جدل قانوني يصاحب بدء تسلم طلبات الترشح للانتخابات الليبية

09 نوفمبر 2021
الانتخابات قد تنهي حالة الشغور بليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

مع بدء المفوضية العليا للانتخابات فتح باب الترشح للانتخابات الليبية 2021، أمس الاثنين، تجدد الجدل القانوني المصاحب للعملية الانتخابية، فيما يستمر تقديم الطلبات للانتخابات الرئاسية في ليبيا إلى يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وللانتخابات البرلمانية حتى يوم 7 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
ووفقا للمفوضية العليا للانتخابات، فقد استقبلت حتى نهاية يوم أمس الاثنين، أربع طلبات للترشح للانتخابات الرئاسية، و46 طلبا للترشح للانتخابات البرلمانية، لكن أيا من الملفات الأربعة المتقدمة للانتخابات الرئاسية لم تستوف شروط الترشح، فيما لم يستوف سوى أربعة مرشحين فقط الشروط من بين المتقدمين للانتخابات البرلمانية.
وفيما أشارت المفوضية إلى أنها ستعيد الطلبات التي لم تستوف الشروط إلى أصاحبها، عبر مراقبون عن خشيهم من تطور استمرار الجدل القانوني الذي ترتب على طريقة صدور القوانين الانتخابية، وعدم حسم مجلس النواب الليبي موقفه من التعديلات التي اقترحتها المفوضية العليا للانتخابات على القوانين.
وكانت المفوضية قد بادرت للإعلان عن فتح باب الترشح للانتخابات دون انتظار حسم مجلس النواب موقفه بشكل نهائي من التشريعات الانتخابية. وأعلنت مفوضية الانتخابات في مؤتمر صحافي، الأحد، فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 24 ديسمبر/ كانون الأول، تليها الانتخابات البرلمانية في يناير/ كانون الثاني من العام المقبل.


وبحسب أستاذ القانون الدستوري بالمعهد العالي للقضاء بليبيا العجيلي العبدلي، فإن "الوقت ما زال فيه متسع بالنسبة للانتخابات البرلمانية التي حدد آخر يوم لقبول الطلبات فيها يوم 7 ديسمبر/ كانون الأول"، معتبراً في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "يمكن تسوية الصعوبات التي تواجه المرشحين".

المادة 12


لكنه لفت إلى صعوبة تسوية الإشكال المتعلق بالمادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية، بما أنه لم يتبق سوى 13 يوما فقط لقفل باب الترشح للانتخابات الرئاسية.

ويدور جدل كبير بخصوص المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية، والمتعلقة باعتبار المرشح متوقفا عن عمله "قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر"، فيما طلبت المفوضية تعديلها بأن يكون متوقفا عن عمله "عند إعلان المفوضية عن البدء في العملية الانتخابية".
وهو التعديل الذي أعلنته المفوضية تزامنا مع إعلانها فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، لكن مراسلة أعلن عنها النائب الأول لمجلس النواب فوزي النويري، ووجها للمفوضية يسمح فيها للمفوضية بعدم تفعيل المادة 12، أحيت الجدل بخصوص المادة، وأثارت شكوكا حول طريقة اعتماد المفوضية لتعديلها دون موافقة مجلس النواب.

ليبيا تفتح باب الترشح للانتخابات

وتابع العبدلي موضحا أن "عدم توضيح المفوضية لشرط ترك الوظيفة العامة في المادة 12 حتى الآن سيبقي عليها مادة قابلة للانفجار في أي وقت، ويمكن أن تكون أقصر طريق لرفض أي طرف لنتائج الانتخابات"، مضيفا أن تعديلها بناء على مراسلة النويري "غير كاف، فلا بد من اجتماع المجلس بنصاب كامل لاعتماد التعديل في هذه المادة أو رفضه". 
وأشار إلى أن "اعتماد رئاسة المجلس على مراسلة موجهة للمفوضية دليل على الانقسام الكبير داخل مجلس النواب حيال المادة".
وحذر العبدلي من أن "الحساسية ودرجة الخطورة في الانتخابات المقبلة مرتبطة بأن الانتخابات الرئاسية تجرى لأول مرة في البلاد منذ 10 سنوات"، مشيرا إلى أن "القوانين الانتخابية لم توضح شرط قبول المرشح الحاصل على جنسية بلد آخر".
واعتبر الخبير بالقانون الدستوري أن إضافة عبارة "ما لم يؤذن له" لهذا الشرط تعني أن الباب ترك مفتوحا أمام اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر "الذي يبدو أنه لم يحسم موقفه من الترشح حتى الآن".
ووفقا للنويري، فإن مراسلته جاءت إثر بيان وقعه 56 نائبا طالبوا بعدم التقيد بالمادة 12 لأنها "قد تعرقل السير السليم للعملية الانتخابية وتفتح الباب أمام مستقبل غير مأمون الجوانب في بلادنا"، فيما لن تعلن المفوضية حتى الآن موقفها من المادة، وتركت الباب مواربا أمام أي اعتراض عليها.

