يعقد البرلمان العراقي اليوم السبت، جلسته الاستثنائية الخاصة بانتخاب رئيس جديد للبلاد، هو الخامس منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، وسط انقسام سياسي غير مسبوق، وبروز قوى مدنية وتكتلات مستقلة لأول مرة داخل البرلمان، يسعى معسكرا الأزمة تحالف "إنقاذ وطن"، وقوى "الإطار التنسيقي" الحليفة لطهران، لاستقطابها.
وبدأت إدارة البرلمان العراقي بتهيئة القاعة الكبرى وتجهيز أوراق الاقتراع السري للنواب وتوزيع مقاعدهم إضافة إلى كاميرات المراقبة الرقمية، مع انتشار واسع لقوات الأمن بمحيط المنطقة الخضراء وسط بغداد، بما فيها قوات الجيش العراقي.
وحتى مساء أمس الجمعة، تواجد أكثر من 200 نائب في بغداد، استعداداً للجلسة التي يطرح أعضاء برلمان وسياسيون سيناريوهات عدة بشأنها، تتركز بين الإخفاق في إتمام النصاب القانوني وهو 220 نائباً، أو إتمامه والمضي بانتخاب رئيس جديد للبلاد.
ويبرز بين المرشحين لهذا المنصب وزير داخلية إقليم كردستان، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبر أحمد، مع وجود أسماء أخرى، أبرزها الرئيس الحالي برهم صالح، وكذلك ريبوار عبد الرحمن، مرشح تحالف المدنيين والمستقلين "من أجل الشعب" (30 نائباً) الذي أعلنه سابقاً كل من حركة امتداد بزعامة علاء الركابي، و"جيل جديد"، بزعامة الناشط الكردي شاسوار عبد الواحد.
صعوبة عقد جلسة البرلمان اليوم
وتكمن صعوبة تحديد مصير جلسة البرلمان العراقي المقررة في الساعة 11 قبل ظهر اليوم السبت، بسبب ما وصفه مسؤول بالدائرة القانونية في البرلمان بـ"مواقف غير ثابتة" لنواب مستقلين.
وأضاف المسؤول الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، أن بعض النواب من القوى المدنية والمستقلة، أجابوا تحالف "الإطار التنسيقي"، بأنهم لن يشاركوا في الجلسة وفقاً لما يريد التحالف، وأجابوا الطرف الآخر "إنقاذ وطن" بأنهم معهم وسيشاركون في الجلسة، وهذا قد يكون ناجماً عن حداثة التجربة البرلمانية والضغوط التي يواجهونها والإغراءات الكثيرة من كلا الطرفين.
ولفت إلى أن عدد المضمونة مشاركتهم حتى الآن لم يصل إلى 220 نائباً. وتكمن أهمية جلسة اليوم في الاستحقاقات الدستورية العراقية، بأنها ستمنح الرئيس الجديد المنتخب، أولاً تحديد الكتلة الأكثر عدداً في البرلمان، ثم دعوتها إلى تشكيل الحكومة الجديدة، التي لا يتطلب فيها حضور 220 نائباً، بل أجاز الدستور منح الحكومة الثقة بأغلبية النصف زائداً واحدًا، وهو ما يملكه تحالف "إنقاذ وطن" فعلاً، إذ يمتلك 180 نائباً، بينما المطلوب في تمرير الجلسة هو 166 نائباً فقط.
تحالف "الإطار التنسيقي" لن يشارك في جلسة اليوم
وطرح الخبير بالشأن العراقي أحمد الحمداني سيناريوهات عديدة لجلسة اليوم، من أبرزها تمكن البرلمان من إكمال النصاب القانوني بحضور 220 نائباً، وهو ما يعني عقد الجلسة، وتمرير اسم ريبر أحمد، سواء بالجولة الأولى من التصويت، أو بالثانية على اعتبار أن المستقلين والمدنيين الذين سيشاركون سيصوتون لمرشحهم ريبوار عبد الرحمن، ومن ثم قد يتم تكليف جعفر الصدر بتشكيل الحكومة باعتباره مرشح الكتلة الأكبر.
