حراك لتوحيد قوات كردستان العراق: إلحاق وحدات الأحزاب بالبشمركة

18 يونيو 2021
حظيت البشمركة بتدريب وتسليح عال من التحالف (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر سياسة وحكومية في إقليم كردستان العراق، شمالي البلاد، أمس الخميس، لـ"العربي الجديد"، عن جهود سياسية واسعة تجري في أربيل والسليمانية منذ أيام، وبدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لضم الوحدات المسلحة التابعة للحزبين الكرديين الرئيسين (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) لقوات البشمركة في الإقليم الذي يتمتع بصلاحيات واسعة منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.

وعدا عن قوات البشمركة التي يتجاوز تعدادها الـ 240 ألف عنصر، وحظيت في السنوات الأخيرة بتدريب وتسليح عاليين من قبل التحالف الدولي وحكومة الإقليم، كقوة رسمية تعرف بقوات حرس الإقليم، فإنّ وحدات مسلحة أخرى موجودة على الأرض ما زالت ترتبط فعلياً بالحزبين الرئيسين في الإقليم؛ الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني ومعقله في أربيل ودهوك، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يرأسه الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني، وتتولى إدارته حالياً في السليمانية لجنة مشتركة من عائلة الطالباني وقيادات حزبية أخرى بسبب خلافات ما زالت مستمرة منذ نحو عامين على رئاسة موحدة للحزب.

البارزاني وافق على الخطوة، بينما لم يتضح موقف الاتحاد الوطني بعد

ويمتلك الحزب الديمقراطي الكردستاني "الوحدة 80" التي تعتبر من أبرز الوحدات المسلحة في الإقليم، لكنها ترتبط بالحزب وليس بوزارة البشمركة، على الرغم من أنها قاتلت خلال المعارك ضد تنظيم "داعش". في حين يمتلك الاتحاد الوطني الكردستاني "الوحدة 70" والتي ترتبط بقيادات الحزب في السليمانية، وأخيراً أثارت هذه الوحدة خلافات واسعة بتوجيه اتهامات لحكومة أربيل بعدم منحها جزءا من التسليح الذي يقدمه التحالف الدولي ودول حلف شمال الأطلسي كمساعدات عسكرية للإقليم. مع العلم أن عديد "الوحدة 70" وكذلك "الوحدة 80" لا يقل عن 20 ألفا لكل منهما.

ووفقاً لمسؤول حكومي في أربيل، فإنّ حراك توحيد جميع الوحدات الكردية تحت وزارة البشمركة حقق تقدماً في الأيام الأخيرة، مع استمرار ضغوط التحالف الدولي وأطراف داخل الإقليم لإنهاء الملف وجعل جميع التشكيلات تحت مسؤولية البشمركة بعيداً عن الأحزاب. وأضاف المسؤول في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الخطوة تهدف إلى ضم الوحدتين 80 و70 في أربيل والسليمانية، لتصبحا تحت سيطرة وزارة البشمركة، وتنظيمهما وتوزيعهما وفك ارتباطهما بالأحزاب"، كاشفاً عن موافقة زعيم الحزب الديمقراطي مسعود البارزاني على الخطوة، بينما لم يتضح موقف الاتحاد الوطني من ذلك لغاية الآن. وتابع المسؤول نفسه الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنّ "حراك توحيد القوات في الإقليم وعدم ترك أي قوة حزبية، يهدف لتعزيز عمل المؤسسات الرسمية".

لكنّ مسؤولاً كردياً آخر في السليمانية، قال في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنّ "الحراك الحالي جاء بضغط من واشنطن، بعد طلب بغداد مراجعة عدد موظفي الإقليم وعناصر البشمركة، إذ اعتبرت أن 350 ألفا عدد مبالغ به، وطالبت بإجراء جردة قبل دفع المرتبات". وأضاف أن "الوحدتين التابعتين للحزبين في أربيل والسليمانية، كانتا ضمن القوائم الخاصة بالرواتب التابعة لوزارة البشمركة، لكنهما عملياً لا ترتبطان بالوزارة، وبغداد تضغط لحصر الأعداد وإجراء كشف وتدقيق عليها". وقلل المسؤول من أهمية ضم الوحدتين إلى وزارة البشمركة، قائلاً إن "الارتباط سيكون شكلياً، لأنّ المقاتلين بارزانيون وطالبانيون وفكرهم حزبي، وتبقى التوجيهات لهم تصدر من الحزبين، خصوصاً أن قادة الوحدتين من الذين شاركوا في الحرب الكردية ــ الكردية في تسعينيات القرن الماضي التي خاضها الحزبان".

