ثوابت مصرية في الموقف من اجتياح رفح: لا مسّ بالعلاقة مع إسرائيل

22 فبراير 2024
خيم نازحين في رفح، 19 يناير الحالي (فرانس برس)
+ الخط -

شنَّت إسرائيل أعنف هجوم لها على قطاع غزة منذ انسحابها منه عام 2005، ورغم بحر الدماء الذي سال في القطاع، فإن مصر، الدولة الوحيدة التي لديها حدود مع غزة، لم تخرج منها تصريحات تحمل نبرة تصعيد إلا عند الحديث عن تهجير الفلسطينيين إلى مصر. وتصاعدت هذه النبرة في الأوساط غير الرسمية مع التلويح بالهجوم على على رفح الفلسطينية واحتلال محور صلاح الدين - فيلادلفيا.

بمجرد بدء القصف الإسرائيلي على القطاع، التزمت مصر موقفها الثابت على مدار عقد من حكم عبد الفتاح السياسي، فأُغلقت المعابر من الجانب المصري أمام البشر والمساعدات، وهو ما كشفه الرئيس الأميركي جو بايدن، عندما قال إن نقاشه مع السيسي أدى إلى فتح المعابر، في حين سارعت الرئاسة المصرية إلى تكذيب ذلك. لكن الواقع أن المساعدات التي تسمح بها إسرائيل لا تزال شديدة المحدودية؛ لا تكفي لإنهاء المجاعة في القطاع، ولا توفير الخدمات الأساسية لإنقاذ المرضى، أو توفير أساسيات الحياة للنازحين.

انتشرت أيضاً روايات فلسطينية عن رشى تطلبها إحدى الشركات التي تُعدّ واجهة لجهاز أمني من أجل السماح للفلسطينيين بالخروج من جحيم القصف والقتل. وقد وصل حجم المبالغ المطلوبة من الغزيّين الذين يريدون النجاة بأنفسهم قرابة 9 آلاف دولار، وهو ما نفته مصر على لسان رئيس هيئة الاستعلامات ضياء رشوان.

أذكر جيداً مساهمتي مع الآلاف في تجهيز مساعدات إلى القطاع وقت أي عدوان خلال سنوات حكم محمد حسني مبارك، فضلاً عن استقبال الجرحى في مستشفيات القاهرة وغيرها، والسماح للجمهور بزيارتهم دون قيود. ورغم الانتقادات التي واجهها مبارك في تعامله مع الفلسطينيين، إلا أن قرار فتح المعبر ظلّ قراراً مصرياً لا علاقة له بإسرائيل.

معصوم مرزوق: التحرك الإسرائيلي العسكري في محور صلاح الدين/فيلادلفيا ينسف معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل

يفسر اللواء نصر سالم، الرئيس السابق لجهاز الاستطلاع في الاستخبارات الحربية، هذا التفاوت في المواقف بأن "أميركا توفر غطاء سياسياً ودولياً لإسرائيل، فتمنع أي دولة من التعرض إليها"، مستدلاً على ذلك بالهجمات الأميركية في العراق واليمن. وعن موقف مصر فإنه يرى أنها "تقوم بدور محايد للوساطة، فإذا أخذت موقفاً ضد إسرائيل، فإنها ستمنع دخول المساعدات إلى فلسطين، أو ترفض الوساطة المصرية، فالخسارة ستكون للفلسطينيين أكثر من مصر، لذا تقبل مصر أن تقوم بما تفعله الآن، لأن البديل هو الحرب، والحرب تعني محاربة أميركا وحلف الناتو"، مشبِّهاً وضعها بـ"الممسك بالماء، إذا قبض يده سيخسره كله".

الهجوم على رفح يوتر العلاقات

أعلنت مصر بوضوح على لسان المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد أن العلاقات متوترة بين مصر وإسرائيل بسبب عشرات الآلاف من القتلى والجرحى الفلسطينيين، فضلاً عن اعتزام إسرائيل الهجوم على رفح، التي يتكدّس فيها قرابة 1.5 مليون نازح فلسطيني، وقد يجدون أنفسهم بين الهجمات الإسرائيلية وصحراء سيناء المصرية، ما يدفعهم إلى اجتياز الجدران الفاصلة بين القطاع ومصر.

