حراك اللجنة الخماسية في لبنان: جهدٌ مكثفٌ من دون خرق جدّي رئاسياً

19 مارس 2024
من جلسة سابقة لانتخاب رئيس للبنان (حسين بيضون)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سفراء من السعودية، قطر، مصر، الولايات المتحدة، وفرنسا يعملون على تسهيل انتخاب رئيس جديد للبنان من خلال لقاءات مع القيادات اللبنانية، في محاولة لإنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ 31 أكتوبر 2022.
- الانقسامات السياسية، خاصة مع تمسك "حزب الله" و"حركة أمل" بمرشحهما، وإصرار رئيس البرلمان على ترؤس الحوار، تعيق التقدم نحو انتخاب رئيس جديد، رغم المساعي النيابية لإطلاق حوار رئاسي.
- يؤكد السفراء والمسؤولون اللبنانيون على أهمية التوافق والمرونة لتسريع العملية الانتخابية، مع التشديد على ضرورة انتخاب رئيس قادر على معالجة الأزمات وبناء علاقات جيدة مع الخارج، معتبرين التوافق اللبناني مفتاح الحل.

يواصل سفراء اللجنة الخماسية المعنيّة بالملف الرئاسي في لبنان نشاطهم لتحضير أرضية مشتركة تسمح بانتخاب رئيسٍ جديدٍ للبلاد، بيد أن حراكهم المكثّف تجاه المسؤولين اللبنانيين، لم يفضِ بعد إلى إحداث أيِّ خرقٍ للأزمة، خصوصاً أن البحث بالاستحقاق "رُحِّلَ" إلى الشهر المقبل.

وعقد سفراء الدول الخمس، المملكة العربية السعودية، قطر، مصر، الولايات المتحدة، وفرنسا، يومَي الاثنين والثلاثاء، لقاءات موسّعة مع القيادات اللبنانية السياسية والروحية، في إطار مسعاهم من أجل تسهيل وتعجيل العملية الانتخابية لإنهاء الشغور الرئاسي المستمرّ منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وإنجاز الملف الذي يصفونه بـ"الصعب"، معلنين استكمال جولتهم مطلع الشهر المقبل.

وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية التي تخرج عن اللقاءات، والتعويل اللبناني على دور اللجنة الخماسية، وبروز مساعٍ نيابية لإطلاق حوار رئاسي، إلا أنّ السلبية لا تزال تتغلّب على الملف، في ظلّ الانقسام المستمرّ بين القوى السياسية حول كيفية مقاربة الاستحقاق، و"شكل" الحوار، الذي يصرّ رئيس البرلمان نبيه بري على ترؤسه.

ولا يزال "حزب الله" و"حركة أمل" (يرأسها بري)، بالدرجة الأولى، يتمسّكان بدعم مرشحهما للرئاسة؛ رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، وبالمواصفات الرئاسية التي يتصدّرها "عدم الطعن بظهر المقاومة أو التآمر عليها"، وهو "شرط رئاسي" يتعزّز اليوم لدى الحزب، في ظلّ العدوان الإسرائيلي على الجنوب اللبناني، والهجوم الذي يتعرّض له من معارضيه على خلفية جعله من لبنان "جبهة مساندة لغزة".

وقال السفير المصري علاء موسى، بعد لقاء الرئيس السابق ميشال عون، اليوم الثلاثاء، إنّ اللقاءات ستُستكمل مطلع الشهر المقبل مع باقي الكتل السياسية، "وصولاً إلى الحصول على أرضية مشتركة تسمح لنا أن نحدث اختراقاً في هذا الملف الصعب، وهذه الجهود جميعاً نرجو أن تصبّ في أن ننتهي من هذا الملف في أسرع وقتٍ ممكنٍ".

وفي إطار المواقف التي صدرت عن السفير المصري بعد لقائه مسؤولين لبنانيين، بينهم رئيس البرلمان نبيه بري، قوله إن هناك جولةً من المباحثات، للوصول إلى تشكيل وجهة نظر متقاربة لدى الجميع، وأرضية مشتركة تُهيّئ وتساعد كثيراً في الانتهاء من الاستحقاق الرئاسي.