وسبق أن أعلن 44 نائبا، مطلع الشهر الجاري، عن رفضهم للتعديلات التي اقترحتها المفوضية العليا للانتخابات، ومنها تعديل المادة 12، تزامنا مع بيان مشترك آخر وقع عليه 22 حزبا وتكتلا سياسيا أكدوا من خلاله رفضهم لتعديل المادة 12.
ولا يتوقف الجدل القانوني عند الانتخابات الرئاسية، بل طاول أيضا قانون الانتخابات البرلمانية، بحسب هشام خليل، وهو أحد المرشحين للانتخابات البرلمانية من بنغازي.
وبحسب خليل، فإن استيفاء أربعة مرشحين لشروط الترشح من أصل 46 يعود للصعوبات التي احتواها قانون الانتخابات البرلمانية، موضحا أن من بين الشروط ضرورة حضور 100 مزكٍ للمرشح في مكان واحد وتوقيت واحد للتوقيع على بطاقة التزكية، مشيرا إلى أنه أمر صعب التحقيق، خصوصا مع ضيق الوقت المحدد لتقديم طلبات الترشح.

تعميق الانقسام


وأضاف خليل، في حديث لـ"العربي الجديد": "اشترطت المفوضية أيضا ضرورة اعتماد أي مرشح للبرلمان من كل أنحاء ليبيا شهادته الجامعية من مركز ضمان الجودة الموجود في طرابلس"، مشيراً أن "للمركز فرعين فقط في طرابلس وسبها"، وموضحا في الآن نفسه أن "الجامعات في حالة إضراب عن العمل منذ أسبوع ما صعب توفر هذا الشرط".
وبسبب الانقسام الحكومي الذي عانته البلاد، يشير خليل إلى أن أغلب المرشحين لم يتمكنوا من الحصول على شهادة "البراءة الجنائية" كإحدى شروط الترشح التي يتطلب استخراجها شهرين من الزمن. وقال "يمكن الحصول عليها في غضون أيام إذا وصل المرشح إلى طرابلس حيث الإدارة الرئيسية لجهاز البحث الجنائي، وهو أمر متعذر نظرا لغلق الرحلات الجوية الداخلية واقتصار الرحلات البرية عبر الطريق الساحلي على العائلات فقط دون المسافرين الأفراد".
وفيما لفت خليل إلى أن الشروط المعلنة للترشح للبرلمان "نظريا بسيطة"، استدرك بالقول إنه "يبدو أن المفوضية العليا للانتخابات ومجلس النواب منفصلان عن الواقع تماما ولا يعرفان أن شروطا تعسفية باتت سدا منيعا أمام الراغبين في الترشح".

بدوره، يرى الناشط السياسي الليبي مالك هراسة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الإشكال يتعلق بالإعلان عن بدء العملية الانتخابية دون أن تحسم كل الأطراف السياسية موقفها من الجدل الحاصل منذ أشهر".
ويتجه الرأي العام لدى أغلب المدونين على شبكات التواصل الاجتماعي إلى اعتبار أن المادة 12 تستهدف منع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة من الترشح للانتخابات الرئاسية، وأيضا شخصيات أخرى على خصومة مع مجلس النواب، كرئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، وهو ما يوافق عليه هراسة أيضا، الذي يرى أن استمرار الجدل القانوني من تجليات الخلافات السياسية القائمة منذ فترة طويلة في ليبيا.