تعيش أوساط حكومة "الوفاق" الليبية وسط جدل محتدم جراء قرار أحد مسؤوليها القاضي بوصف عدوان اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس بـ"الحرب الأهلية"، في الوقت الذي تستمرّ فيه محادثات اللجنة العسكرية المشتركة في جنيف على وقع توتر ميداني.
وأثار قرار رئيس المؤسسة الليبية للإعلام محمد بعيو، الذي عمّم فيه على القنوات الإعلامية وصف عدوان حفتر على طرابلس بـ "الحرب الأهلية"، جدلاً واسعاً ورفضاً من قبل قادة قوات عملية "بركان الغضب"، وسط أنباء متداولة عن اعتقال مجموعة مسلحة في طرابلس لـ"بعيو"، فيما لم يصدر أي موقف رسمي من جانب المجلس الرئاسي لـ"حكومة الوفاق".
ونشرت عملية "بركان الغضب"، عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك" صباح اليوم الأربعاء، بياناً لقوات وقيادات من عملية "بركان الغضب" بشأن اعتقال بعيو، أكدوا فيه رفضهم لـ"أن يحكم إعلامنا شخص من دون مبدأ أو توجه حرّ شريف، وأن تذهب دماء شهدائنا هباءً منثوراً، كما لم نقبل الاستخفاف بالتضحيات الجبارة".
#عملية_بركان_الغضب: بيان لقوات وقيادات من عملية بركان الغضب بشأن اعتقال المدعو محمد بعيو: "لن نرضى مهما حصل ان يحكم إعلامنا شخص دون مبدأ أو توجه حر شريف وأن تذهب دماء شهدائنا هباءً منثورًا، كما لم نقبل الاستخفاف بالتضحيات الجبارة" #لن_نعود_للقيود #انتصرت_طرابلس #سرت_تعود #ليبيا
Posted by عملية بركان الغضب on Tuesday, October 20, 2020
وبعد أن طالب آمر غرفة عمليات تحرير سرت – الجفرة، إبراهيم بيت المال، المجلس الرئاسي لـ"حكومة الوفاق" بسحب قرار بعيو الذي عمّمه على وسائل الإعلام، وصف نائبا رئيس المجلس الرئاسي لـ"حكومة الوفاق" محمد العماري وعبد السلام كجمان قرار السراج تعيين بعيو رئيساً للمؤسسة الليبية للإعلام بـ"غير الشرعي".
وقال بيت المال، في بيان رسمي لغرفة تحرير سرت – الجفرة، إنّ بعيو أصدر تعميماً للقنوات الإعلامية وصف فيه عدوان حفتر على طرابلس بـ"الحرب الأهلية"، وأمر بإزالة شعار "بركان الغضب" من القنوات الرسمية.
وذكر بيت المال أنّ بعيو توعد مديري القنوات والإذاعات باتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم، في حال عدم الالتزام بتوجيهاته بشأن الامتناع عن تناول "العدوان على طرابلس" الذي يصفه بالحرب الأهلية.
وفيما لم يصدر عن المجلس الرئاسي أي موقف رسمي، قال عضو المجلس الرئاسي محمد عماري زايد، في بيان له في وقت متأخر ليل البارحة، إنه بصدد اتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة للطعن في قرار المجلس الرئاسي بتكليف بعيو برئاسة المؤسسة الليبية للإعلام، واصفاً القرار بـ"غير الشرعي".
وفي تصريح للعماري، نقلته الصفحة الرسمية لعملية "بركان الغضب"، أكد أن "وصف جريمة العدوان على طرابلس بالحرب الأهلية هو تزوير للحقائق وطعن في شرعية المعركة التي خاضتها حكومة الوفاق، وإهانة لقياداتنا العسكرية وشهدائنا الأبرار".
كذلك، أصدر نائب رئيس المجلس الرئاسي، عبد السلام كاجمان، خطاباً وجهه لديوان المحاسبة وعدد من الجهات الرسمية، بعدم اعتماد قرار السراج تعيين بعيو رئيساً لمؤسسة الإعلام، مشيراً إلى أنه قرار "صدر بالمخالفة للاتفاق السياسي".
