حراك عربي متسارع نحو الأسد

27 فبراير 2023
أكثر المتضررين من الزلزال يعيشون في مناطق سيطرة المعارضة (عبد المنعم عيسى/ Getty)
+ الخط -

تعكس الزيارة التي قام بها عددٌ من رؤساء البرلمانات والوفود المشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي إلى العاصمة السورية دمشق تبدلاً في جزء من الموقف العربي الرسمي حيال هذا النظام، وسط توظيف لكارثة الزلزال التي طاولت تركيا وسورية وتسببت بمقتل الآلاف في مناطق سورية عدة، من أجل تمرير هذه التغييرات.

ووصل أمس الأحد وفد برلماني عربي إلى العاصمة السورية دمشق ضمّ رئيس الاتحاد، رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، ورؤساء مجلس النواب في الإمارات العربية المتحدة والأردن وفلسطين وليبيا ومصر (صقر غباش المري وأحمد الصفدي وروحي فتوح وعقيلة صالح وحنفي جبالي)، إضافة إلى رئيسي وفدي سلطنة عُمان ولبنان (عضو مجلس الشورى حمود بن أحمد اليحيائي والنائب أيوب حميد)، والأمين العام للاتحاد البرلماني العربي (فايز الشوابكة)، لـ"التأكيد على دعم سورية والوقوف إلى جانب شعبها"، وفق وكالة "سانا" التابعة للنظام.

ونقلت الوكالة عن رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي قوله من مطار دمشق: "نحن في سورية العزيزة الشقيقة لدعمها والتضامن معها في مواجهة محنة الزلزال، ونقول للشعب السوري نحن نقف إلى جواره في هذه الظروف الصعبة".

دعا "بيان بغداد" إلى عودة سورية إلى "محيطها العربي"

وكان الحلبوسي قد أعلن أول من أمس السبت عن تشكيل وفد من الاتحاد لـ"زيارة سورية تأكيداً لدعمنا شعبها"، فيما ورد في "بيان بغداد" الذي نشر في ختام المؤتمر الـ34 للاتحاد البرلماني العربي أن المجتمعين يعلنون "تضامنهم مع الشقيقة سورية وتشكيل وفد من الاتحاد البرلماني العربي للتأكيد على دعمها والوقوف مع شعبها واستمرار تقديم الإمكانات اللازمة للوقوف مع الأشقاء السوريين بعد حادث الزلزال الذي أصاب عدداً من المدن والقرى فيها". كذلك أكد البيان "ضرورة العمل العربي المشترك على كافة المستويات لعودة سورية إلى محيطها العربي وممارسة دورها في الساحات العربية والإقليمية والدولية".

وفتحت كارثة الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سورية في 6 فبراير/ شباط الحالي الباب العربي أمام النظام السوري، والذي كانت الجامعة العربية قد جمّدت عضويته فيها أواخر عام 2011 بسبب رفضه التعاطي مع الجهود العربية لتطويق الأزمة التي خلقها النظام بسبب بطشه بالمطالبين بالتغيير السياسي في البلاد.

وللمرة الأولى منذ انطلاق الثورة السورية في عام 2011، زار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي منتصف الشهر الحالي دمشق والتقى الأسد لـ"إظهار التضامن بعد الزلزال"، في خطوة حملت الكثير من الأبعاد السياسية، خصوصاً أن الأردن في صلب محاولات دول عربية تأهيل هذا النظام. كذلك زار الأسد منذ أيام سلطنة عُمان التي لم تقطع علاقتها بالنظام السوري كما فعلت الكثير من الدول العربية.

وبعد الاتصال الذي أجراه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الأسد في 7 فبراير عقب الزلزال، سيتوجه وزير الخارجية المصري سامح شكري اليوم الإثنين إلى سورية وتركيا، بحسب بيان صدر أمس عن الخارجية المصرية، وذلك للمرة الأولى منذ عقد، بعد فتور ساد العلاقة بين القاهرة وكل من البلدين. ونقل البيان عن المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد قوله إن شكري سيزور البلدين بهدف "نقل رسالة تضامن من مصر مع الدولتين وشعبيهما الشقيقين عقب كارثة زلزال.

