تيران وصنافير… ملاحظات قانونية مصرية حول تسريبات المفاوضات

26 مايو 2022
تظاهرات في القاهرة عام 2016 رفضاً للتنازل عن الجزيرتين (الأناضول)
+ الخط -

تؤكد مصادر قانونية ودبلوماسية مصرية، أن جزيرتي تيران وصنافير باتتا داخل الحدود البحرية السعودية وهو أمر منتهٍ، وذلك تعليقاً على ما نشره موقعا "أكسيوس" الأميركي و"والاه" الإسرائيلي حول قيام الولايات المتحدة بوساطة بين مصر والسعودية وإسرائيل للتوصل إلى تسوية تمكّن نهائياً من نقل السيادة على تيران وصنافير إلى المملكة، وتشمل خطوات بموازاة ذلك لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.

ونقل مراسل موقع "أكسيوس" في إسرائيل باراك رافيد، عن "خمسة مصادر أميركية وإسرائيلية"، قولها للموقع إن "القرار الذي يتم التفاوض عليه يتضمن إنهاء نقل جزيرتين استراتيجيتين في البحر الأحمر من السيادة المصرية إلى السعودية، وإن الاتفاق ليس كاملاً وهناك مفاوضات حساسة جارية". وأضاف "أن البيت الأبيض يريد التوصل إلى اتفاق قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المرتقبة إلى الشرق الأوسط في نهاية يونيو/حزيران، والتي قد تشمل السعودية".

وفي السياق، قال موقع "واللاه"، "إن إسرائيل تشترط أن يكون نقل جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، بترتيبات أمنية كبيرة وتوسيع دائرة التطبيع معها، وأن إدارة بايدن تتوسط بينهما لإنجاز اتفاق بهذا الخصوص".

تيران وصنافير داخل الحدود البحرية السعودية

لكن مصادر قانونية ودبلوماسية مصرية أكدت لـ"العربي الجديد"، أنه منذ قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رقم 607 لسنة 2017 بالموافقة على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتي مصر والسعودية، والموقّعة في القاهرة في 4 إبريل/نيسان 2016، أثناء زيارة ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز إلى مصر، وبعد التصديق عليها في كلا البلدين، وتبادل وثائق التصديق، دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ، وهو ما ترتب عليه وقوع تيران وصنافير داخل الحدود البحرية السعودية.

تعيين الحدود بين مصر والسعودية أدخل الجزيرتين فعلياً ضمن الإقليم السعودي، والأمر أصبح منتهياً

وقالت المصادر، إن "الأمور مستقرة منذ ذلك الحين، وأي حديث الآن عن إجراء مفاوضات جديدة لنقل الجزيرتين من السيادة المصرية إلى السيادة السعودية، هو حديث غير قانوني، ولا يمتّ للواقع بصلة، إذ إن تعيين الحدود بين مصر والسعودية أدخل الجزيرتين فعلياً ضمن الإقليم السعودي، والأمر أصبح منتهياً".

ورجحت المصادر أن يكون "الهدف وراء إثارة موضوع تيران وصنافير الآن، والترويج بأن نقل السيادة عليهما إلى السعودية يتطلب موافقة إسرائيلية، هو إيجاد مبرر لجلوس المسؤولين السعوديين مع المسؤولين الإسرائيليين، كخطوة في طريق تطبيع العلاقات بين البلدين، وهو ما تريده الإدارة الأميركية بشدة في هذا التوقيت".

وقال موقع "أكسيوس" في تقريره إن إدارة بايدن "تعتقد أن وضع اللمسات الأخيرة على ترتيب وضع الجزيرتين، يمكن أن يبني الثقة بين الطرفين ويخلق انفتاحاً على العلاقات الدافئة بين إسرائيل والسعودية، اللتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية رسمية".

وأضاف أن ذلك "سيكون أهم إنجاز للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط منذ اتفاقات أبراهام، التي توسطت فيها إدارة دونالد ترامب وأدت إلى اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب".

وأكدت السعودية في وقت سابق، أنها لن تطبّع العلاقات مع إسرائيل ما لم يكن هناك تقدم جاد في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية. كما قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أمس الأول الثلاثاء في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي: "لم يتغير موقفنا من التطبيع، وهو بالنسبة لنا ختام لمسار طويل طرحناه في المبادرة العربية".

