشيخ علي، و"البيت الوطني"، و"حركة عمل"، وغيرها من الكيانات التي تشكلت عقب احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019، لكن بالمقابل، فإنّ قوى أخرى محسوبة على المعسكر المدني والقوى المؤيدة للاحتجاجات الشعبية ما زالت ضمن دائرة قرار المشاركة عبر مرشحين لها في بغداد ومدن جنوب وسط البلاد تحديداً، وأبرزها "حركة نازل آخذ حقي"، التي اعتبرت في وقت سابق، على لسان أحد قادتها،أنّ مقاطعة الانتخابات ليست حلاً عملياً لمشاكل العراق لعدم وجود بديل آخر غير الانتخابات، إضافة إلى حركة "امتداد" بزعامة علاء الركابي في الناصرية جنوبي العراق، وحركة "المد" بزعامة ذو الفقار حسين، وأخيراً حركة "وعي" بزعامة صلاح العرباوي، والأخير عمل سابقاً ضمن تيار "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم؛ لذا يرفض الكثير من المدنيين وضعه ضمن خانة القوى المدنية.

وبدأت اليوم الجمعة عملية الاقتراع الخاص للانتخابات العراقية 2021 لأفراد المؤسستين العسكرية والأمنية والنازحين والعاملين في المستشفيات ونزلاء السجون، والبالغ عددهم أكثر من مليون مقترع، على أن تجرى عملية الاقتراع لباقي الناخبين الأحد المقبل.

واستطلع مراسلو "العربي الجديد" إفادات لجنود من الفرق السابعة والتاسعة والرابعة واللواء السادس والخمسين، إلى جانب قوات جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة المحلية، خلال الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العراقية، إضافة إلى مخيم للنازحين في نينوى.

وأظهرت إجاباتهم حضوراً غير قليل لوجوه وشخصيات جديدة مستقلة عن الأحزاب التقليدية، أو قوى مؤيدة للاحتجاجات الشعبية في العراق، بينما اتجه آخرون لاختيار قوى سابقة، لكنها ضمن المعسكر الثاني المنافس للقوى الحليفة لإيران، مثل ائتلاف "قوى الدولة" الذي يتصدره حيدر العبادي وعمار الحكيم، وكذلك محافظ النجف الأسبق عدنان الزرفي.

فيما أشار آخرون إلى أنّ "الجو العام للاقتراع الخاص لم يكن مشدداً كما في الانتخابات الماضية، التي شهدت تدخلات في حرية تصويت قوات الأمن".

وسجلت القوى والوجوه الجديدة، التي تشترك لأول مرة في هذه الانتخابات في بغداد وبابل، حضوراً واضحاً للأصوات، ويقول مراقبون إنّ ملامح التصويت الخاص بهذا اليوم يمكن أن تكون مؤشراً على ما ستنتهي له الانتخابات يوم الأحد بالاقتراع العام.

وتعليقاً على توجهات الناخبين العراقيين بيوم الاقتراع الخاص، غرّد زعيم حركة "وعي" صلاح العرباوي، على "تويتر"، قائلاً إنّ "الكتل الكبيرة ستنزف"، في إشارة إلى وجود عمليات تصويت مغايرة لتوقعات الأحزاب الرئيسة واحتمالية حصول مفاجأة في هذه الانتخابات العراقية.

وفي السياق، أكد صحافيون عراقيون من محافظات وسط وجنوب البلاد أنّ "نسبة كبيرة من جنود قوات الجيش اختاروا مستقلين، وتحديداً من الشخصيات المعروفة بمناهضتها الأحزاب الدينية والفصائل المسلحة".

واعتبر أحدهم، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "الجيش العراقي والقوات الأمنية النظامية تضررت كثيراً بفعل التأثيرات السياسية على عملها، كما أنّ هناك خططاً مليشياوية تهدف إلى إضعاف القوات العراقية وتقوية الفصائل المسلحة، وهذه المخططات بات يعرفها الجندي العراقي، لذلك يسعى هو الآخر عبر التصويت إلى تحجيم دور هذه الفصائل".