مسؤول: الارتباط سيكون شكلياً، لأنّ المقاتلين بارزانيون وطالبانيون وفكرهم حزبي

من جهته، قال رئيس كتلة "المستقبل" الكردية المعارضة في الإقليم، والنائب في البرلمان العراقي الحالي، سركوت شمس الدين، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الوحدتين تعملان وفق أجندة سياسية، وضمهما للبشمركة سيكون صورياً فقط". وأضاف شمس الدين أنّ "ضم الوحدات المسلحة التابعة للحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني ضمن هيكلية وزارة البشمركة لا يغيّر شيئاً، والهدف هو تنظيم مخصصات البشمركة المالية، التي تدفع من قبل بغداد، وكذلك زيادة الدعم الدولي بالأسلحة والتدريب، فالمجتمع الدولي لا يمكن أن يدعم قوات غير مسجلة بشكل رسمي ضمن المؤسسات الرسمية المعترف بها داخلياً وخارجياً".

واعتبر شمس الدين بنّ "ضم الوحدتين 70 و80 لهيكلية وزارة البشمركة سيزيد من تسييس المؤسسة العسكرية والأمنية في الإقليم، فهذه القوات حزبية ستعمل بغطاء قانوني، لكن وفق توجيهات وأجندات الأحزاب، وهذا الأمر يشكل خطورة على استقلالية القوات العسكرية والأمنية، ويفتح المجال لاستغلال هذه المؤسسة للأعمال السياسية والانتخابية"، وفقاً لقوله.

وفي بغداد، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، النائب كريم عليوي، إن "ضم القوات الحزبية في الإقليم إلى وزارة البشمركة، يجري لتنظيم أو منح الغطاء المطلوب لدفع بغداد المرتبات الخاصة بوزارة البشمركة، وفقاً لاتفاقية موازنة العام الحالي المالية". واعتبر عليوي في حديث مع "العربي الجديد" أن "ضم هذه القوات لن ينفع بأي شيء، إذ ستبقى تعمل وفق التوجيهات الحزبية والسياسية للأحزاب الحاكمة في الإقليم حصراً". وأوضح أنّ "وزارة البشمركة هي نفسها منقسمة بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، ولهذا ضم هذه الوحدات لا يغيّر كثيراً في المعادلة، والمشكلة الأبرز أنّ البشمركة عموماً لا تخضع للدولة الاتحادية في بغداد وتوجيهاتها".

الجاف: دمج الوحدتين سيكون ناجحاً في حال تم تفكيكهما وتوزيع عناصرهما على مختلف أجزاء ووحدات البشمركة

وحول الموضوع ذاته، قال الخبير في الشأن السياسي الكردي، أحمد الجاف، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الخطوة لا يمكن حصرها بملف المرتبات أو الجانب الإداري فقط، فهناك توترات سياسية مستمرة بين الحزبين، والاستقواء ولغة التصعيد دائماً ما تعتمد على قواعد الحزبين المسلحة في ظاهرة ملاصقة لهما منذ تسعينيات القرن الماضي". وأضاف الجاف أنّ "دمج الوحدتين سيكون ناجحاً في حال تم تفكيكهما وتوزيع عناصرهما على مختلف أجزاء ووحدات البشمركة، لأن بقاء الوحدتين على وضعهما سيعزز من الحالة الندية القائمة بين السليمانية وأربيل سياسياً، وحتى على مستوى الحكومة في الإقليم"، معتبراً أنّ "دعم التحالف الدولي للخطوة يعني أنها تحمل جانباً سياسياً وأمنياً واضحاً أبعد وأهم بكثير من مسألة المرتبات، خاصة وأن الوحدتين كانتا رأس حربة أي توتر سياسي وأمني يحدث منذ 30 عاماً داخل الإقليم".

المساهمون