ولفت السفير المصري إلى أن "هناك إشارات إيجابية تتلخّص بعنوان رئيسي هو المرونة، فهذا الاستحقاق، ومنذ بداياته، كانت هناك مواقف حدّية فيه بعض الشيء، وبالتالي ما نسعى إليه هو التقليل من هذه الحدّية والبحث عن أرضية مشتركة، لخلق مناخٍ يساعد بالوصول إلى إحداث اختراق في الملف الرئاسي".

وأشار إلى أنّ "الخرق الملموس هو أن الكتل السياسية لديها قناعة الآن بأنّ التوافق فيما بينها هو شيءٌ مهمٌّ للغاية، وعندما نتحدّث عن التوافق، فهذا معناه أن الجميع لديه استعداد للحوار والنقاش والتشاور، وصولاً إلى أمر يتفق عليه الجميع، وهذا ما نبحث عنه".

وعلى صعيد المواقف اللبنانية، قال بري إنّ "اللقاء مع السفراء كان جيداً وسيتكرّر، والتوافق قائم على ضرورة إنجاز التفاهم، توصّلاً إلى تحقيق الاستحقاق".

وأشار مصدرٌ مقرّبٌ من بري لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "اللقاء كان إيجابياً، وهناك حراكٌ مشكورٌ يُبذل من قبل السفراء، ويُظهر حرص الدول الخمس على إتمام الاستحقاق، ومساعدة ودعم لبنان، لكن دورهم يقتصر على محاولة تقريب وجهات النظر، والتطرق إلى مواصفات رئاسية، وأهمية أن يُنتخب رئيس قادرٌ على النهوض بلبنان اقتصادياً، وبناء علاقات جيدة مع الخارج، مع التشديد على الحاجة الماسّة لتسريع العملية الانتخابية، في ظلّ الظروف الأمنية الدقيقة التي تعيشها البلاد والتي تحتم استقراراً سياسياً يتمثل بوجود رئيس وحكومة كاملة الصلاحيات".

ولفت المصدر إلى أن "السفراء لا يدخلون في الأسماء، سواء بتأييد أو وضع فيتو على مرشح معيّن، فهذا شأنٌ لبنانيٌّ داخليٌّ، وكل الجهود التي تُبذل لن تصل إلى مكان إذا لم يكن هناك توافق لبناني".

في السياق، شدّد الرئيس السابق ميشال عون على "ضرورة أن تتوفّر لدى المرشح الرئاسي النية والقدرة على معالجة الأزمات التي يُعاني منها لبنان، خصوصاً ما يطاول الاقتصادَ والأمن، ومتابعة التحقيقات في الجرائم المالية".

من جانبه، وصف رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، رئيس البرلمان نبيه بري بأنه "بيبي سيتر"؛ أي جليسة أطفال، لمحور الممانعة، مشيراً إلى أن "هذه الدول صديقة للبنان، وتحاول أن تساعد في انتخاب رئيس للجمهورية، لكن المشكلة هي لدى محور الممانعة، لأنه لا يريد انتخابات أو يريدها على قياسه"، لافتاً إلى أنه لم يصر إلى طرح أي أسماء خلال اللقاء.

بدوره، أكّد البطريرك الماروني بشارة الراعي استعداده لمؤازرة اللجنة الخماسية التي التقاها أمس الاثنين، وأطلعته على نشاطاتها وخريطة عملها، مشدداً على أن طريق الحلّ مرسومٌ في الدستور، وأن التوافق على شخص، على الرغم من جمال الكلمة، منافٍ للدستور وللديمقراطية وللمنطق في جوّ الانقسام السائد في البلاد.

وقال إن "التوافق يعطي حقّ الفيتو على الأشخاص، ويخلق العداوات مجاناً في عائلتنا اللبنانية، وهناك فارق كبير بين وضع فيتو على هذا أو ذاك، وعدم التصويت له"، مشدداً على أن "الحلّ يكون بالذهاب إلى مجلس النواب، وانتخاب رئيس وفق الدستور، من بين الأشخاص المطروحة أسماؤهم أو غيرهم، وكلهم جديرون، وذلك في جلسات متتالية، وبنتيجة الاقتراع يتوافق النواب على اختيار الرئيس الذي تحتاج إليه البلاد في الظروف الراهنة".

المساهمون