وأضاف الحمداني لـ"العربي الجديد"، أن "سيناريو عدم النجاح في تحقيق النصاب، ما زال مطروحاً بقوة، وهو ما يعني تأجيل جلسة البرلمان الى يوم آخر، ومعاودة القوى السياسية ضمن تحالف إنقاذ وطن المحاولة مع المدنيين والقوى السياسية ومفاوضتهم على الحضور"، مضيفاً "هناك حالياً دعوات من ناشطي المدنيين إلى استغلال الحاجة لهم بتقديم قائمة شروط ومطالب لحضور الجلسة، مثل ملف حقوق الإنسان وإطلاق سراح الناشطين والبحث عن مصير المخطوفين والمغيبين منهم، وملف الحريات العامة والنشر والتعبير، وقضايا أخرى".
واعتبر أن "الإخلال بنصاب الجلسة اليوم، لا يعني سوى تأجيل جديد لها، وفتح أبواب حوار مع قوى أخرى للحضور والمشاركة، كون مواقف الإطار التنسيقي موحدة بشأن عدم مشاركته".
وختم الحمداني بأن الإخفاق في التوصل إلى تفاهمات قد يدخل العراق بأزمة سياسية أكبر، تهدد المشهد الأمني بسبب دخول بعض الفصائل الولائية (الحليفة لإيران) على خط الأزمة وإطلاقها تصريحات فيها تهديدات مبطنة لمدن مثل الأنبار وأربيل.
مشروع الموازنة أساسي في الجلسة
من جانبه قال رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان، حسن العذاري، أمس الجمعة، إن "من ثمار" جلسة اليوم السبت المقررة هي أنها ستكون بـ"إرادة عراقية حرة لأول مرة".
وأضاف في بيان له أنه سيسعى إلى تمرير مشروع الموازنة المالية العامة للبلاد لهذا العام، لمواجهة التحديات الاقتصادية المتوقعة. وتعهد العذاري، بـ"خلق جو ديمقراطي تنافسي نيابي يصب في صالح البلد، وكذلك الوفاء بالعهود من قبل النواب إلى ناخبيهم وتقديم الخدمة التي يستحقونها"، مردفاً حديثه بعبارة فهمت أنها موجّهة للقوى المدنية والنواب المستقلين بالقول إن "هناك فوائد متعددة يطول ذكرها، فلا تبيعوا حصاد زرعكم إلى غيركم، العراق أولى به".
في المقابل، قال القيادي في "الإطار التنسيقي"، أحمد الموسوي لـ"العربي الجديد"، إن تحالفه لن يشارك في جلسة اليوم، مضيفاً أنهم "يملكون الثلث الضامن لتصحيح العملية السياسية"، في إشارة إلى سعي التحالف المدعوم إيرانياً إلى الإخلال بنصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
الإخفاق في التوصل إلى تفاهمات قد يدخل العراق بأزمة أمنية
من جهته، قال المتحدث باسم "ائتلاف دولة القانون"، بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، هشام الركابي في تصريحات للصحافيين ببغداد، إن ائتلافه لن يشارك في جلسة اليوم.
وأضاف أن "موقفه سيكون من موقف قوى الإطار التنسيقي في جميع القرارات بعدما تبددت الآمال باتفاق شيعي لتشكيل الكتلة الأكبر". واعتبر أن التحالف المقابل "إنقاذ وطن"، لديه "قراءة قاصرة لا تنم عن معالجات للمرحلة المقبلة"، مبيناً أن "الطرق القانونية هي التي نسلكها للحفاظ على العملية السياسية فنحن الثلث الضامن لسيادة العراق".
كما استبعد عضو تحالف "الإطار التنسيقي"، تركي العتبي، نجاح انعقاد جلسة اليوم السبت في البرلمان، مضيفاً أنه حتى لو تشكلت حكومة من دون "الإطار التنسيقي" فإنها ستنهار بعد أشهر.
وأضاف في بيان أن قوى الإطار "سيكون أمامها خيارات عدة إذا ما شكلت الحكومة بدونه، وهذا صعب، ومنها الذهاب للمعارضة لكن في كل الأحوال نحن واثقون من أن الثلث الضامن لن يسمح بأي خيارات لا تصب في مصلحة البلاد".