استمع إلى الملخص
- ردود الفعل اللبنانية والدولية: دعا وزير النقل اللبناني المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، نافياً مزاعم إسرائيل بشأن معبر المصنع. شهدت المعابر ازدحاماً كبيراً بسبب العدوان.
- التصعيد الإسرائيلي والضغط على حزب الله: كثفت إسرائيل قصفها على لبنان، بما في ذلك بيروت، لفرض حصار شامل. يهدف التصعيد للضغط على الداخل اللبناني، مما يضع البلاد في موقف صعب يعتمد على المساعدات الخارجية.
كل المؤشرات تُظهر أن الاحتلال في الطريق لفرض حصار بحري وبري وجوي
نفى لبنان مزاعم جيش الاحتلال الخاصة بمعبر المصنع
الاحتلال يسيطر عملياً على الأجواء اللبنانية معرقلاً حركة المطار
مساء السبت الماضي، أعلن الاحتلال الإسرائيلي فرض "حصار عسكري" على لبنان، مع إشارة صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، في حينه، إلى أن هذا النوع من الحصار لا ينطبق على المدنيين. مع ذلك، فإن كل المؤشرات تُظهر أن الاحتلال في الطريق لفرض حصار بحري وبري وجوي شامل على لبنان، في سيناريو مكرر لإبادة غزة، من أجل إخضاع حزب الله عبر سياسة التجويع والخنق ودفع مجموعات سكانية إلى الانتفاض عليه ربما بتصويره مسؤولاً عن الكارثة التي وصل إليها لبنان وسكانه. ففجر أمس الجمعة، أغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية على طريق المصنع، شرقي لبنان، الحدودي مع سورية، قاطعة الطريق أمام الآليات العابرة بين لبنان وسورية، عبر إحداثها حفرة بعرض أربعة أمتار، وفق وزير النقل والأشغال اللبناني علي حمية (المحسوب على حزب الله). ومعبر المصنع هو أحد ستة معابر حدودية رسمية بين لبنان وسورية وأكبرها. وادّعى جيش الاحتلال أنه دمّر نفقاً بطول 3.5 كيلومترات هناك. وزعم أن حزب الله استخدمه لنقل أسلحة بين البلدين.
الهجوم على معبر المصنع
وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان أن "مقاتلات سلاح الجو هاجمت بتوجيه استخباري دقيق من شعبة المخابرات، يوم أمس الخميس، نفقاً تحت الأرض، يعبر الأراضي اللبنانية إلى الأراضي السورية، بطول نحو 3.5 كيلومترات، يستخدمه حزب الله لنقل الأسلحة، وتخزينها تحت الأرض". وكان الاحتلال الإسرائيلي قد ادّعى، مساء أول من أمس الخميس، أن "حزب الله حاول استخدام معبر المصنع المدني الحدودي بين سورية ولبنان لنقل وسائل قتالية إلى داخل لبنان"، داعياً الدولة اللبنانية لـ"إجراء تفتيش صارم للشاحنات المارة عن طريق المعابر المدنية، وإعادة الشاحنات والمركبات التي تحتوي على الوسائل القتالية إلى سورية". وجاءت مزاعم الاحتلال في بيان لجيشه ذكر فيه أنه "منذ استهداف محاور التهريب الحدودية عند الحدود السورية اللبنانية، أصبح معبر المصنع الحدودي المعبر الرئيسي الذي ينقل حزب الله من خلاله الوسائل القتالية، حيث يعتبر معبر المصنع معبراً مدنياً يقع بين سورية ولبنان ويخضع لسيطرة الدولة اللبنانية".
وخلال الأيام الماضية، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات على نقاط عسكرية ومعابر حدودية بين سورية ولبنان، أبرزها استهداف موقع عسكري سوري قرب بلدة كفير يابوس، ما أسفر عن مقتل خمسة جنود من قوات النظام السوري، وموقعاً آخر في منطقة معبر مطربا الحدودي في البقاع الشمالي، شرقي لبنان، أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص.
