دعت حركة النهضة التونسية القوى الوطنية المدافعة عن الديمقراطية، إلى "تنسيق الجهود وتوحيدها من أجل بناء بديل ينجز الإنقاذ السياسي والاقتصادي قبل فوات الأوان".
واعتبرت النهضة أنه "حان الوقت لإطلاق حوار وطني اقتصادي واجتماعي لوضع حد لمسار التدهور والإفلاس يجمع كل القوى السياسية والاجتماعية وينتهي بالتوافق على رؤية تنموية بديلة وبرامج للإصلاح". وقالت إن "الانقلاب ورغم فشل الاستشارة الإلكترونية يريد الذهاب بالبلاد إلى استفتاء وانتخابات صورية غير عابئ بما يعانيه المواطنون من جراء الأزمة الاجتماعية والاقتصادية".
وصدر البيان في أعقاب انعقاد مجلس شورى الحركة في دورته السابعة والخمسين يومي 26 و27 مارس/آذار، و حملت اسم "دورة الشهيد رضا بوزيان" الذي توفي بعد مشاركته في تظاهرة الاحتفال بعيد الثورة يوم 14 يناير/الماضي.
وأكد البيان أن "إصرار سلطة الانقلاب على المضي في سياساتها المرتجلة والانفرادية يهدد مقومات الدولة ومؤسساتها ونواميس عملها ويعمّق أزماتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة ويزيد من عزلة البلاد إقليميّا ودوليّا، بعد السطو على مؤسساتها الدستوريّة وتدجينها وتهميش المنظمات الوطنيّة والأحزاب وغلق باب الحوار والتشاور في الشأن الوطني، إضافة الى استهداف القضاء والإعلام والإدارة بالتطويع وتعيين الموالين في مخالفة صريحة لمقتضيات الدستور والقانون والمواثيق الدولية".
وحمّل البيان، سلطات الانقلاب "مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعيّة في البلاد من خلال تعطيلها المؤسسات الدستورية وسوء إدارتها للدولة وتعفين مناخ الأعمال، مما نتج عنه انعدام ثقة الفاعلين الاقتصاديين المحليين والدوليين وتراجع مناخ الاستثمار وارتفاع عدد المؤسسات المفلسة وارتفاع نسب البطالة".
واستنكر شورى النهضة "إمعان سلطات الأمر الواقع في انتهاك الحريات وحقوق الإنسان وحرية التعبير والاجتماع، عبر محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وسجن النواب والصحافيين والمدونين والمعارضين من أجل أفكارهم ومواقفهم السياسيّة".
وجدّد "رفضه السطو على السلطة القضائية عبر تعيين مجلس أعلى مؤقت للقضاء وتغيير قانونه الأساسي وتهميش واستهداف القضاة ويعبر المجلس عن تضامنه مع هيئاتهم المستقلة والمنتخبة واستماتتها في الدفاع عن استقلالية القضاء وكرامة القضاة".
وندّد البيان بـ"محاولة السيطرة على وسائل الإعلام وترهيب الصحافيين وملاحقة بعضهم عبر المحاكمات والتجميد، وفرض سياسات تحريرية ذات لون واحد على المؤسسات العمومية ومنها التلفزة الوطنية".
ورفض شورى النهضة "إغراق الإدارة بالتعيينات المسقطة والقائمة على الولاء وانعدام الخبرة والكفاءة، وإقصاء عشرات الكفاءات الوطنية عبر العزل والتجميد".
من جهة أخرى، عبر الشورى عن "رفضه المبدئي للحرب الروسية على أوكرانيا" واعتبرها "حرباً منافية للأعراف الدوّلية والقيم الانسانية التّي تجرّم الاعتداء والاحتلال وقتل المدنيين وتهجيرهم".
وعبر عن "تضامن حركة النهضة ومناضليها مع الشعب الفلسطيني الأعزل بمناسبة ذكرى يوم الأرض، وإدانة ما تتعرض له القضية الفلسطينيّة من تهميش وكيل بمكيالين رغم الاعتداءات الصهيونيّة اليوميّة والجرائم المتكرّرة على الأراضي الفلسطينيّة وعلى المدنيين ومن بينها الحصار الظالم على قطاع غزّة وتجويع متساكنيه"، كما جددت "رفضها لكل خطوات التطبيع التي أقدمت عليها بعض الأنظمة العربيّة".
وكانت المتحدثة الرسمية باسم مجلس شورى حركة "النهضة" سناء مرسني قد أكدت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الدورة الـ57 لمجلس شورى الحركة، التي انتهت أمس الأحد، ناقشت نقطتين على امتداد يومين، أولاهما تقدير الموقف السياسي الذي رفعه المكتب التنفيذي للحركة بشأن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تمر بها تونس، والصعوبات التي تعاني منها المالية العمومية والنقص في المواد الأساسية، فيما تعلقت النقطة الثانية بالإعداد لمؤتمر الحزب الـ11، والذي اقترح مكتب الشورى أن يكون في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل".
