- الفراغ الرئاسي المستمر لأكثر من 18 شهرًا يهدد الاستقرار في لبنان، مع تعثر الجهود الدولية والعربية لكسر الجمود السياسي وتنفيذ الإصلاحات الضرورية.
- الانقسام السياسي حول انتخاب رئيس جديد يستمر، مع دعم حزب الله وحركة أمل لمرشحهما سليمان فرنجية، وفشل البرلمان في انتخاب رئيس، مما يعمق الأزمة السياسية.
على وقع التصعيد العسكري العنيف في مستوى العمليات المتبادلة بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي جنوبيّ لبنان، خرج سفراء الدول الخمس في بيان مشترك يحث المسؤولين اللبنانيين على ضرورة انتخاب رئيس في لبنان. وجاءت هذه الدعوة، بعد اختتام السفراء اجتماعاتهم مع الكتل السياسية، التي لم تفضِ حتى السّاعة إلى تطوّر جدّي على مستوى تحقيق تفاهم رئاسي، ما يعزز الشكوك من إمكانية ملء الشغور في الفترة القريبة.
وقال السفراء في البيان المشترك إن الدعوة إلى انتخاب رئيس في لبنان تأتي "لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية، وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسي مستقبلي بشأن حدود لبنان الجنوبية". ووزعت السفارة الأميركية في بيروت أمس الخميس بياناً، جاء فيه، أنه "بعد أكثر من 18 شهراً من الفراغ الرئاسي في لبنان، يعيد سفراء مصر وفرنسا وقطر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة التأكيد على الوضع الحرج الذي يواجه الشعب اللبناني والتداعيات، صعبة التدارك، على اقتصاد لبنان واستقراره الاجتماعي بسبب تأخير الإصلاحات الضرورية".
وأضاف: "لا يمكن للبنان الانتظار شهراً آخر، بل يحتاج ويستحق رئيساً يوحّد البلد ويعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه ويشكل تحالفاً واسعاً وشاملاً في سبيل استعادة الاستقرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. كذلك، فإنّ انتخاب رئيس لهو ضروري أيضاً لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسي مستقبلي بشأن حدود لبنان الجنوبية".
وتابع البيان: "خلال الشهر الماضي، اختتم سفراء دول الخماسية اجتماعاتهم مع الكتل السياسية اللبنانية الكبرى لمناقشة الفراغ الرئاسي المستمر. محادثات سفراء الخماسية أظهرت أن هذه الكتل متفقة على الحاجة الملحّة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وهي مستعدة للمشاركة في جهد متصل لتحقيق هذه النتيجة، وبعضها مستعد لإنجاز ذلك بحلول نهاية شهر مايو/ أيار 2024".
ويرى سفراء الدول الخمس تبعاً لذلك أنّ "مشاورات، محدودة النطاق والمدة، بين الكتل السياسية ضرورية لإنهاء الجمود السياسي الحالي. وهذه المشاورات يجب أن تهدف فقط إلى تحديد مرشّح متفق عليه على نطاق واسع، أو قائمة قصيرة من المرشحين للرئاسة، وفور اختتام هذه المشاورات، يذهب النواب إلى جلسة انتخابية مفتوحة في البرلمان مع جولات متعددة حتى انتخاب رئيس جديد".
ويدعو سفراء دول الخماسيّة "النواب اللبنانيين إلى المضي قدماً في المشاورات والوفاء بمسؤوليتهم الدستورية من أجل انتخاب رئيس في لبنان".
وكرّرت مصر وفرنسا وقطر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة "موقفها الموحّد حول دعم حكومة وشعب لبنان، كما تم التعبير عنه في بيان الدوحة الصادر في يوليو/تموز الماضي".
ويؤكد سفراء دول الخماسيّة "التزامهم باحترام سيادة لبنان ودستوره ويواصلون جهودهم الصادقة والمحايدة لمساعدة لبنان على الخروج من أزماته الحالية واستعادة عافيته السياسية والاقتصادية".
