انقلاب السودان: استمرار الحشد لموكب 30 أكتوبر و"تجمع المهنيين" يرفض التفاوض مع العسكر
يتواصل الحشد في السودان لموكب 30 أكتوبر/تشرين الأول، يوم غد السبت، وهو من المواكب المركزية التي تعوّل عليها الأجسام النقابية ولجان المقاومة لحسم المعركة مع العسكر، بعد الانقلاب الذي نفذه الجيش، الإثنين الماضي، في الوقت الذي يستمرّ فيه الجيش بالبحث عن اسم لتولّي رئاسة مجلس الوزراء، بعد إطاحة عبد الله حمدوك.
تجمع المدنيين: لإسقاط العسكر وتسليم السلطة كاملة
وأصدر تجمع المهنيين السودانيين بيانًا، اليوم الجمعة، على صفحته في "فيسبوك"، دعا فيه إلى "جعل مليونيات 30 أكتوبر ضربة مزلزلة للمجلس الانقلابي"، و"إسقاط المجلس العسكري وتسليم السلطة كاملة لحكومة مدنية ترشحها القوى الثورية، وتقديم جميع أعضاء المجلس العسكري الانقلابي للمحاسبة عن جرائمهم منذ 11 إبريل (نيسان) 2019".
وأكد أن "لا تفاوض مع المجلس العسكري الانقلابي"، وأن "كل من يقبل أو يشارك في مثل هذا الحوار يفتقر للتفويض من الشارع، ومن يعمل لإعادة إنتاج الشراكة المقبورة سيسقط معها"، وشدد على "الحل الفوري لجهاز أمن الإنقاذ وكل المليشيات المسلحة، وعلى رأسها مليشيا الدعم السريع، وإعادة هيكلة قوات الشعب المسلحة وفق عقيدة مهنية ووطنية هدفها حماية الوطن والدستور".
كذلك، دعا البيان إلى "إنهاء سيطرة وتدخلات المحاور الإقليمية والدولية المعادية للإرادة الحرة للسودانيين في العملية السياسية وتحريضها للإضرار بمصالح الشعب السوداني وحقه في حكم نفسه".
وكان تجمع المهنيين قد ذكر، في بيان أمس الخميس، أنّ انقلاب المجلس العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الحالي هو حلقة أخرى في سجل انقلاباته في 11 إبريل/نيسان و3 يونيو/حزيران 2019، و"سنعمل مع قوى شعبنا الثائرة ليكون الأخير".
وأعلن "العمل مع أبناء شعبنا على إقامة وضع دستوري جديد يؤسس لسلطة انتقالية مدنية خالصة، تقوم فيها القوات المسلحة بدورها وواجبها في حماية الوطن والدستور دون ممارسة الحكم"، داعياً المجتمع الدولي "للانحياز لإرادة الشعب والانتقال المدني الديمقراطي، واتخاذ مواقف وخطوات حاسمة تجاه الانقلابيين وعسفهم وانتهاكاتهم الصارخة لحق شعبنا في العدالة والحرية والعيش الكريم".
وواصل السودانيون، أمس الخميس، لليوم الرابع على التوالي عصيانهم المدني المناهض للانقلاب، فيما قتل متظاهر بنيران قوات الأمن السودانية في منطقة الحتانة، شمال الخرطوم، وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين في حي بوري في شرق العاصمة.
وارتفع بذلك عدد القتلى منذ الإثنين إلى ثمانية، فضلاً عن 170 جريحاً، فيما سقط قتيل آخر من قوات الدعم السريع، وفق ما نقلته "فرانس برس" عن مصادر طبية رسمية.
غوتيريس يدعو الجيش السوداني إلى "ضبط النفس" خلال تظاهرات السبت
البرهان: اسم رئيس الوزراء السوداني الجديد سيُعلن في غضون أسبوع
في غضون ذلك، قال القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء، اليوم الجمعة، إنّ اسم رئيس الحكومة الجديدة وأعضاء مجلس السيادة الجدد سيُعلن في غضون أسبوع، مضيفاً: "آمل أن يتم اختيار رئيس الوزراء وأعضاء مجلس السيادة في غضون أسبوع على الأكثر"، متابعاً: "لن نتدخل في اختيار الوزراء، ولكن سيختارهم رئيس الوزراء الذي سيتوافق عليه من مختلف قطاعات الشعب السوداني ولن نتدخل في من يختاره".
