قرر حزب "الحلم الجورجي" الحاكم والحركة المجتمعية "قوة الشعب"، اليوم الخميس، سحب مشروع قانون "العملاء الأجانب" المثير للجدل من البرلمان، وذلك بعد أن أثار جدلاً واسعاً وأدى إلى خروج احتجاجات مناهضة له. بينما دعت المعارضة إلى مواصلة التظاهر حتى بعد سحب مشروع القانون.
وقال الحزب والحركة في بيان مشترك أوردته وسائل إعلام جورجية وروسية: "نحن كسلطة مسؤولون أمام كل فرد في المجتمع، وقد اتخذنا قراراً بالسحب غير المشروط لمشروع القانون الذي اقترحناه".
وأشار البيان إلى أن النواب أجروا مشاورات حول مصير هذا المشروع، الذي أثار خلافات في المجتمع وأدى إلى خروج تظاهرات ضخمة شهدتها العاصمة تبليسي استخدمت خلالها الشرطة عبوات الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين تجمّعوا أمام البرلمان.
#Tbilisi Now: People stand strong and together. The Constitution of Georgia is embodied in the Georgian people. Our national objective is Euro-Atlantic integration and we stand ready to defend it. Our message is clear: Georgia is Europe. Georgia will never be Russia. pic.twitter.com/t9uuMlBAam
— Katie Shoshiashvili (@KShoshiashvili) March 8, 2023
ورأى "الحلم الجورجي" أن "آلة الكذب" صورت مشروع القانون "في ضوء سلبي"، خادعةً قسماً من السكان عبر وضع على المبادرة "ملصق كاذب" بأنه "قانون روسي"، مشيراً إلى أنه سيبدأ مشاورات عامّة لـ"شرحٍ أفضل" للغرض من هذا النص، وبالتالي، فإنّ الحزب الحاكم لا يغلق الباب بالكامل أمام عودة مستقبلية لمشروع القانون هذا إلى البرلمان.
وأضاف الحزب أن السلطات يتعين عليها في هذا الوضع ضمان "هدوء" البلاد وتقدمها على الطريق نحو "التكامل الأوروبي"، مؤكداً أنه يعتزم تعديل القانون وأن يوضح بشكل مفصل هدفه وأهمية ضمان "شفافية التأثير الخارجي" في البلاد.
وتبنى البرلمان الجورجي مشروع القانون هذا في القراءة الأولى أول أمس الثلاثاء، وينصّ على أنّ المنظّمات غير الحكومية ووسائل الإعلام التي تتلقّى أكثر من 20 في المئة من تمويلها من الخارج ملزمة بالتسجيل على أنّها "عملاء أجانب" تحت طائلة الغرامة، وفي أثناء النظر فيه وقع عراك بالأيدي بين النواب عن الحزب الحاكم والمعارضة.
وبالنسبة إلى منتقديه، يذكّر هذا القانون بتشريع روسي يستخدمه الكرملين لقمع الصحافة المستقلّة ومنظمات حقوق الإنسان وخصومه. وعارضت الرئيسة الجورجية، سالوميه زورابيشفيلي، هي الأخرى مشروع القانون، واعدة بفرض حق النقض (الفيتو) عليه.
رد المعارضة
ومن جهتها، تعهّدت الأحزاب المعارضة في جورجيا بتنظيم مزيد من التظاهرات، رغم وعود حزب "الحلم الجورجي" الحاكم، وأعلنت تنظيم تظاهرات جديدة مساء اليوم الخميس، مؤكدة أن التحرّكات ستستمر "طالما أنّه لم يتم ضمان التزام جورجيا الصارم بمسارٍ موالٍ للغرب".
وقالت المعارضة إنها تطالب "بالإفراج الفوري عن عشرات المتظاهرين الذين أُلقي القبض عليهم" خلال المظاهرات التي جرت الثلاثاء والأربعاء.
الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
وتطمح جورجيا، الجمهورية السوفييتية السابقة التي شهدت تدخّلاً عسكرياً روسياً في عام 2008، إلى الانضمام رسمياً إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وهو اتجاه اتخذ بعد "ثورة الورود" في عام 2003.
وأوصلت هذه الثورة إلى السلطة ميخائيل ساكاشفيلي الموالي للغرب، وهو الآن في السجن حيث يهدّد بانتقام سياسي، بحسب فرانس برس.
لكن عدداً من الخطوات التي اتخذتها الحكومة الحالية أخيراً، مثل مشروع قانون "العملاء الأجانب"، ألقى بظلال من الشك على ما إذا كانت التطلّعات الموالية للغرب ستستمر، في الوقت الذي تتهمها فيه المعارضة بدعم موسكو.
وفي السياق، رحّب الاتحاد الأوروبي بالإعلان، وقال عبر تويتر: "نرحّب بإعلان الحزب الحاكم سحب مشروع القانون بشأن النفوذ الأجنبي"، وأضاف: "نشجّع جميع القادة السياسيين في جورجيا على استئناف الإصلاحات المؤيّدة لأوروبا".
الكرملين: لا علاقة لنا بطرح قانون "العملاء الأجانب"
من جهته، عبّر الكرملين اليوم الخميس عن قلقه بشأن الاضطرابات في جورجيا إثر وقوع اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومحتجين على مدى ليلتين بسبب طرح مشروع قانون "العملاء الأجانب" الذي يقول معارضوه إن صياغته جاءت على غرار قانون روسي.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن روسيا ليس لها علاقة بأي شكل من الأشكال بطرح مشروع القانون.