كما كانت تونس رفعت مستوى تمثيلها السياسي مع النظام وقررت إعادة فتح سفارتها في دمشق. كذلك زار وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان سورية عقب أيام من الزلزال، فيما كشفت وكالة "رويترز" أخيراً أنه أدى دوراً في إقناع الأسد بالسماح بدخول المساعدات إلى الشمال السوري عقب الزلزال.

رضوان زيادة: الاتحاد البرلماني العربي لا وزن سياسياً له

وتعليقاً على هذا الانفتاح تجاه دمشق أشار الباحث السياسي في مركز "الحوار السوري" ياسين جمول، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "محاولات دول عربية التطبيع مع نظام الأسد سبقت الزلزال، وفشلت". ولفت إلى أن "هذه الدول وجدت في كارثة الزلزال ذريعة للمحاولة مجدداً تحت عنوان إنساني خادع، مع أنه لا يُخفى على جهاز عربي أن المتضررين أكثرهم في مناطق سيطرة المعارضة، وأن الأسد هو لصّ المساعدات".

وأعرب الباحث عن اعتقاده بأن تخفيف الإدارة الأميركية العقوبات على نظام الأسد لإيصال المساعدات الإنسانية لمتضرري الزلزال "جعل أطرافاً عربية تعتبر هذا التخفيف ضوءاً أميركياً أخضر للتقرب أكثر من نظام الأسد المجرم والتطبيع معه". غير أنّ جمول يعتقد أن المحاولات العربية لإعادة تعويم نظام بشار الأسد "لن تنجح لأسباب تعود إلى النظام نفسه، وعجزه عن أيّ إصلاحات تلبّي المطالب العربية".

وفي السياق، قلّل المحلل السياسي رضوان زيادة من الأهمية السياسية للزيارة، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "هذا البرلمان لا وزن سياسياً له".

وبالتوازي مع جهود أطراف عربية تأهيل نظام الأسد، تكثف روسيا جهودها لتسريع التقارب بين دمشق وأنقرة والذي بدأ أواخر العام الماضي، وكان مخططاً له الاستمرار لولا وقوع الزلزال المدمر. وفي هذا الصدد، قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في مقابلة مع وكالة "تاس" الروسية للأنباء، نشرت أمس، إن "وزراء خارجية روسيا وتركيا وسورية وإيران (سيرغي لافروف ومولود جاووش أوغلو وفيصل المقداد وحسين أمير عبد اللهيان) يرتبون لعقد اجتماع"، موضحاً أنه "يوجد على جدول الأعمال الآن تنظيم اجتماع رباعي لمسؤولي الشؤون الخارجية، والاستعدادات جارية له".

وكان بوغدانوف قد صرّح قبل أيام أن "الخلافات بين دمشق وأنقرة يمكن تجاوزها"، مشيراً إلى أن بلاده "ستواصل مساعدة الطرفين في إيجاد حلول مقبولة لهما من أجل تطبيع العلاقات واستعادة علاقات حسن الجوار التقليدية السورية التركية". ورأى أن "استئناف عمل البعثات الدبلوماسية في كلا البلدين يجب أن يكون إحدى نتائج الجهود المشتركة في هذا الاتجاه".

وكانت أنقرة قد دشّنت تقارباً مع النظام السوري بدفع من الجانب الروسي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تجلى في اجتماع وزراء دفاع روسيا وتركيا والنظام السوري، سيرغي شويغو وخلوصي أكار وعلي محمود عباس، في موسكو (في 28 ديسمبر الماضي)، وهو اللقاء الرسمي الأول على المستوى الوزاري بين تركيا والنظام منذ عام 2011. وكان من المفترض أن يُعقد لقاء بين وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، ووزير خارجية النظام فيصل المقداد خلال الشهر الحالي، إلا أن كارثة الزلزال جمّدت جهود موسكو التي تريد تطبيعاً كاملاً بين أنقرة ودمشق يبدو أن طهران لا تعترض عليه.

وفي هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي رضوان زيادة في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن لقاء وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري المرتقب "كان مجدولاً قبل الزلزال، ويأتي في سياق مسار أستانة، بحيث سُمح بتمثيل للنظام واستثناء المعارضة". ورأى أن اللقاء "لن يسفر عنه شيء، لكنه يعكس للأسف رؤية سياسية تركية جديدة حيال النظام".

تقارير عربية
التحديثات الحية