والجانب الآخر من جوانب الخلاف المصري - الإسرائيلي خاص بتأكيد الإسرائيليين إعادة احتلال محور صلاح الدين- فيلادلفيا، وهو الشريط الحدودي بعرض قطاع غزة من كرم أبو سالم إلى البحر الأبيض المتوسط، بطول 13.5 كيلومتراً، وهو جزء يخضع للتسليح الخفيف وفقاً لمعاهدة كامب ديفيد (1979)، ونَشر قوات في هذا الشريط وإجراء عمليات عسكرية يخالف المعاهدة، ما يُفترض أن يستدعي ردّاً مصرياً.

أول تصريح لمسؤول مصري حول تداعيات عملية عسكرية إسرائيلية في رفح على مصر كان من وزير الخارجية سامح شكري خلال مؤتمر صحافي مع نظيرته السلوفينية تانيا فايون يوم 12 فبراير/شباط الحالي، وقال فيه ردّاً على استفسار حول ما تردّد إعلامياً عن إمكانية تعليق مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل: "لقد حافظت مصر على اتفاقية السلام مع إسرائيل على مدار الأربعين عاماً الماضية، التي تمت بموجبها إقامة العلاقات بين البلدين، فدائماً ما تحافظ مصر على التزاماتها ما دام الأمر تبادلياً بين الطرفين، ولذلك سأستبعد أي تعليقات تم الإدلاء بها في هذا الشأن".

كما أشار إلى أن "السياسات التي تنتهجها إسرائيل على الأرض تدفع نحو تحقيق سيناريو التهجير، ونحن نؤكّد على الرفض الكامل بكل السبل لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، إن أي محاولات لتنفيذ التهجير القسري للفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية هي غير قانونية ولن تكون مقبولة". أخبرنا اللواء أحمد العوضي رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب المصري، أن الهجوم على رفح سيؤدي إلى مجرّد تعليق معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، دون أيّ ردّ فعل آخر من الجانب المصري، مؤكّداً أن البرلمان المصري سيصدِّق على تعليقها إذا عُرض الأمر عليه.

أحد مسؤولي الخارجية السابقين علّق على إمكانية تعليق الاتفاقية بأن "القانون الدولي لا يوجد فيه ما يسمى بتعليق الاتفاقيات، فإما أن تكون سارية أو ملغاة، وقد تقبل إسرائيل تجميد المعاهدة مؤقتاً، ثم يتم تسخينها بعد ذلك وفك التجميد".
قانونياً، يؤكّد مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون القانونية الدولية والمعاهدات، السفير معصوم مرزوق، أن "التحرك الإسرائيلي العسكري في محور صلاح الدين/ فيلادلفيا ينسف معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، فالمنطقة (د) وكل المناطق المقَسَّمة تكون الالتزامات فيها متوازنة ومتبادلة، فإذا اختل التوازن نتيجة إخلال أحد الطرفين بالتزاماته، فهذا يعطي للطرف الآخر الحق في التحلل من التزاماته في الاتفاقية كاملة".

مصدر حكومي كبير: الرسائل المختلفة قد تكون مقصودة، وقد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر بالفعل

لكن اللواء نصر سالم قلَّل من أهمية احتلال إسرائيل لمحور فيلادلفيا لأنه لا يقع داخل الحدود المصرية، لكن دفع الفلسطينيين إلى مصر هو الذي يُعدُّ "خطًّا أحمر"، وأن الهجوم على رفح سيؤدي إلى "مجزرة"، مؤكّداً أن مصر تقوم بتقديم مساعدات، لكن "المسؤولية الأساسية تقع على إسرائيل لأنها دولة احتلال، ولن نصمت وهي تُصدِّر إلينا مشكلتها، خصوصاً أنها إذا هجَّرت الفلسطينيين فلن يعودوا إلى أرضهم، وستمنع مصر هذا النزوح عبر تعزيزات الجدران العازلة والقوات المنتشرة غربه".