وخلال الساعات الماضية، تداول ناشطون وصحافيون سلسلة من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، تحدثت عن توجه أمني وعسكري واسع لاختيار مستقلين ممثلين لهم في البرلمان العراقي الجديد.

وكتب الصحافي من مدينة النجف حسام الكعبي، على "فيسبوك"، أنّ "الأجهزة الأمنية تفاجئ الدولة العميقة وتصوت للمستقلين والأحزاب المنبثقة من #تشرين".

وفي السياق، قال المرشح المستقل في بغداد وائل الحازم إنّ "أصوات المنتسبين في الأجهزة الأمنية مهمة جداً بالنسبة للانتخابات البرلمانية، كونها تعكس وجهة نظر المؤسسة الأمنية تجاه الحالة السياسية المضطربة في البلاد".

وبيّن لـ"العربي الجديد" أنّ "خروقات حصلت خلال الساعات الماضية من خلال استغلال بعض الأحزاب نفوذها داخل التشكيلات العسكرية، لكن في الوقت نفسه برزت حالات كثيرة من عناصر المؤسسة العسكرية، تدعم الدولة المدنية التي طالبت بها احتجاجات تشرين، وهو خيار ربما يؤكد الحاجة لدعم القانون وإبعاد الجهات المسلحة التي تستهدف هيبة الدولة".

من جهته، بيَّن الباحث السياسي عبد الله الركابي أنّ "التوجه نحو المستقلين والوجوه الجديدة غير المتورطين بالتحالف مع الأحزاب الدينية والتقليدية في الانتخابات العراقية، يمكن اعتباره تغييراً إيجابياً في خيارات القوات العراقية، كونها عانت أخيراً من تنمر وتغول المليشيات عليها ومحاولة مصادرة إنجازاتها، كما أنّ معظم التوجيهات الدينية التي صدرت عن مرجعية النجف (علي السيستاني)، خلال العامين الماضيين، كانت تلمح إلى ضرورة استبدال السياسيين الحاليين، ناهيك عن المشاهد المروعة التي تسببت بها الفصائل المسلحة تجاه الشبان في احتجاجات تشرين، وهذه أسباب تدفع منتسبي المؤسسة العسكرية إلى التوجه نحو المستقلين".

وأكمل، في حديث مع "العربي الجديد"، بأنّ "المستقلين، بطبيعة الحال، لن تكون لديهم حظوظ جيدة في الاقتراع العام، كون جماهير الأحزاب تستعد لإقصاء الحركات الجديدة والمستقلين، من خلال المشاركة الواسعة لها، كما ستُسهم مقاطعة شريحة كبيرة من المتظاهرين والناشطين للانتخابات العراقية بتراجع حظوظ المستقلين".

وكانت قيادة العمليات المشتركة في العراق قد ذكرت، في بيان صدر اليوم الجمعة، أنّ عناصر القوات الأمنية "شاركوا بكثافة منذ الساعة الأولى في الانتخابات عبر مراكز الاقتراع في التصويت الخاص، وسط تنظيم مهني عالي المستوى في جميع محافظات العراق. ويشمل التصويت الخاص منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية، وجهاز مكافحة الإرهاب، ووزارة داخلية الإقليم، ووزارة البشمركة، النازحين، ونزلاء السجون العراقية، وبواقع أكثر من مليون شخص".

وانتشر أكثر من 700 مراقب دولي وأممي في المراكز الانتخابية لمتابعة عملية الاقتراع في الانتخابات العراقية. ويجري ذلك وسط انتشار أمني واسع قرب مراكز التصويت في عموم المحافظات، ضمن خطة تأمين العملية الانتخابية، حيث دخلت القوات العراقية، منذ السبت الماضي، حالة الإنذار الأمني، وسط دعم دولي واسع للعملية الانتخابية الأولى التي تجرى بعد الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد قبل عامين، وقدمت مطالب عدة من بينها إجراء انتخابات مبكرة.

المساهمون