وتداولت صفحات تواصل اجتماعي ليبية أنباء عن اختطاف بعيو من قبل مجموعة مسلحة في طرابلس، فجر اليوم الأربعاء، في وقت اتهمت فيه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان كتيبة "ثوار طرابلس" باختطافه.
وقالت اللجنة، في بيان لها، إنها تتابع بقلق بالغ واقعة الاعتقال التعسفي التي تعرض لها محمد بعيو، المكلف بالمؤسسة الليبية للإعلام، من قبل كتيبة "ثوار طرابلس"، موضحة أنه "تم الهجوم على منزله واقتياده إلى أحد المقرات التابعة للكتيبة، وإظهار صورة له وهو رهن الاعتقال القسري"، وفق بيانها، مطالبة بضرورة إطلاق سراحه.
وكلّف رئيس المجلس الرئاسي لـ"حكومة الوفاق" فائز السراج، في العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي، بعيو برئاسة المؤسسة الليبية للإعلام، وهو القرار الذي أثار جدلاً من قبل بعض الإعلاميين والنشطاء على خلفية انتماء بعيو لمنظومة حكم النظام السابق، وامتد الجدل إلى داخل المجلس الرئاسي، حيث اعتبر عضو المجلس الرئاسي محمد عماري زايد قرار تعيين بعيو "غير شرعي".
وتولّى بعيو رئاسة العديد من مناصب قطاع الإعلام في عهد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وعُرف عنه تأييده لنظامه إبان اندلاع ثورة فبراير التي أطاحت بحكم القذافي.
من جانب آخر، لا يزال ميدان القتال وسط البلاد يشهد توتراً، تزامناً مع استمرار محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 في جنيف السويسرية، والتي ستمتد إلى يوم 24 من الشهر الجاري، حيث أعلنت مليشيا "اللواء 128 معزز"، التابعة لحفتر، تنظيم "استعراض عسكري للوحدات والآليات والأسلحة والأفراد التابعين للواء بمنطقة الجفرة".
وتنتشر مليشيات عدة تابعة للواء 28 في مواقع عسكرية في مناطق الجفرة الثلاث (هون وودان وسوكنة)، برفقة عدد من مسلحي شركة "فاغنر" الروسية ومرتزقة "الجنجويد" السودانية.
ووفقاً للصفحة الرسمية للواء 28، فإنّ الاستعراض "جاء بناء على تعليمات القيادة العامة (قيادة مليشيات حفتر)، وأوضحت أن الاستعراض شاركت "فيه كتائب وسرايا وضباط وضباط صف وجنود قادمون من كل أقطار الوطن التابعين إلى اللواء 128 المعزز".
وفيما أكد اللواء أنّ استعراضه جاء "لتنفيذ أي مهمة قتالية يتم تكليفهم بها"، من دون بيان طبيعة وشكل هذه المهمة، قال موقع "روسيا اليوم" الاخباري، إن عدد المشاركين في الاستعراض يُقدَّر بحوالي ألفي مقاتل ونحو 450 آلية مسلحة أدخلت عليها تعديلات مختلفة ومحمّلة بمجموعة متنوعة من الأسلحة، مثل مدافع "دوشكا" السوفيتية عيار 12.7 ملم، والصينية من طراز دابليو 85، ومدافع 14.5.
وتابع الموقع الروسي أن الخبراء رصدوا "وجود أنظمة إطلاق قذائف صواريخ متعددة محمولة على شاحنات، يعتقد أنها من طراز في إن – 11".
ومنذ الأسبوع الذي سبق بدء محادثات اللجنة العسكرية المشتركة الاثنين الماضي، تبادل طرفا الصراع، قيادة حفتر وقادة قوات حكومة الوفاق، الاتهامات بشأن خرق وقف إطلاق النار الحالي في منطقتي وسط البلاد، سرت والجفرة، فيما يُنتظر أن تبحث اللجنة المشتركة ملفات عالقة، من بينها توحيد المؤسسة العسكرية وإخلاء مدينتي سرت والجفرة من السلاح والمرتزقة الأجانب المقاتلين في صفوف الطرفين.