جبهات قيس سعيّد المنتظرة

07 اغسطس 2023
قال سعيّد بوضوح إنه يضيق بالاضرابات (تيريه موناسيه/Getty)
+ الخط -

أقدم الرئيس التونسي قيس سعيّد، الأسبوع الماضي، على إقالة الوزيرة الصامتة رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وتعيين أحمد الحشاني بديلاً لها. جاءت بودن في صمت ورحلت في صمت، ولم يُسمع لها شيء على مدى عامين تقريباً يكشف موقفها مما حولها أو يعرفنا بما تفكر فيه، وهذه حالة غريبة في دنيا السياسة، لم تحدث إلا في تونس. ومن المرجح أن تتواصل مع الوزير الأول الجديد، لأن أحداً لا يُسمح له بالحديث غير سعيّد.

وخلال الأيام الماضية، فتح سعيّد النار على الجميع، وحدد الجبهات التي سيُحارب فيها خلال المرحلة الجديدة. وجّه رسائل لا غبار عليها، للاتحاد العام التونسي للشغل وللإعلام، وللقضاء طبعاً، وحتى للخارج.

قال سعيّد بوضوح إنه يضيق بالاضرابات وتعدد المطالب التي تعطل الإنتاج. وهذا يعني أنه بعدما شلّ الأحزاب، سيتفرغ لاتحاد الشغل، ولقد سجّل في الفترة الأخيرة انتصاراً لا غبار عليه على حساب النقابيين، عندما حجز أجور أكثر من 17 ألف مدرس، إلى أن أذعنت النقابة وسلّمت أعداد التلاميذ للإدارة بعد امتناعها عن ذلك لأشهر، ويبدو أن ذلك سيكون سلاح الحكومة الجديد في أي خلاف مع النقابات.

ولم يرد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي على هذا التهديد مباشرة، وإنما قال السبت الماضي، من مدينة صفاقس، في لقاء نقابي، تعليقاً على تعيين الحشاني إن "العبرة لا تكمن في تغيير الأشخاص وإنما تكمن في تغيير الاستراتيجيات والسياسات".

وفتح سعيّد النار بقوة على الإعلام، وكشف انزعاجه حتى من نشرة الأخبار، في اجتماع مع مديرة التلفزيون الرسمي عواطف الدالي، ما يؤكد أنها جبهة جديدة سيفتحها في قادم الأيام، وسيصعّد من هرسلته للإعلام العمومي.
وفي تسليمه لأوراق اعتماد سفراء جدد لبلاده في عواصم متعددة، دعاهم سعيّد، الجمعة الماضي، إلى "التصدي لحملات التشويه التي تطاول البلاد التونسية من دوائر الاستعمار التي لا تقبل أبداً بوجود أي نظام وطني". وقال إن تونس "تعمل من أجل نظام عالمي إنساني جديد".

وتابع مراقبون عملية استبعاد قضاة تحقيق من بعض الدوائر، لأنهم لم ينصاعوا فيما يبدو لما ينتظره الرئيس منهم في قضايا سياسية، وفق ما يتردد في كواليس القضاء.

ويكشف كل هذا أن الرئيس منزعج من الجميع، في الداخل والخارج، لا شيء يعجبه، وهو ما يعني أنها جبهات جديدة سيفتحها، وسيدفع ثمنها تونسيون، صامتون على طوابير الخبز وراضون بانقطاع الماء واختفاء الدواء وكثرة البطالة وقلة الأمل، ولكنه خيارهم، الآن على الأقل.

المساهمون