حادثتا طابا ونويبع... تداعيات حرب غزة تتسع

28 أكتوبر 2023
جندي مصري في طابا، 2011 (محمود خالد/فرانس برس)
+ الخط -

تعزز الحادثة التي شهدتها مدينة طابا المصرية التي تتبع محافظة جنوب سيناء وتقع على البحر الأحمر، في الساعات الأولى من يوم أمس الجمعة، بعد إصابة 6 مصريين إثر سقوط مسيّرة مجهولة بجوار أحد المباني بجانب مستشفى طابا، فضلاً عن تسجيل سقوط "جسم آخر" أيضاً قرب محطة للكهرباء في نويبع التي تقع على بعد نحو 70 كيلومتراً من الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد ذلك بساعات، الهواجس من اتساع دائرة المناطق المتأثرة بتداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

مسيّرة مجهولة تسقط في طابا

وفي أول تعليق له على حادثة طابا، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه "على علم بوقوع حادث أمني لكنه وقع خارج حدودنا"، قبل أن تنقل وكالة "رويترز" عن المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هغاري قوله "رصدنا في الساعات القليلة الماضية تهديداً جوياً في منطقة البحر الأحمر. أرسلنا طائرات هليكوبتر قتالية للتعامل مع التهديد، ويجري الآن التحقيق في الأمر". وأضاف في إفادة صحافية بثها التلفزيون: "على حد علمنا، الضربة التي وقعت في مصر كانت نتيجة لهذا التهديد... إسرائيل ستعمل مع مصر والولايات المتحدة على تعزيز الدفاعات الإقليمية في مواجهة التهديدات القادمة من منطقة البحر الأحمر".

كما أشارت إذاعة جيش الاحتلال إلى أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن المسيرة إما أطلقها الحوثيون من اليمن أو أطلقت من سفينة إيرانية كانت في عرض البحر الأحمر. وحسب الإذاعة فإنه بغض النظر عن المكان الذي أطلقت منه المسيرة فإن إيران تعد المسؤولة المباشرة عن إطلاقها. مع العلم أن الجيش الأميركي أعلن الأسبوع الماضي أن سفينة حربية تابعة للبحرية في شمال البحر الأحمر اعترضت صواريخ أُطلقت من الأراضي اليمنية واتجهت شمالًا على طول البحر الأحمر، وأنه من المحتمل أن تكون باتجاه أهداف في إسرائيل.

من جهته، أعلن المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية في بيان مقتضب ظهر أمس الجمعة، عن "سقوط إحدى الطائرات الموجهة دون طيار (مجهولة الهوية)، صباح الجمعة، بجوار أحد المباني بجانب مستشفى طابا". وقال إن الحادث "أسفر عن إصابات طفيفة لستة أفراد، خرجوا من المستشفى بعد تلقي الإسعافات اللازمة" ولفت إلى أن الحادث "قيد التحقيق بواسطة لجنة مختصة من الجهات المعنية".

ومساء، قال المتحدث العسكري في ثاني بيان له منذ الحادث، إنه "في إطار متابعة نتائج التحقيقات الجارية بمعرفة اللجنة المختصة في حادثتي سقوط جسم غريب بنويبع وطائرة موجهة بدون طيار بطابا، وبتحليل وجمع المعلومات، أكدت نتائج التحقيقات أن طائرتين بدون طيار كانتا متجهتين من جنوب البحر الأحمر إلى الشمال، حيث تم استهداف إحداهما خارج المجال الجوي المصري بمنطقة خليج العقبة، ما أسفر عن سقوط بعض حطامها بمنطقة غير مأهولة بالسكان بنويبع، إضافة إلى سقوط الأخرى بطابا".

