جلسة انتخاب رئيس لبنان: السيناريوهات والأرقام وترقب لما بعدها

الجلسة الـ12 لانتخاب رئيس لبنان: السيناريوهات والأرقام وترقب لما بعدها

13 يونيو 2023
يستمرّ الشغور الرئاسي منذ 31 أكتوبر (محمد أزاكير/رويترز)
+ الخط -

تتعدّد السيناريوهات المطروحة لجلسة رقم 12 لانتخاب رئيسٍ للبنان، والتي تعقد غداً الأربعاء، من ضمنها احتمال تأجيلها في الساعات القليلة المقبلة، على وقع اتصالاتٍ تجري بين رئيس البرلمان نبيه بري والبطريرك الماروني بشارة الراعي، في ظلّ ارتفاع حدّة الخطاب السياسي وغياب التوافق الداخلي.

ويبقى العنوان الأكبر للتوقعات السياسية، يصبّ في خانة استمرار الشغور الرئاسي القائم منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، خصوصاً أنّ مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان غيف لودريان ستبدأ بعد تاريخ هذه الجلسة، ومن المنتظر أن يحمل معه مبادرة جديدة، بعدما سرت أنباء عن سقوط التسوية الفرنسية الأولى، التي تمثلت بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، مقابل اختيار الدبلوماسي نواف سلام لرئاسة الحكومة، مع الإشارة إلى أنّ الإليزيه كرّر في أكثر من تصريح أنه لم يدخل في لعبة الأسماء.

وتستند التوقعات التي تشير إلى عدم انتخاب رئيس يوم غدٍ الأربعاء، إلى عوامل عدّة، أبرزها عدم قدرة أيٍّ من المرشحَيْن رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، المدعوم من "حزب الله" و"حركة أمل" (يترأسها بري)، أو وزير المال السابق جهاد أزعور، مرشح القوى المعارِضة للثنائي، على تأمين 86 صوتاً في الدورة الأولى، ليُصار في الدورة الثانية إلى استخدام أداة تعطيل النصاب الذي حدّده بري بـ86 نائباً من أصل 128، (وهو نصاب تختلف عليه الآراء الدستورية)، من خلال الانسحاب من الجلسة.

ويلوِّح كلا الفريقَيْن بتعطيل نصاب الدورة الثانية لقطع الطريق على فوز المرشح الخصم، علماً أن أياً من المرشحَيْن لم يضمن بعد تأمين نصاب النصف زائداً واحداً (أي 65 نائباً) المطلوب لانتخاب رئيس من الدورة الثانية، مع تقدّم حتى الساعة لأزعور على حساب فرنجية، وذلك في وقتٍ تستمرّ فيه الاتصالات السياسية لكسب أصوات نواب مستقلين وتغييريين، لم يحسموا مواقفهم بعد، ويتخطى عددهم العشرين، وهم باتوا يُعرَفون بـ"بيضة القبّان"، التي من شأنها أن تؤثر في المعادلة.

وبغض النظر عن احتمال التأجيل الذي لا يزال ضعيفاً نسبياً، إذ يؤكد مصدرٌ مقرّبٌ من بري لـ"العربي الجديد"، أنّ "الجلسة قائمة في موعدها صباحاً حتى اللحظة"، فإنّ الجولة المنتظرة غداً بين فرنجية وأزعور دقيقة جداً ومحتدمة، وهي إن لم تسفر عن فوز أحدهما، إلا أنها ستفرض حتماً مساراً تفاوضياً مختلفاً لمرحلة ما بعد "14 يونيو"، باعتبار أنّ الأصوات التي سيحصل عليها كلّ مرشح، ستحدّد حجم كلّ فريق، وميزان القوى الداخلي، وقد تكون عاملاً لفرض مرشح ثالث خصوصاً على "حزب الله" وحلفه السياسي إذ من المتوقّع أن يحصد مرشحه فرنجية، عدد أصواتٍ أقل من أزعور.

أزعور يتفوق بالأصوات من دون قدرته على الفوز

على مقلب تعداد الأصوات، فإنّ أزعور استطاع حتى اللحظة أن يحسم 62 صوتاً لصالحه، توزعت كالآتي:

"التيار الوطني الحر" ويضمّ 17 نائباً، مع احتمال حصول خرقٍ بصفوفه، بنائبين أو أكثر، غير مؤيدين لقرار رئيس التكتل النائب جبران باسيل بالتصويت لأزعور، إلى جانب 19 صوتاً من كتلة "القوات اللبنانية" (يترأسها سمير جعجع)، و4 أصوات من "الكتائب اللبنانية" (يترأسها النائب سامي الجميل)، و8 أصوات من "الحزب التقدمي الاشتراكي" (بزعامة وليد جنبلاط)، و4 أصوات لنواب مستقلين من "كتلة تجدد".

كذلك، استطاع أزعور أن يكسب أصوات 10 من النواب المستقلين و"التغييريين"، وهم نعمة افرام، غسان سكاف، مارك ضو، جميل عبود، ميشال ضاهر، وضاح صادق، بلال الحشيمي، ميشال الدويهي، نجاة صليبا، وبولا يعقوبيان.