وختم البيان بالتأكيد أنّ "سفراء دول الخماسيّة هم على استعداد لأن يشهدوا وييسروا المشاورات السياسية المقترحة بالتزامن مع الجهود والمبادرات اللبنانية المستمرّة من قبل جميع الأطراف وأصحاب المصلحة اللبنانيين، بما في ذلك كتلة الاعتدال الوطني".
لا تطور جدياً بشأن انتخاب رئيس في لبنان
ويقول مصدرٌ مقرّبٌ من رئيس البرلمان نبيه بري لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحراك الدولي العربي مشكورٌ جداً، ويُحدِث خرقاً في الجمود، لكن لا تطوّر جديّاً بعد في الملف الرئاسي، نحن مع انتخاب رئيسٍ اليوم قبل الغد، وعلى القوى السياسية مقاربة الملف من منطلق وطني، والاجتماع على طاولة واحدة، فالحوار هو المدخل الوحيد والأساسي لانتخاب رئيس وملء الشغور القائم".
ويشير المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أنّ "الدول تساعد لبنان على التقارب، لكن مهما تكثفت الجهود الخارجية لحلّ الأزمة، يبقى مفتاح انتخاب الرئيس بيد اللبنانيين ومجلس النواب بشكل خاص، الذي إن لم يتفاهم ويتوافق على رئيس فإنّ الشغور سيطول كثيراً". ولفت إلى أنه "لا دعوة راهنة لمجلس النواب لانتخاب رئيس، وبري سيقدم على هذه الخطوة إن لمس تطوراً في المشاورات والأجواء".
ويلفت المصدر إلى أن "الدول الخمس لم تضع أي فيتو على اسم مرشح للرئاسة، ولا تقترح أسماء محددة، بل تطلب وضع قائمة أسماء بين المسؤولين اللبنانيين والتفاهم عليها واختيار واحد منها، وبالتالي هي لا تدخل في لعبة الأسماء".
وعقد البرلمان اللبناني آخر جلسة من أجل انتخاب رئيسٍ في لبنان في يونيو/حزيران الماضي، إذ توزعت نتيجة الاقتراع بشكل أساسي، بين مرشح حزب الله وفريقه السياسي، رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، الذي حاز 51 صوتاً، ومرشح الفريق المعارض وبعض المستقلين، الذين تقاطعوا مع التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل، على الوزير السابق جهاد أزعور، وقد حاز 59 صوتاً. بيد أنّ أياً من المرشحين لم يتمكن من حصد الأصوات التي تحقق له الفوز بالرئاسة من الدورة الأولى، أي 86 صوتاً من أصل 128، قبل أن ترفع الجلسة لفقدان نصاب الدورة الثانية.
ولا يزال الانقسام قائماً بين القوى السياسية في لبنان حول كيفية مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وشكل الحوار، الذي يصرّ رئيس البرلمان نبيه بري على ترؤسه وعلى ضرورة حصول نوع من التفاهم بين الكتل قبل الذهاب إلى جلسة نيابية لانتخاب رئيس.
لا يزال الانقسام قائماً بين القوى السياسية في لبنان حول كيفية مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وشكل الحوار
كذلك، لا يزال حزب الله وحركة أمل (يرأسها بري)، يتمسّكان بدعم مرشحهما للرئاسة، سليمان فرنجية، وبالمواصفات الرئاسية التي يتصدّرها "عدم الطعن بظهر المقاومة أو التآمر عليها". وهو "شرطٌ رئاسيٌّ" يتعزّز اليوم لدى الحزب في ظلّ العدوان الإسرائيلي على الجنوب اللبناني والهجوم الذي يتعرّض له من معارضيه على خلفية جعله من لبنان جبهة مساندة لغزة واتهامه بربط ملف الرئاسة بالأحداث العسكرية والتسويات الدولية".