وحول اختيار رئيس الوزراء الجديد، قال البرهان: "نحن سنختار رئيس الوزراء الذي سينتمي إلى التكنوقراط"، لافتاً إلى أن "رئيس الوزراء السابق تم اختياره بواسطة التوافق بين القوى السياسية والعسكرية، والآن القوى السياسية غير موجودة، ولدينا مسؤولية وطنية والتزام أننا نقود ونساعد في المرحلة الانتقالية حتى قيام الانتخابات".
وساطة أميركية-إماراتية لإعادة حمدوك إلى السلطة
في السياق عينه، ذكرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، اليوم الجمعة، أن الولايات المتحدة الأميركية تعمل مع الإمارات من أجل التوسط للتوصل لاتفاق في السودان يفضي إلى عودة حمدوك إلى السلطة.
ونقلت عن دبلوماسيين أميركيين وعرب قولهم إن منسق مجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بيرت ماكغورك عمل عن كثب مع مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد آل نهيان، للتفاوض بشأن عودة حمدوك إلى السلطة مع البرهان، الذي يحكم البلاد حالياً.
#Sudan Military Coup: Can an Arab Ally of the U.S. Reverse It? - Bloomberg https://t.co/S37t1OcV3u
— Mohamed Saied (@MohamedSaiedF) October 29, 2021
وفي حين لم يتم الاتفاق على أي شيء حتى الآن، فإنّ الخطوط العريضة للاتفاق تتطلّب أن يوافق النظام العسكري على عودة حمدوك إلى السلطة، مع تفهم أن بعض أعضاء حكومته قد يستبدلون.
وتبدو رغبة الإمارات في لعب دور وسيط محايد محاولة لخلق دور أكبر في أفريقيا، لا سيما أنها لم تدن صراحة الانقلاب العسكري في السودان، واكتفت في بيان لوزارة خارجيتها بالتأكيد على أنها "ترفض أي محاولات لعرقلة أو تعطيل جهود الشعب السوداني في تحقيق الأمن والاستقرار"، مشددة على "وقوفها إلى جانب السودان من أجل الحفاظ على سيادته والوحدة الوطنية".
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد دعا، أمس الخميس، الانقلابيين في السودان إلى إعادة السلطة إلى الحكومة المدنية في البلاد، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستستمر في "الوقوف إلى جانب الشعب السوداني ونضاله اللاعنفي".
وقال بايدن في بيان إنّ "قادة ومنظمات في مختلف أنحاء العالم (...) توحدوا للتنديد باستيلاء العسكريين على الحكم في السودان والعنف ضد المتظاهرين السلميين. اليوم، ضم مجلس الأمن الدولي صوته إلى هذا الموقف الدولي". وأضاف "رسالتنا معاً إلى السلطات العسكرية في السودان واضحة، ينبغي السماح للشعب السوداني بالتظاهر سلميا، وإعادة السلطة إلى الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون".
كذلك، دعا الرئيس الأميركي العسكريين إلى "الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين، وإعادة المؤسسات التابعة للحكومة الانتقالية"، واعتبر أن "الأحداث في الأيام الأخيرة هي انتكاسة خطرة، لكن الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوداني ونضاله اللاعنفي للمضي قدماً نحو أهداف الثورة السودانية".
وطالب مجلس الأمن الدولي، أمس الخميس، العسكريين في السودان بـ"عودة حكومة انتقالية يديرها مدنيون"، مبدياً "قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة"، وذلك في بيان صدر بإجماع أعضائه. وبعد مباحثات شاقة استمرت أياماً، طالب بيان مجلس الأمن، الذي أعدته بريطانيا وعمدت روسيا إلى التخفيف من وطأة مضمونه، باستئناف الحوار السياسي "من دون شروط مسبقة"، و"الإفراج فوراً" عن المعتقلين، واحترام "حق التجمع السلمي". كما ندّد البيان بـ"تعليق (عمل) بعض المؤسسات الانتقالية" في السودان، وبـ"حال الطوارئ (التي فرضها البرهان)، واعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعضاء مدنيين آخرين في الحكومة".
والإثنين، نفذ الجيش السوداني انقلاباً عسكرياً، بعد قيامه باعتقال عدد من المسؤولين، ووضع رئيس الحكومة عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية، ثم اعتقاله أيضاً بعد ذلك، قبل السماح له ولزوجته بالعودة إلى المنزل.
وأعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بعد ساعات من الانقلاب، حلّ مجلس السيادة والحكومة وفرض حالة الطوارئ. كما تضمنت قراراته حل جميع الكيانات النقابية والاتحادات المهنية. وندّد المجتمع الدولي بسيطرة الجيش على السلطة.