من جهته، ذكر ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات، التي تمثل جهاز الإعلام الرسمي والعلاقات العامة للدولة، في تصريح متلفز، أن مصر "لديها من الوسائل ما يمكنها من الدفاع عن نفسها"، مؤكّداً أن "مصر لن تتوقف عند سحب السفير إذا حدث تهديد للأمن القومي أو تصفية القضية الفلسطينية".

موقفان متباينان

ما يبدو من التصريحات الرسمية وغير الرسمية أن هناك موقفين مختلفين، أحدهما متشدد والآخر دبلوماسي، وهو ما فسّره مصدر حكومي كبير، فضّل عدم ذكر اسمه، بأن "الرسائل المختلفة قد تكون مقصودة، وقد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر بالفعل، وهذا موجود في العالم كلّه، فـ(الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون طالب بتكوين تحالف دولي لمحاربة حركة حماس في البداية واليوم يطالب بوقف إطلاق النار، و(وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار) بن غفير يقول تصريحات مخالفة لـ(رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو، فهذا أمر موجود في كل مكان".

ورغم صحة وجود هذه الاختلافات في دول كثيرة، لكنها غير موجودة في الأنظمة القمعية، ما يعني أننا أمام اضطراب في الموقف نتيجة تقديرات مختلفة لأجهزة الدولة السيادية، أو هي رسائل مختلفة لاستقراء ردود الأفعال.

ما نلاحظه أن الحد الأدنى المتفق عليه في التصريحات المصرية هو رفض تهجير الفلسطينيين، والاختلاف يكمن في سقف رد الفعل المصري إذا بدأ النزوح. لكن المصدر الحكومي أكّد أن "مصر لديها خطط لكل المسارات، ولن تعلن عنها الآن".

ويرى السفير معصوم مرزوق أن "التصريحات المتشددة المنسوبة إلى مصادر رسمية دون ذكر اسمها، تقوم بدور بالونات الاختبار، مع الأخذ في الاعتبار أن تهجير الفلسطينيين سيكون انتهاكاً خطيراً (للأمن القومي المصري)، وإذا لم توقفه مصر فإنها ستتعرض لخسارة جيوسياسية كبيرة جدا".

هل التصعيد المصري جاد؟

تبدو اللهجة المصرية متشددة للغاية في مسألة التهجير، ورغم ذلك فإنها تقابل بشكوك. يقول أحد مسؤولي الخارجية السابقين إن عوائق قطع العلاقات أو تجميدها متعدّدة، فمصر لديها "اتفاقيات غاز مع إسرائيل، واتفاقيات اقتصادية مثل الكويز التي تُدخل صادراتنا إلى السوق الأميركي [هي اختصار لعبارة Qualified Industrial Zones أي المناطق الصناعية المؤهلة، وهي اتفاقية تجارية وقعت في القاهرة في 14 ديسمبر/كانون الأول 2004 بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية. تسمح هذه الاتفاقية بإنشاء مناطق صناعية مؤهلة لتصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة معفاة من مراسيم الجمارك،‏ بشرط مساهمة كل طرف بمكونات محلية]. وهناك رجال أعمال كبار لديهم ارتباطات مع الاحتلال فالقرار لن يكون سهلاً، لكن يجب أخذ موقف قوي جداً بما في ذلك تحركات عسكرية احترازية لتأمين الممرات والمجال الجوي، ويمكن لمصر أن تفسر تحركاتها بالتصريحات العدوانية لقادة إسرائيليين يطالبون بإعادة احتلال سيناء".