علي حمية: من الواضح أننا في طريقنا إلى حصار برّي وجويّ
ونفى لبنان مزاعم جيش الاحتلال الخاصة بمعبر المصنع، مع تشديد حمية على أن جميع المعابر الحدودية، وأولها المصنع، تخضع للرقابة والتدقيق من قبل أجهزة الدولة ووزارة الأشغال العامة والنقل والجمارك والأمن العام والجيش اللبناني، و"بالتالي هي معابر رسمية وتخضع لرقابة الدولة اللبنانية". وشهدت المعابر الحدودية بين لبنان وسورية ازدحاماً بسبب العدوان الإسرائيلي على لبنان، ما دفع بأعداد كبيرة من اللبنانيين والسوريين الموجودين في لبنان للعبور إلى الأراضي السورية، ونقلت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام السوري، عن مصدر في إدارة الهجرة والجوازات، أن عدد الوافدين اللبنانيين إلى سورية بلغ نحو 72 ألفاً، وعدد العائدين السوريين نحو 197 ألفاً، منذ بدء العدوان الإسرائيلي الحالي على لبنان.
وتربط لبنان وسورية ستة معابر شرعية، هي المصنع ـ جديدة يابوس، والعبودية اللبنانية ـ الدبوسية السورية، ومعبر جوسية اللبنانية ـ القصير السورية، ووادي خالد اللبنانية ـ تلكلخ السورية، والعريضة الرابط بين قريتين تحملان الاسم نفسه، الأولى في محافظة طرابلس اللبنانية والثانية في محافظة طرطوس السورية. أما المعبر السادس فهو مطربا. وبهذه الخطوة، تكون إسرائيل قد فرضت حصاراً برياً على لبنان، سيجعل من الصعب إجراء المبادلات التجارية وحركة التنقل بينه وبين سورية، خصوصاً أن الحركة على المعابر غير الشرعية ليست بالسهولة نفسها للآليات والمواطنين.
ادّعى الاحتلال قصفه نفقاً على المصنع بين لبنان وسورية
وبالإضافة إلى الحصار البري، فإن الاحتلال يسيطر عملياً على الأجواء اللبنانية معرقلاً حركة المطار الوحيد في البلاد، وهو مطار رفيق الحريري الدولي، الواقع على الجهة الجنوبية للضاحية الجنوبية لبيروت. ومنع خلال إعلان "الحصار العسكري" هبوط طائرات إيرانية وعراقية وسورية، بحجة احتمال نقلها أسلحة إلى حزب الله، رغم عدم تعرّضه لطائرة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي زار بيروت أمس الجمعة. وبدا محيط المطار ساحة للاعتداءات الإسرائيلية في الليالي الأخيرة، خصوصاً ليل الخميس ـ الجمعة، حين أغارت الطائرات الإسرائيلية على تخوم المطار مستهدفة رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين، وفق ادعاءات الاحتلال.
إسرائيل والضغط على حزب الله
وبالتزامن مع حصار البر والجو، كثف الاحتلال وتيرة قصفه من بوارجه العاصمة بيروت، كما في الباشورة، مساء الأربعاء الماضي، وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، موحياً عملياً بقدرته على فرض الحصار البحري على الشواطئ اللبنانية. وبدا أن إسرائيل، بفرضها الحصار غير المعلن على المعابر البرية بين لبنان وسورية، والتمهيد لذلك بحراً وجواً، ساعية للضغط على الداخل اللبناني، الرسمي والشعبي، وتحريض الناس على حزب الله. ويُمكن في السياق إدراج تأخر إطباق الحصار البحري والجوي في إطار منح الوقت الكافي لمختلف الدول لإجلاء رعاياها. مع العلم أنه في اليوم الثالث على عدوان صيف 2006، أي في 14 يوليو/تموز، أغارت الطائرات الإسرائيلية على مدارج مطار بيروت، وطريق المصنع، ما دفع الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين على وجه الخصوص إلى تنظيم عمليات إجلاء بحرية واسعة النطاق، في ميناء ضبيه، قضاء المتن، شمالي بيروت.
ومع أن القدرة على فرض حصار شامل على لبنان تستلزم موارد أكبر بكثير مما هو مفروض على قطاع غزة (مساحة لبنان 10452 كيلومتراً مربعاً مقابل 365 كيلومتراً لغزة)، غير أن الإسرائيلي يواصل الضغط في هذا الاتجاه، ما قد يسمح في نشوء إشكالات داخلية بين الدولة اللبنانية وفئة كبيرة من السكان من جهة، وبين حزب الله من جهة ثانية، تتخذ طابعاً سياسياً وطائفياً، وذلك استناداً إلى عجز لبنان وحزب الله عن فكّ أي حصار من جهة، ومن جهة ثانية، لعدم جهوزية الدولة اللبنانية، رغم كل خطط الطوارئ السابقة، لتعويض أي نقض في المواد الغذائية والطبية والنفطية، ما يرسم سيناريو كارثياً للبنان، الذي سيعتمد عملياً على المساعدات الخارجية لإبقاء الناس على قيد الحياة فيه.