وتابعت أن "الحركة دخلت في زمن المؤتمر، من خلال الإعداد المادي والمضامين، وقدّم مكتب مجلس الشورى مقترح روزنامة تتضمن المؤتمرات المحلية والجهوية، وأفق المؤتمر الذي سينعقد في أواخر 2022"، مشددة على أنه "لم يتم تحديد موعد محدد للمؤتمر، لأن هذه الخطة والروزنامة قابلة للتعديل".
وأضافت: "نريد أن يقدم مؤتمر الحركة في إطار السياق العام المتأزم بديلاً حقيقياً، وأن يقوم بمراجعات وتقييم حتى تقدم الحركة تصوراً جديداً، وحتى تقدم إضافة وحلاً سياسياً للبلاد مع شركائها الرافضين للانقلاب".
وبيّنت أن "الخلاف السابق داخل الحركة، الذي أدى للاستقالات، لم يكن حول تاريخ المؤتمر، لأن الجميع كانوا يؤيدون فكرة التعجيل بعقده في أقرب الآجال، لأننا نعتبره حلاً للخلافات على المستوى المضموني وعلى المستوى القيادي"، مستدركة بالقول: "إن الخلاف كان حول تحديد أولوياتنا، بين تجديد القيادة فقط، أو إنجاز مؤتمر في العمق، بمضامين لإعداد مشروع حكم حقيقي للبلاد قابل للتنفيذ في المستقبل".
وفسرت أن "الخلاف بين من يرى أن الأولوية هي تغيير القيادة، وبين من يرى أنه لا يجب الاستعجال بالمؤتمر مباشرة بعد 25 يوليو/تموز، وأن ذلك كان يمكن أن يؤدي لانقسام حقيقي، وهو ما بينته عدة مؤشرات، منها الانسحابات التي حصلت"، مبينة أن "مساوئ إجراء المؤتمر في تلك الفترة بتلك الانفعالية للحزب أكثر من منافعها".
وبيّنت مرسني أن "النهضة" بصدد إعداد بدائل سياسية واقتصادية لفترة ما بعد قيس سعيّد، مشيرة إلى أن هذه المرحلة هي بمثابة "المرحلة الانتقالية التي لا يمكن البناء فيها، لأنها مرحلة تشوبها التجاوزات القانونية والمؤسساتية، كما لا يمكن البناء مع سعيّد الذي ينفرد بالقرار".
وأضافت أنه "لا يمكن البناء مع الانقلاب ومع من يستهدف المؤسسات والقضاء والإعلام"، منتقدة بشدة "قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء، واستهداف استقلالية القضاة، وتعطيل عمل البرلمان، وما لكل هذه الإخلالات من تداعيات سلبية على تونس".
وشددت على أن هذه المحطات التي أعلنها سعيّد هي خارج إطار الدستور والشرعية، مرجحة "فشل هذه المحطات، وعدم مشاركة التونسيين فيها على غرار فشل الاستشارة الوطنية التي شارك فيها 500 ألف من جملة 7 ملايين ناخب".
ولفتت المتحدثة باسم مجلس شورى حركة "النهضة" إلى أن "قيس سعيّد عوّل على إنجاح الاستشارة، لإجراء تعديلات على القانون الانتخابي ولإجراء انتخابات على أساس نظام سياسي جديد رئاسي، ولانتخاب مجلس حسب النظام القاعدي، أي من المحلي إلى الوطني كما يريده"، مرجحة "ألا تنعقد الانتخابات في الموعد الذي أعلنه سعيّد، إلا إذا وضع النظام الذي يريده".
وشددت المرسني على أن "النهضة" ترفض كل هذه المحطات والإجراءات، لأنها بُنيت على انقلاب وعلى إجراءات لا دستورية، و"لن تكون (النهضة) جزءاً من تزوير التاريخ ومع من اعتدى على إرادة من انتخبوا برلمان 2019".
وفي سياق متصل، نشرت الصفحة الرسمية لحركة "النهضة" في "فيسبوك" تهنئة بمناسبة فوز قوائمها في الانتخابات البلدية الجزئية في مدينة طبرقة بمحافظة جندوبة (شمال غرب البلاد)، أمس الأحد، معلقة بشكل ساخر "مبروك فوز قائمة حركة (النهضة) في الانتخابات البلدية الجزئية بطبرقة، بالانتخاب وليس بالانقلاب".