حسابات مصرية صعبة بعد التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل

24 يوليو 2024
تظاهرة للحوثيين دعماً لفلسطين، صنعاء، 19 يوليو 2024 (محمد حمود/Getty)
+ الخط -

في تعليقها على العدوان العسكري الإسرائيلي على الأراضي اليمنية السبت الماضي، والذي جاء رداً على استهداف مسيّرة تابعة لجماعة الحوثيين تل أبيب الجمعة الماضي، تجنبت وزارة الخارجية المصرية إدانة أي من الطرفين، إذ اكتفى بيان للوزارة بشأن التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل بالقول، السبت، إن مصر "تتابع بقلق بالغ العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي اليمنية، وتطالب بضبط النفس والتهدئة وإنهاء الحرب على قطاع غزة". وأتت اللهجة المصرية الهادئة في الوقت الذي تغيرت فيه معادلة الصراع بشكل واضح، ووسط مخاوف من تأثير ذلك على الأمن القومي المصري من جميع الجهات. فقد أصبحت جميع الرهانات المصرية على وقف الحرب في قطاع غزة، وبالتالي إعادة تشغيل قناة السويس وانسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا على الحدود بين مصر والقطاع، وغيرها من الرهانات، محل شك.

في المقابل، برز تصريح تلفزيوني للواء المتقاعد بالجيش المصري سمير فرج (المقرب من النظام) السبت الماضي، قال فيه إن "الحوثيين يمتلكون صواريخ قادرة على الوصول إلى أعماق الأراضي الإسرائيلية، مع تركيز محتمل على استهداف مدينة إيلات وصحراء النقب، بالإضافة إلى السفن المارة في مضيق باب المندب". وأكد أنه "في حال تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، من المتوقع أن يتبع ذلك توقف الحوثيين عن إطلاق الهجمات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما يشير إلى احتمالية انخفاض التوتر في هذا الممر المائي الاستراتيجي".

بدا من التصريحات الرسمية المصرية بشأن التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل أن القاهرة لا ترغب في إثارة حفيظة أي من الطرفين

وبدا من التصريحات الرسمية المصرية بشأن التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل أن القاهرة لا ترغب في إثارة حفيظة أي من الطرفين، إذ إنها تجنّبت في البداية التعليق على استهداف الجماعة تل أبيب بطائرة مسيّرة، والذي خلف قتيلاً واحداً على الأقل، ثم بعد ذلك، تجنبت إدانة الاحتلال لهجومه الواسع على منشآت مدنية في الحديدة، والذي أدى إلى سقوط 14 قتيلاً وستة مفقودين وأكثر من 90 جريحاً، جراح 30 منهم خطرة. لكن الخارجية المصرية، في البيان حول الهجوم الإسرائيلي، تحدثت بلغة التحذير من العملية الإسرائيلية التي من شأنها توسيع الصراع في المنطقة والانزلاق في "فوضى إقليمية".

الرهان بعد التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل

في إطار التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل، استغلت القاهرة العملية الإسرائيلية في اليمن، للتذكير بما حذّرت منه سابقاً من أن استمرار الحرب في قطاع غزة سيدفع الإقليم بأسره إلى "دائرة مفرغة من الصراعات وعدم الاستقرار"، مشددة على "أهمية تكاتف الجهود الدولية من أجل صون أمن واستقرار المنطقة". ودعت "كافة الأطراف" لضبط النفس والتهدئة، مطالبة "كافة الفاعلين" على المستويين الإقليمي والدولي، بالاضطلاع بمسؤولياتهم من أجل إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة باعتبارها "السبب الرئيسي" في ارتفاع حدة التوتر والتصعيد الإقليمي الحالي"، من بينها التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل.

تراهن القاهرة على أن وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قد يؤدي إلى حل الكثير من الأزمات التي تواجهها مصر، وعلى رأسها تأثر الملاحة في قناة السويس بشكل كبير، ما أدى إلى تراجع حاد في إيرادات القناة من العملة الأجنبية الصعبة، وذلك بسبب الهجمات المتكررة للحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر. الأزمة الأخرى هي احتلال إسرائيل الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة والمعروف بمحور صلاح الدين (فيلادلفيا)، وهو ما يضع القاهرة في وضع حرج، نظراً إلى مخالفة إسرائيل اتفاقياتها ومعاهداتها السابقة مع مصر باحتلال المعبر، من دون رد عملي من القاهرة، سوى بعض التصريحات التي تدين ذلك الفعل.

رخا أحمد حسن: لا يوجد تنسيق بين مصر والحوثيين والمسألة هي أهداف متوازية لوقف القتال

وعقب التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل، أعادت الخارجية المصرية، في بيانها بشأن الهجوم الإسرائيلي على اليمن، تأكيد موقف مصر "الراسخ والداعي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والسماح بنفاذ المساعدات الإنسانية من دون أية عوائق إلى القطاع". وأضافت أن وقف إطلاق النار هو "الخطوة الرئيسية والضرورية لاحتواء التوتر، والركيزة الأساسية لإقرار التهدئة الشاملة في المنطقة، وحفظ الأمن والاستقرار الإقليمي".

في هذا السياق، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الجهود المصرية مستمرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وتبادل الأسرى والمحتجزين والرهائن بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ورفع الحصار عن إدخال المساعدات إلى غزة". ولفت إلى أن "هذه هي شروط جماعة أنصار الله (الحوثيين) نفسها لوقف عملياتها ضد السفن المرتبطة بإسرائيل وأميركا وبريطانيا، والهجوم المباشر على إسرائيل، ولكن عناد إسرائيل والدعم الأميركي لها يمنعان التوصل إلى تسوية، ولكن على الرغم من ذلك، لن تتوقف جهود مصر". وبشأن التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل واحتمالية وجود تنسيق أو اتصالات من أي نوع بين مصر والحوثيين، قال حسن إنه "لا يوجد تنسيق بين مصر والحوثيين، وإنما المسألة هي توازي الأهداف لوقف القتال، وما يتبع ذلك من اختلاف في وسائل الوصول إلى هدف وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة".

معادلة خطيرة

من جهته، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية مختار الغباشي في حديث لـ"العربي الجديد": "نحن الآن أمام معادلة في غاية الخطورة، ولا أحد يريد أن يدركها بشكل واقعي، ولا أحد يريد أن يتكلم فيها، لأن الوضع باختصار أن الولايات المتحدة والعالم الغربي يقفان بشكل صريح ولا محدود، عسكرياً ومادياً واقتصادياً وسياسياً، خلف دولة الاحتلال الإسرائيلية". وأضاف أنه يقابل ذلك "ضعف بلا حدود من ناحيتنا، ولا يوجد غير المقاومة الفلسطينية من يجابه إسرائيل ومن خلفها". ولفت الغباشي إلى أن "وحدة المقاومة، ما بين المقاومة الفلسطينية وما بين حزب الله (اللبناني) والحوثيين والمليشيات الموجودة في داخل العراق وسورية، هي التي أنشأت هذه المعادلة".