بعد أكثر من شهرين على حراك أميركي لجمع أكبر كيانين سياسيين كرديين في سورية مجدداً حول طاولة حوار، لا يزال الحوار الكردي مجمدا منذ أكثر من عامين، وسط تصاعد الاتهامات المتبادلة بين كلا الجانبين بالمسؤولية عن الوضع الذي آلت إليه مناطق شمال شرق سورية وعدم تقديم تنازلات تفضي لاستئناف هذا الحوار.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية بدأت، مطلع شهر نيسان/إبريل الماضي، محاولة جديدة لإقناع "المجلس الوطني الكردي" في سورية، وأحزاب "الوحدة الوطنية الكردية" التي تشكل "الإدارة الذاتية" في الشمال الشرقي من البلاد، بالعودة إلى طاولة الحوار لتشكيل مرجعية سياسية كردية سورية واحدة.
ويوم أمس الجمعة، طالب المجلس الوطني الكردي في سورية، في بيان صدر عنه، الولايات المتحدة بالضغط على إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات سورية الديمقراطية (قسد) بالكف عن ملاحقة واعتقال مخالفيهم.
واتهم المجلس مسلحي "قسد" بإطلاق النار على عبد الحميد مروان عيدي، عضو حزب يكيتي الكردستاني (أحد مكونات المجلس الوطني) في مدينة عامودا.
وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال شلال كدو، عضو "الائتلاف الوطني السوري" عن "المجلس الوطني الكردي" وسكرتير حزب "اليسار الديمقراطي الكردي"، إنه لا معلومات حاليا عن زيارة المبعوث الأميركي إلى شرق الفرات وعقد لقاءات جديدة لدفع الحوار الكردي، مضيفا أن فرص استئناف الحوار حاليا "ضئيلة جدا" نظرا للمواقف "المتشنجة" من قبل حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الذي يصرح علنا بأنه غير مستعد لهذا الحوار ما دام المجلس الوطني الكردي عضوا فعالا في الائتلاف الوطني وكذلك ضمن إطار المعارضة.
وأكد كدو في الوقت ذاته أن خيار وجود المجلس الوطني الكردي في المعارضة السورية هو "خيار استراتيجي" وليس مطروحا للنقاش أصلا، وأردف: "حزب الاتحاد الديمقراطي حين يخوض الحوار مع المجلس الكردي إنما يستهدف العبور إلى أطر المعارضة السورية، وإلى المحافل الدولية التي تناقش الأزمة السورية تحت إشراف الأمم المتحدة، وبالتالي من غير المنطقي أن يطلبوا انسحابنا من المعارضة".
ورأى كدو أن استمرار ارتباط "الاتحاد الديمقراطي" بحزب "العمال الكردستاني" وممارساته الأخرى كالاعتقالات وحرق مقار أحزاب المجلس الوطني الكردي في شمال سورية، يقطع الطريق أمام استئناف هذا الحوار.
من جانبه، قال محمد الموسي، سكرتير حزب اليسار الكردي (من مكونات أحزاب الوحدة الوطنية)، إنه لا مؤشرات حقيقية لاستئناف الحوار، ولا معطيات على الأرض يمكن من خلالها عقد اجتماعات جديدة، لأن المسألة لا تتعلق فقط بالوضع الكردي داخل سورية، وإنما المسألة لها أبعادها الإقليمية والكردستانية.
ورأى الموسي أن تركيا تلعب دورا ضاغطا يؤثر بشكل سلبي على الحوار، كما لفت إلى أن الولايات المتحدة وفرنسا كانت لهما رغبة وجدية قبل فترة باستئناف الحوار، ظهرت من خلال عدة لقاءات عقدت معهما، لكن هذه الجهود لم تؤد إلى نتيجة إيجابية أو توافق جزئي أو كلي أو حتى توافقات.
وأضاف: "نتمنى أن تحاول القوى الدولية مرة أخرى استئناف هذا الحوار، لأن الخيارات التي أمامنا في هذه المرحلة، في ظل العوامل الضاغطة الإقليمية على مستوى الأنظمة الغاصبة لكردستان ومحاولات النظام السوري في هذا الاتجاه بهدف النيل من المكتسبات التي تحقق في شمال شرق سورية، تفرض علينا تعزيز تماسك الجبهة الداخلية وتحقيق التوافق الكردي – الكردي الذي سيشكل مقدمة لتحقيق التوافقات المطلوبة للمشاركة في الإدارة الذاتية، ما سيشكل أثرا إيجابيا على جميع المستويات باتجاه بناء معارضة وطنية ديمقراطية تحقق الهدف المنشود، وهو بناء دولة ديمقراطية تعددية لا مركزية".
وكانت آخر جولات الحوار الكردي عقدت برعاية أميركا خلال عام 2020، ولم تحقق نتائج رغم عدة جهود وساطة لاحقا ومشاورات.