مسؤول سابق بالخارجية: الإعلام المصري يتعمد تغييب وعي المواطنين باستضافته لشخصيات منسوبة إلى جماعة كوبنهاغن

يحصر المصدر هذه التحركات العسكرية في إطار الرسائل لا خوض حرب فعلية، لأنها تحتاج إلى بناء "اقتصاد حرب، وبناء العقيدة العسكرية مجدداً، وإعداد المجتمع لاحتمال الحرب، فمنذ السبعينيات لم تدخل مصر حرباً سوى حرب الكويت، وكانت أشبه بالسياحة، والإعلام المصري يتعمد تغييب وعي المواطنين باستضافته لشخصيات منسوبة إلى جماعة كوبنهاغن [هي جماعة من المثقفين المصريين والإسرائيليين تأسست في 1995 لتطبيع العلاقات الشعبية بين مصر وإسرائيل]، مثل عبد المنعم سعيد الذي يروج، وسط العدوان، أن إسرائيل دولة متحضرة، وأنهم يحبون مصر، فيما الفلسطينيون هم الذين أوصلوا أنفسهم إلى هذا الحال السياسي والاقتصادي، مما يشوه وعي المجتمع نحو التعاطف مع إسرائيل، ويقولون ذلك رغم تهديدات مسؤوليها بتهجير الفلسطينيين إلى مصر ومجازرهم تجاه الفلسطينيين".

بالإضافة إلى تلك المسائل، فقد وردت معلومات إسرائيلية عن مشاركة مصر في الجسر البرّي الذي يخفّف الضغط على الإسرائيليين، إذ أعلنت شركة تراكنت Trucknet الإسرائيلية عن توقيعها اتفاقاً مع شركة WWCS المصرية المملوكة لرجل الأعمال المصري هشام حلمي، ليمتدَّ مسار الجسر البرّي عبر الأراضي المصرية، ما يدعم عدم نية مصر الضغط على إسرائيل.

شواهد أخرى تدلّل على عدم جدية الضغط المصري يذكرها أحد مؤسسي "الحركة المدنية الديمقراطية" سمير عليش، إذ إن "النظام المصري لديه تقاطعات وارتباطات مع إسرائيل، وهذا ظهر في التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وعدم اتخاذ موقف قوي من نقل العاصمة الإسرائيلية إلى القدس، وإعلان السيسي تأييده لصفقة القرن، لذا ينبغي الضغط عليه شعبياً للتحرك". وقد طالبت الحركة المدنية بالسماح لها بالتظاهر، لكن النظام لم يستجب.

بالإضافة إلى العلاقات مع إسرائيل، فإن "مصر لديها موقف من حركة حماس وارتباطها بالإخوان المسلمين، والنظام لديه عداء معها"، كما يؤكد عليش تفسيره للموقف المصري "بموقفه في أثناء أزمة سد النهضة الإثيوبي التي تمس مياه النيل، فالنظام لم يمنع ملء السد، رغم التهديدات".

مصر تستعد لاستقبال النازحين

في الوقت نفسه، ودون مقدمات، بدأت مصر في بناء منطقة عازلة "صباح الاثنين 12 فبراير الحالي في منطقة حدّها الشمالي ينحصر بين قرية الماسورة غرباً ونقطة على خط الحدود الدولية جنوب معبر رفح، بينما ينحصر حدّها الجنوبي بين قرية جوز أبو رعد ونقطة على خط الحدود الدولية جنوب معبر كرم أبو سالم، في ظل تواجد ضباط تابعين لجهاز الاستخبارات الحربية وعدد من سيارات الدفع الرباعي تحمل عناصر قبلية مسلحة تابعة لمليشيا "فرسان الهيثم" التابعة لاتحاد قبائل سيناء الذي يرأسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني بالقرب من منطقة "قوز أبو رعد" جنوب مدينة رفح، بصحبة عدد كبير من المعدات والجرافات برفقة عدد من المقاولين المحليين"، بحسب مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.

أحد المختصين بالشأن السيناوي، أخبرنا أن ما يجري حتى الآن "تهيئة المكان لبدء الإنشاءات، وهي داخل المنطقة التي أفرغها الجيش عام 2014، ويمتد عمقها إلى 5 كيلومترات من الحدود مع القطاع، ثم زاد الجيش من مساحة المنطقة العازلة إلى 10 كيلومترات مع العملية الشاملة في سيناء عام 2018، لكن العاملين هناك لا يعرفون أكثر من أنهم يقومون بتسوية الأراضي فقط، ولا يعرفون الهدف من ذلك".

