جاووش أوغلو يزور الصين الأربعاء: إصلاح العلاقات بعد التوترات بسبب الإيغور

11 يناير 2022
زيارة جاووش أوغلو للصين كشف عنها بشكل مفاجئ في ظل تباين بين البلدين (آدم التان/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت وزارة الخارجية التركية، اليوم الثلاثاء، أنّ وزير الخارجية، مولود جاووش أوغلو، يصل إلى دولة الصين الشعبية، يوم غد الأربعاء، في زيارة رسمية يبحث خلالها العلاقات الثنائية والمسائل الإقليمية والدولية.

وفي بيان مقتضب صادر عن الخارجية التركية، فإنّ جاووش أوغلو يعتزم زيارة الصين، في 12 يناير/كانون الثاني الحالي، من أجل إجراء لقاءات مع المسؤولين الصينيين، يتناول فيها العلاقات الثنائية والمواضيع الإقليمية وآخر تطوراتها، فضلاً عن المواضيع الدولية.

ولم توضح الوزارة أي تفاصيل إضافية عن الزيارة التي كشفت عنها بشكل مفاجئ، في ظل تباين بين البلدين، ولا سيما فيما يتعلق بوضع إقليم تركستان الشرقية.

وأوضح بيان صادر عن الناطق باسم الخارجية الصينية، وانغ وينبين، أنّ وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، سيلتقي نظيره التركي، يوم غد الأربعاء، ويجريان محادثات تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، ومداولات حول المواضيع الدولية المختلفة.

وأضاف البيان أنّ "الصين مستعدة للعمل بشكل مشترك مع تركيا لتطبيق التفاهمات بين رئيسي البلدين بما يضمن مصالح الدولتين، وتعزيز التعاون وتطوير الاستراتيجيات بما يضمن تطور البلدين".

توترات في العلاقات الثنائية

وتمر العلاقات الثنائية بين البلدين باختبارات جدية، لا سيما أنّ تركيا شهدت، الأسبوع الماضي، رفع دعوى قضائية بحق مسؤولين صينيين؛ بسبب انتهاكات ارتكبت بحق ضحايا من الإيغور الأتراك، في إقليم تركستان الشرقية.


وتشبه الدعوى التي رفعت في إسطنبول تلك الدعاوى التي رفعت بحق مسؤولين آخرين من دول مختلفة بقضايا أخرى، منها دعاوى بحق مسؤولين إسرائيليين بعد الهجوم على سفينة "مافي مرمرة" في العام 2010، ودعاوى بحق مسؤولين سعوديين بقضية مقتل الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي.

ورفعت مجموعة من المحامين الأتراك دعوى قضائية لدى النيابة العامة في إسطنبول بحق 112 مسؤولاً صينياً، بشأن 116 ضحية من الإيغور، فقدوا حياتهم بسبب التعذيب في معسكرات الاعتقال.

ومنذ عام 1949 تسيطر الصين على إقليم تركستان الشرقية، وهو موطن الأتراك الإيغور المسلمين، وتطلق عليه اسم شينجيانغ أي "الحدود الجديدة".

وتواجه تركيا ضغوطاً داخلية فيما يتعلق بالإيغور، لا سيما أنهم عرقياً ينتمون للأتراك، إضافة لكونهم مسلمين، فيما تتحاشى على الجانب الرسمي تناول الموضوع بشكل واضح ومباشر، ويتم التأكيد دائماً على التواصل مع الحكومة الصينية لحل المشاكل المتعلقة بهذه الأقلية.

عين على الصين وأخرى على الغرب

كما أنّ هناك ضغوطاً اقتصادية تعاني منها تركيا، وتسعى لحلّها عبر مزيد من الاستثمارات والعلاقات التجارية، فضلاً عن محاولات تركيا لموازنة علاقتها مع الغرب ومع الصين، وسعيها لإرضاء الطرفين وفق ما يساير مصالحها.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقّعت 43 دولة بياناً يدين انتهاكات الحكومة الصينية ضد أقلية أتراك الإيغور، ومن بين الدول الـ43، تركيا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وغيرها، ذكّرت بـ"تقارير ذات مصداقية تشير إلى وجود شبكة كبيرة من معسكرات إعادة التثقيف السياسي حيث اعتُقل أكثر من مليون شخص بشكل تعسفي".

وأعرب ممثلو تلك الدول في بيانهم عن "القلق بشكل خاص بشأن الوضع في إقليم شينجيانغ"، حيث تشير إحصاءات رسمية إلى وجود 30 مليون مسلم في البلاد؛ 23 مليوناً منهم من الإيغور، فيما تؤكد تقارير غير رسمية أنّ أعداد المسلمين تناهز 100 مليون؛ أي نحو 9.5% من مجموع السكان، وردّ على هذا البيان بيان مضاد وقعت عليه 62 دولة من بينها دول عربية عديدة.

وحول هذه الزيارة قال المحلل السياسي، محمد جيرين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "الزيارة هذه يبدو أنها تأتي لإصلاح العلاقات بين البلدين بعد التوترات التي شابتها مؤخراً؛ بسبب الموقف التركي من أزمة إقليم تركستان الشرقية، وتوقيعها على البيان المشترك الذي يدين الصين وممارساتها، وهو ما قابلته الصين بانتقاد الممارسات التركية في مناطق شمال سورية وحديثها عن انتهاكات هناك".

وأضاف أنّ "تركيا حريصة على العلاقات مع الصين وبظل ذروة الضغط الصيني على أتراك الإيغور في السابق، لم تتخذ تركيا مواقف تصعيدية مع الصين، بل عبّرت عن تضامنها مع الأقلية وسعيها للحوار مع الحكومة حول ما يجري هناك، إذ تشعر الحكومة بوجود ضغط شعبي داخلي مع وجود جالية من الإيغور واستضافتهم في تركيا، خاصة من الشرائح القومية والمحافظة داخل البلاد".

ويعتقد جيرين أنّ تركيا تحاول محاورة الصين دون أن تؤثر بذلك على خمسين عاماً من العلاقات الاقتصادية، وتحاول في الوقت نفسه "التطرّق للموضوع المتعلّق بأقلية الإيغور، وعينها في ذات التوقيت على التوازن في العلاقات بين الغرب المنتقد للصين، وبين مصالحها الاقتصادية".

من ناحيته، قال الصحافي يوسف سعيد أوغلو، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الإعلان عن اللقاء كان مفاجئاً للأوساط الإعلامية التركية، ويأتي بعد أيام قليلة فقط من رفع دعوى قضائية بحق مسؤولين صينيين بتهم ارتكابهم جرائم بحق الإيغور، ورغم أنّ هذه الدعوى بحاجة لموافقة من وزير العدل، عبد الحميد غل، لأنها قضية ذات أبعاد دولية، إلا أنها مقدمة لضغط تركي مبطن على الصين وربما هذا ما قاد جاووش أوغلو إلى هذا اللقاء في ظل شح المعلومات حالياً".

وأردف "قد تكون للزيارة أيضاً أبعاد اقتصادية، لا سيما في ظل الحديث عن اقتداء تركيا اقتصادياً بالنموذج الصيني" القائم على الإنتاج والتصدير، مع انخفاض سعر صرف الليرة التركية، ما يؤدي لرخص الأسعار، ولكن من المؤكد، بحسب سعيد أوغلو، أنّ تركيا "ستعمل على حفظ التوازن بين علاقاتها مع أميركا والغرب من جهة، وعلاقتها مع الصين من جهة ثانية، سواء على الصعيد الثنائي، أو على صعيد ملفات المنطقة والعالم".