أبدت حكومة إقليم كردستان العراق، رفضها عقد جلسة التصويت على قانون الموازنة المالية للبلاد لعام 2023، المقررة اليوم السبت، في حال المساس بما أسمته "مستحقات الإقليم"، معتبرة أن التزام الاتفاقيات السياسية التي سبقت تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، شرط للتصويت على القانون.
وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، قد أكد الأسبوع الماضي، أن البرلمان سيصوت اليوم على مشروع قانون الموازنة المالية للعام الحالي 2023، وأن جميع الملاحظات ستُحسَم، إلا أن المناقشات التي تجريها اللجنة المالية البرلمانية، بشأن بعض فقرات القانون، خصوصاً ما يتعلق بملف تصدير نفط الإقليم، أغضبت الكرد الذين عدوها محاولات سياسية تتعارض مع الاتفاقات السابقة، وهو الأمر الذي أعاد الموازنة إلى دائرة السجال السياسي.
وصعّد الجانب الكردي حدة التصريحات الرافضة لتمرير القانون، وعبّر رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني، عن "قلق عميق" مما أسماها "التغييرات التي مسّت فقرات قانون الموازنة بما يتعلق بالحقوق الدستورية لإقليم كردستان". وقال البارزاني في بيان صدر في ساعة متأخرة من مساء أمس، إن "هذه الخطوة تخلق عقبة في طريق مشروع قانون الموازنة العامة الذي يتطلع العراقيون بأمل إلى المصادقة عليه لثلاث سنوات قادمة".
وأضاف أن "التزام الاتفاقية السياسية لائتلاف إدارة الدولة هو الأساس للأمان والاستقرار السياسي للعراق، وأن تجاوز التفاهم والاتفاق والسعي لانتهاك الحقوق الدستورية لإقليم كردستان، يمثل أسلوب تعامل مخالف تماماً للمسؤولية الوطنية ولا ينتج سوى خيبة الأمل وتعكير صفو الاستقرار السياسي للبلد، ويضر بكل العراق".
ودعا الأطراف كافة، وخصوصاً أطراف ائتلاف "إدارة الدولة" الحكومي إلى "التزام الاتفاقيات، وأن نتصرف جميعنا بمستوى المسؤولية، كما أن على الأطراف الكردستانية أن توحد الصف وتتلاحم في الدفاع عن حقوقنا الدستورية".
بدوره، طالب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور البارزاني، في تعليق على ذلك، بضرورة احترام الاتفاقات السياسية وعدم انتهاكها. وقال في تغريدة له: "أدخلت مجموعة في اللجنة المالية بمجلس النواب العراقي تغييرات على مشروع الموازنة الاتحادية، منتهكة بذلك اتفاقية مسبقة أبرمناها مع دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وحكومته"، معتبراً أن "الاتفاقية هي الحجر الأساس للتعاون بين أربيل وبغداد، وعلى جميع الأطراف احترام بنودها".
أدخلت مجموعة في اللجنة المالية بمجلس النواب العراقي تغييرات على مشروع الموازنة الاتحادية، منتهكة بذلك اتفاقية مسبقة ابرمناها مع دولة رئيس الوزراء @mohamedshia و حكومته.
— Masrour Barzani (@masrourbarzani) May 26, 2023
الاتفاقية التي هي حجر الاساس للتعاون بين اربيل وبغداد و على جميع الاطراف احترام بنودها.
أما نائب رئيس البرلمان القيادي في حزب البارزاني، شاخوان عبد الله، فأكد أن الكرد "لن يسمحوا بعقد جلسة التصويت على الموازنة، في حال تعديل المادتين الـ13 والـ14 من مشروع القانون المتعلقتين باستحقاقات الإقليم"، معرباً في تصريح لمحطة إخبارية كردية محلية، عن أسفه لـ"المحاولات التي تبذل لتعديل المادتين الـ13 والـ14"، ومشدداً بالقول: "لن نسمح بتعديلهما لأنهما نتاج الحوار بين حكومتين دام لعدة أشهر ولهما جوانب فنية وإدارية".
إلى ذلك، قال عضو في اللجنة المالية البرلمانية، لـ"العربي الجديد"، إن "المناقشات ستتواصل صباح اليوم، وسط محاولات للتقريب لحسم الخلاف وتقديم الموازنة للتصويت"، مضيفاً شرط عدم ذكر اسمه أن "الخلاف منحصر بشأن ملف تصدير نفط الإقليم، وأن نواباً من قوى الإطار التنسيقي، وهم أعضاء باللجنة المالية البرلمانية، يسعون لتعديلات تخص التعاملات النفطية وكميات تصدير نفط الإقليم وإيداع الأموال وغير ذلك".
من جهته، حذر الأمين العام للمشروع الوطني، جمال الضاري، من أزمة جديدة في حال عدم تنفيذ الاتفاقات السياسية، وقال في تغريدة له: "تأخير إقرار الموازنة العامة للبلاد، وعدم تطبيق بنود الاتفاق السياسي، سيدخل العراق في أزمة جديدة، يكون الخاسر الأكبر فيها الشعب العراقي. نؤكد أهمية المُضي بتفاهمات وطنية خالصة، لإقرار الموازنة، وعدم استخدام هذا الملف، لتصفية حسابات سياسية، ونجدد دعوتنا لجميع الشركاء، للنظر إلى المصلحة العامة للوطن قبل أي مصلحة خاصة".
تأخير إقرار الموازنة العامة للبلاد، وعدم تطبيق بنود الإتفاق السياسي، ستُدخل #العراق في أزمة جديدة، يكون الخاسر الأكبر فيها الشعب العراقي.
— Jamal Al Dhari جمال الضاري (@AldhariJamal) May 26, 2023
نؤكد أهمية المُضي بتفاهمات وطنية خالصة، لإقرار الموازنة، وعدم استخدام هذا الملف، لتصفية حسابات سياسية، ونجدد دعوتنا لجميع الشركاء، للنظر إلى…
وأقرّ مجلس الوزراء العراقي، في الـ13 من مارس/ آذار الماضي، أضخم موازنة مالية في تاريخ البلاد، التي زادت على 197 تريليوناً و828 مليار دينار عراقي، (نحو 152.2 مليار دولار)، وبعجز إجمالي بلغ 63 تريليون دينار عراقي، مستغلاً ارتفاع أسعار النفط عالمياً، الذي يشكّل أكثر من 95% من عائدات البلاد المالية، وسط اعتراضات خبراء مال وقانون حيال بنود الموازنة، التي لم تأخذ طريقها إلى الإقرار حتى الآن بسبب الخلافات.