حادثة الحدود التركية السورية: توتّر محدود

10 يناير 2022
استهدفت القوات التركية مواقع لـ"قسد" شرق الفرات (عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

تجدد التوتر والتصعيد في شمال سورية بين الجانب التركي و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي يشكل مقاتلون أكراد قوامها الرئيسي. إلا أن الوقائع الميدانية لا تشي بقرب تدخل عسكري تركي واسع النطاق. 

وأعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس الأول السبت "تحييد 12 إرهابياً من تنظيم بي كا كا (حزب العمال الكردستاني) وي ب ك (حزب الاتحاد الديمقراطي)، رداً على استشهاد 3 جنود أتراك في انفجار على الحدود مع سورية"، وفق ما جاء في وكالة الأناضول التركية.

وكانت الوزارة أعلنت، السبت الماضي، مقتل 3 من جنودها بانفجار عبوة "زرعها إرهابيون على الشريط الحدودي مع سورية في قضاء أقجة قلعة التابع لولاية شانلي أورفة جنوب شرقي البلاد".

توعد أكار بملاحقة "الإرهابيين والخونة" أينما كانوا

من جانبها، أعلنت "قسد"، السبت، مقتل مدني وإصابة 11 آخرين، جراء استهداف القوات التركية، وفصائل مسلحة موالية لها، أماكن في مدينة عين العرب (كوباني) وست قرى بريف المدينة، الواقعة على الحدود السورية التركية في منطقة شرقي نهر الفرات. 

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن طفلاً بُترت ساقه نتيجة القصف التركي على مدينة عين العرب، مشيراً إلى أن القصف بالقذائف شمل نحو 15 قرية وبلدة بريفي عين العرب في ريف حلب الشمالي الشرقي، وتل أبيض في ريف الرقة الشمالي.

أكار يتوعد "الإرهابيين بحساب عسير"

وتوعد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أمس الأحد، "الإرهابيين بحساب عسير" بعد مقتل 3 جنود أتراك على الشريط الحدودي مع سورية. 

وقال، لمناسبة إحياء الذكرى 107 لمعركة "صاري قاميش" بين الجيشين العثماني والروسي شرقي الأناضول، إن "عملياتنا العقابية مستمرة. سنصل للإرهابيين والخونة أينما كانوا. دماء شهدائنا لم ولن تذهب سدى".

وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الجيش التركي منطقة عين العرب. وكان قتل، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، 6 من منظمة "الشبيبة الثورية" التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي بهجوم بطائرة تركية مسيّرة على مقر لهذه المنظمة في عين العرب.

وكان قتل وأصيب عدد من الجنود الأتراك في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في ريف حلب الشمالي، وهو ما دفع الجيش التركي لإرسال تعزيزات إلى الداخل السوري، وعلى الحدود المشتركة لشنّ عملية واسعة النطاق ضد "قسد". لكن يبدو أن ضغوطاً إقليمية ودولية على أنقرة حالت دون ذلك.

لا عملية واسعة للجيش التركي

وجاء تصعيد السبت الماضي ليفجر مخاوف من اتساع دائرة التوتر، لتصل إلى شن الجيش التركي عملية جديدة في شمال سورية، لطالما لوّح بها في الربع الأخير من العام الماضي. 

وتعد مدينة عين العرب، ذات الغالبية الكردية من السكان، من الأهداف المحتملة لهذا الجيش، في حال تعرضه لمزيد من العمليات، التي تفضي إلى مقتل وإصابة جنود.

لكن الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية، طه عودة أوغلو، رأى، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التطورات في الشمال السوري "لن تدفع الجيش التركي للقيام بعملية واسعة النطاق في الوقت الراهن". ولفت إلى أن المنطقة تشهد تعقيدات، معرباً عن اعتقاده بأن الجيش التركي سيكتفي بالرد على أي عملية تستهدفه.

من جانبه، قال الرائد يوسف حمود، وهو الناطق باسم "الجيش الوطني السوري"، الذي يضم فصائل المعارضة في شمال سورية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "كل الاحتمالات العسكرية واردة في شمال سورية". 

ولفت حمود إلى أن الأعمال العسكرية لم تتوقف، فاستهداف قياديين أو مقرات العمليات لـ"قوات سورية الديمقراطية" تعتبر أعمالاً تكتيكية تخدم غايات بعيدة. وأوضح أن الخطوات الاستراتيجية تكون مدروسة من قبل الدول. 

توتر في شرق الفرات منذ 2019 

وكان الجيش التركي شن أواخر العام 2019 عملية في شرق الفرات طرد فيها "قوات سورية الديمقراطية" من شريط داخل الأراضي السورية، يمتد على طول 100 كيلومتر، وبعمق يصل إلى أكثر من 30 كيلومتراً، ويشمل أجزاء من ريف الرقة الشمالي ومن ريف الحسكة الشمالي الغربي.

أعرب طه عودة أوغلو عن اعتقاده بأن الجيش التركي سيكتفي بالرد على أي عملية تستهدفه

ومنذ ذلك الحين تشهد منطقة شرقي الفرات توتراً وقصفاً متبادلاً، في ظل سعي فصائل المعارضة السورية إلى توسيع دائرة سيطرتها على حساب "قوات سورية الديمقراطية" التي قاومت هذه المحاولات، خصوصاً في منطقة عين عيسى الاستراتيجية في ريف الرقة الشمالي.

وتحكم الشمال السوري تفاهمات مشتركة بين تركيا وروسيا من جهة، وتركيا وأميركا من جهة ثانية، تبلورت أواخر العام 2019. وأوقفت التفاهمات وقتها العملية التركية، على أن يتم الإبقاء على خريطة السيطرة الحالية، بانتظار حل سياسي يحسم مصير المناطق الواقعة تحت سيطرة "قسد" في شرق الفرات وغربه، حيث تسيطر هذه القوات على مدينة منبج وريفها، ومنطقة تل رفعت وقرى في محيطها شمال مدينة حلب.

المساهمون