على ضفة فرنجية، من المتوقع أن ينال 44 صوتاً مؤكداً، بعد حسم 16 صوتاً من "حركة أمل"، 15 صوتاً من "حزب الله"، 4 أصوات من "تكتل المردة"، 5 نواب من "تكتل التوافق الوطني" الذي يضم حلفاء لـ"حزب الله" و"حركة أمل"، إلى جانب 4 مستقلين، هم جهاد الصمد، حيدر ناصر، جورج بوشكيان (المرجح أن يخرج عن قرار كتلة الأرمن)، وعبد الكريم كبارة.

هذا وحسمت "كتلة الاعتدال الوطني" التي تضم نواباً سابقين في "تيار المستقبل" (يترأسه سعد الحريري المعتكف سياسياً)، وشخصيات من الشمال، موقفها بالتصويت بالورقة البيضاء، علماً أنها كانت تعاني من انقسامات بين نواب يفضلون التصويت لفرنجية وآخرين لأزعور.

ويقول النائب في الكتلة سجيع عطية لـ"العربي الجديد"، إنّ "11 نائباً من قبلنا سيصوتون بالورقة البيضاء، ومن المتوقع أن تنعقد الجلسة بدورتها الأولى، ومن ثم يفقد نصاب الدورة الثانية، والأجواء تشير حتى اللحظة إلى أن أزعور تمكّن من حصد 60 صوتاً، وفرنجية يتقدم على خطّ الأربعين".

كذلك، قررت كتلة جزين صيدا (جنوب لبنان)، التي تضمّ 3 نواب مستقلين، هم أسامة سعد، عبد الرحمن البزري، وشربل مسعد، عدم التصويت لأي من المرشحَيْن.

ويقول مسعد لـ"العربي الجديد"، "المشاورات مفتوحة والاتصالات جارية لتحديد خطوتنا سواء بورقة بيضاء أو طرح اسم ثالث، لكن موقفنا أكيد بأننا خارج الاصطفافات التي لن تؤدي إلا إلى الفراغ"، لافتاً إلى أن الفريقين سيلجآن إلى تعطيل النصاب، مستنكراً تخوين النواب الذين لن يصوتوا لأزعور أو فرنجية، "فنحن مع فتح دورات متتالية وإبقاء الجلسة مفتوحة حتى انتخاب رئيس"، على حدّ قوله.

هذه الأرقام التي سبق الحديث عنها عرضة للتغير أيضاً، في ظلّ عدم حسم العديد من النواب مواقفهم، إذ فضّل بعضهم إبقاء قراره "سرّياً" داخل صندوق الاقتراع، في حين لا يزال البعض الآخر يعقد اجتماعات مفتوحة حتى الخروج بموقف موحّد، من ضمنهم نواب كتلة الأرمن التي تضم 3 نواب، إذ يقول نائب أرمني فضّل عدم الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد"، "القرار سنتخذه مساء اليوم، الآن هناك آراء وليس قراراً".

مع الإشارة إلى أن النائب ووزير الصناعة جورج بوشكيان الذي كان محسوباً على باسيل في الحكومة، قبل أن يخرق قراره بمقاطعة جلسات الحكومة بظلّ الشغور الرئاسي، قد يغرّد خارج سرب كتلة الأرمن، ويصوّت لصالح فرنجية، بينما لم يحسم النائبان الآخران موقفيهما بعد.

كذلك، لم يحسم عددٌ من النواب التغييريين والمستقلين مواقفهم بعد، والاجتماعات مستمرّة للخروج بموقف موحّد، وذلك في ظل اختلافات كبيرة في الآراء، بين مؤيد لأزعور، ورافض له من منطلق أنه ابن المنظومة التقليدية ومسؤول عن السياسات المالية الضريبية.

بعد 14 يونيو مرحلة البحث عن التوافق السياسي

بدوره، يقول الكاتب السياسي اللبناني جورج علم لـ"العربي الجديد"، "غداً سينتخب النكد السياسي الفراغ الرئاسي، والمزيد من التأزيم". ويلفت إلى وجود مساعٍ ناشطة حالياً لعدم انعقاد جلسة الأربعاء، وذلك تفادياً للمزيد من التشرذم والانقسامات، وخصوصاً على خطّ البطريركية المارونية ورئيس البرلمان نبيه بري.

وفي حال انعقاد الجلسة، فإن تعطيل النصاب سيكون أداة القوى السياسية، سواء في الدورة الأولى أو الثانية، إلا في حال حصل ضغط خارجي في اللحظة الأخيرة يغيّر من الواقع السياسي، لكن هذا احتمال ضئيل وشبه مستحيل، وفق رأيه.

ويرى علم أنه بعد جلسة الأربعاء، سيوضع ملف الاستحقاق الرئاسي في درج الانتظار، "لأن البحث سوف يبدأ عن التوافق، وهذا يحتاج إلى حوار لا يزال مرفوضاً من القوى السياسية، من هنا الرهان على الموفد الرئاسي الفرنسي المنتدب من أجل لبنان، والذي سيقدم حلولاً أو مبادرات لا تمثل فقط فرنسا، بل الدول المعنية بالملف اللبناني".