مصدر أمني: الاحتلال الإسرائيلي لم ينسق مع الجانب المصري، لاستهداف الطائرة المسيرة فوق طابا

بموازاة ذلك، قال مصدر أمني في محافظة جنوب سيناء المصرية، التي تقع فيها مدينة طابا الحدودية، إن "طائرة مسيرة مصدرها اليمن، تم إطلاقها باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أن جيش الاحتلال قد رصدها خلال تحليقها فوق الأراضي المصرية، وتحديداً في منطقة البحر الأحمر، وهي في اتجاهها إلى هدف إسرائيلي، فأرسل طائرة حربية مقاتلة، على الحدود، تعاملت مع المسيّرة وأسقطتها داخل الأراضي المصرية، ما أدى إلى وقوع إصابات بشرية، وأضرار مادية في منطقة السقوط".

وأضاف المصدر الأمني -الذي رفض ذكر اسمه- في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الاحتلال الإسرائيلي لم ينسق مع الجانب المصري، لاستهداف الطائرة المسيرة فوق الأراضي المصرية، حيث بقيت الحادثة (غير معلومة التفاصيل) إلا بعد مرور أكثر من ست ساعات على وقوعها".

فتح جبهات قتال جديدة؟

وتعليقاً على الحادث قال الخبير العسكري المصري العميد المتقاعد صفوت الزيات، في حديث لـ"العربي الجديد" إن "هذه الضربات التي تجري في المناطق الحدودية بين مصر وإسرائيل في طابا ونويبع، ربما تعود إلى قرار من غرف عمليات المقاومة، وتكون مختلفة في اتجاهاتها وتوجهاتها لمحاولة فتح وتوسيع إطار العمليات القتالية، للتخفيف على ما يجري في داخل غزة".

وشدد على أن "حوادث أمس الجمعة التي وقعت بالأراضي والأجواء المصرية، لا نستطيع أن نفصلها عن الإطار الخارجي، الذي بدأت فيه حركات المقاومة بكافة أشكالها وأنواعها، في فتح جبهات قتال جديدة، تشتت العدو عن التركيز بشكل أو آخر على على قطاع غزة، كما نرى من مذابح وخروج عن قواعد الاشتباك وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

من جهته، قال أستاذ القانون الدولي العام، والخبير في النزاعات الدولية، محمد محمود مهران، في حديث لـ"العربي الجديد" إن "الاعتداء (الإسرائيلي) يمثل انتهاكاً صارخاً لسيادة مصر وسلامة أراضيها، كما يخالف المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة التي تحظر اللجوء للقوة ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة". مضيفاً أن "الهجوم يرقى لمستوى جريمة العدوان المنصوص عليها في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 لسنة 1974، حيث استخدمت القوة ضد أراضي دولة أخرى بالمخالفة لميثاق الأمم المتحدة".

مهران: مصر مخولة باتخاذ إجراءات الدفاع عن النفس، بما في ذلك رفع شكوى لدى مجلس الأمن واستخدام القوة إذا لزم الأمر لردع أي هجمات مستقبلية

وشدد مهران على أن "الهجوم العشوائي على مناطق مدنية يشكل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي الإنساني ولا سيما البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949، الذي يحظر الهجمات العشوائية ضد المدنيين". ولفت إلى أن مصر "مخولة بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات الدفاع عن النفس، بما في ذلك رفع شكوى لدى مجلس الأمن واستخدام القوة إذا لزم الأمر لردع أي هجمات مستقبلية".

كما دعا مهران مصر إلى "ضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة للتحقق من وقائع الهجوم وتحديد المسؤوليات، بموجب المادة 90 من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف". وطالب مهران في "حالة ثبوت ضلوع اسرائيل بهذا الحادث، مطالبتها بالتعويض عن الأضرار الناجمة". وشدد على "ضرورة قيام السلطات المصرية بجمع كافة الأدلة وتوثيق الخسائر البشرية والمادية، لتقديمها أمام المحافل الدولية والمطالبة بالتعويضات اللازمة". وأكد مهران أن "أي هجوم إسرائيلي على الأراضي المصرية يشكل انتهاكاً واضحاً لاتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل الموقعة عام 1979".

المساهمون