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلاً عن مصادر أمنية مصرية، أن "المنطقة يمكنها استيعاب أكثر من 100 ألف شخص، وهي محاطة بجدران خرسانية وبعيدة عن أي مستوطنات مصرية". وتابعت الصحيفة عن مسؤولين مصريين أنه "في حالة حدوث نزوح جماعي كبير للفلسطينيين من غزة، فإن مصر ستسعى إلى الحد من عدد اللاجئين إلى أقل بكثير من قدرة المنطقة، من الناحية المثالية ما بين 50 ألفا إلى 60 ألفا".

هذا الرقم يعيدنا إلى مقترح "صفقة القرن" الذي جاء فيه أن "كل لاجئ فلسطيني لا يتمتع بحقوق المواطنة في أي بلد أمامه ثلاثة خيارات: العودة إلى الدولة الفلسطينية الجديدة وتبعاً لقدرات الدولة، أو منحه حق الاستقرار في البلد الذي يقيم فيه وبناء على موافقة البلد، أو إدراجه ضمن برنامج توزيع اللاجئين الفلسطينيين على الدول الراغبة الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بحيث تقبل كل دولة استيعاب خمسة آلاف لاجئ سنوياً وعلى مدار عشرة أعوام"، وهذا الرقم سيخضع لحوافز مالية، كان نصيب مصر منها، بحسب المقترح، 9.1 مليارات دولار.

رغم النفي المصري الرسمي، فإن رصيد نظام السيسي في التعامل مع إسرائيل يميل بشكل مطلق إلى قبول الطلبات الإسرائيلية، ولم يتفاعل رئيس مصري بهذه الدرجة من الحميمية مع الإسرائيليين والعداوة مع الفصائل الفلسطينية مثلما حدث في العقد الأخير، والموقف المصري المستجيب للقيود الإسرائيلية في ما يتعلق بخروج الجرحى وإدخال المساعدات يكفي لإيضاح الجانب الذي يقف فيه نظام السيسي، الذي يعتبره (الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية) بني غانتس شريكا في نقاشات ما قبل العملية العسكرية المزمعة في رفح، لنقل الفلسطينيين "إلى أماكن محمية".

وعقب انقلاب السيسي في صيف 2013، ظهرت دلائل الترابط بينه وبين الإسرائيليين مبكراً، إذ شنّت طائرة إسرائيلية بدون طيار غارة في شمال سيناء في 9 أغسطس/آب 2013 وقُتل على أثرها خمسة مواطنين، بزعم أنهم "جهاديون". وفي سبتمبر/أيلول 2013، هدّد وزير الخارجية المصري السابق، نبيل فهمي، بإمكانية تدخل عسكري في قطاع غزة "إذا شعرنا بأن هناك أطرافاً في حماس أو أطرافاً أخرى تحاول المساس بالأمن القومي المصري"، بينما لم يصدر تصريح بتلك القوة في مواجهة الخروق الإسرائيلية.

كما اتُّهم الرئيس الراحل محمد مرسي بالتخابر مع "حماس"، وحُظرت أنشطة الحركة في مصر في 4 مارس/آذار 2014، وأُعلنت حركة إرهابية في يناير/كانون الثاني 2015. ثم تمّ التراجع عن وصفها بالإرهاب بحكم قضائي أيضاً، كما أُسقطت الجنسية المصرية عن القيادي في الحركة، محمود الزهار، و11 فرداً من أسرته.

وفي إبريل/نيسان 2017، ظهر السيسي مع ترامب، وأعلن دعمه الكامل لما أطلق عليه السيسي "صفقة القرن"، فكان هو أول من اخترع هذا المصطلح. وبعد أقل من ثلاثة أعوام، ظهر المشروع النهائي لتلك الترتيبات، وكان من ضمنه إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح وضم أكثر من ثلث الضفة الغربية والقدس للجانب الإسرائيلي. وفوراً، طالبت الخارجية المصرية الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بدراسة البنود، ونَشَر موقع "مدى مصر" المستقل، نقلا عن مسؤولين مصريين، أن الرئاسة المصرية حذفت من بيان الخارجية عبارة "الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة في 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".

يُنشر بالتزامن مع "أوريان 21"
https://orientxxi.info/ar