وقال الموقع الأميركي "إن القضية الرئيسية في المفاوضات التي تجريها واشنطن مع القاهرة والرياض، هي القوة متعددة الجنسيات للمراقبين، وأن السعودية وافقت على إبقاء الجزر منزوعة السلاح والالتزام بالحفاظ على حرية الملاحة الكاملة لجميع السفن، لكنها أرادت إنهاء وجود المراقبين متعددي الجنسيات في الجزر".

وأضاف أن "المسؤولين الإسرائيليين اتفقوا على النظر في إنهاء وجود القوة متعددة الجنسيات، لكنهم طلبوا ترتيبات أمنية بديلة تحقق نفس النتائج".

ومن ضمن الشروط الإسرائيلية التي ذكرها الموقع، "رغبة تل أبيب في أن تتخذ السعودية خطوات معينة كجزء من جهود أوسع للتوصل إلى اتفاق بشأن عدة قضايا، مثل السماح لشركات الطيران الإسرائيلية بعبور المزيد من الأجواء السعودية، الأمر الذي سيختصر الرحلات الجوية إلى الهند وتايلاند والصين بشكل كبير".

وحسب التقرير، يريد الإسرائيليون أيضاً من السعوديين "السماح برحلات جوية مباشرة من إسرائيل إلى السعودية، للمسلمين في إسرائيل الذين يريدون الذهاب لأداء فريضة الحج إلى مدينتي مكة والمدينة المنورة".

واستغرب مراقبون "الحديث عن فرض إسرائيل شروطاً وإملاءات على السعودية، في ما يتعلق بالجزيرتين، وهما في الأصل سعوديتان، بموجب اتفاقية تعيين الحدود البحرية التي وقّعتها المملكة مع مصر، وتم إخطار الأمين العام للأمم المتحدة بها لتسجيلها وفقاً لأحكام المادة (102) من ميثاق الأمم المتحدة بعد دخولها حيز التنفيذ".

مصير المراقبين الدوليين في تيران وصنافير

وعلى الرغم من أن مصر تلتزم مع إسرائيل باتفاقية سلام تعود لعام 1979 تكون بموجبها جزيرتا تيران وصنافير منزوعتي السلاح، مع وجود قوة من المراقبين متعددي الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة، والقول إن ذلك "يحتم أن يمر الاتفاق بين مصر والسعودية بإسرائيل"، إلا أنه بحسب تقرير "أكسيوس"، فإن "إسرائيل كانت قد أعطت بالفعل موافقتها".

معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، أكدت على دولية الممرات، وهذا الوضع ثابت ولم يتغير

وأكد مصدر قانوني مصري، لـ"العربي الجديد"، أن "القول إن إجراءات نقل تيران وصنافير للسعودية تنتظر استكمال الاتفاق بين القاهرة والرياض على استمرار عمل قوة المراقبين متعددي الجنسيات، الذين يضمنون استمرار حرية الملاحة في المضيق، هو قول غير صحيح". وأوضح أن "معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، أكدت على دولية الممرات، وأن هذا الوضع ثابت ولم يتغير في اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وهذا هو الأهم".

ولفت المصدر إلى أن "الجزيرتين هما من الجزر الصغيرة القاحلة الرملية الصخرية المهجورة، وذلك بحسب تكييف الجزر في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982، وبالتالي فإن الحديث عن تأثيرهما على حرية الملاحة، حديث غير دقيق".

وقال موقع "أكسيوس" إن "نجاح المفاوضات التي تجريها الولايات المتحدة مع مصر والسعودية وإسرائيل، يمكن أن يخفض التوترات بين إدارة بايدن والرياض". وأشار إلى "تعهد بايدن ذات مرة بجعل السعودية "منبوذة"، و"توتر العلاقات بسبب عدد من القضايا، بما في ذلك سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان ومقتل الصحافي جمال خاشقجي".

ووفقاً للموقع، فإن "من يقف خلف الكواليس في هذه المفاوضات هو منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكغورك، وهو الشخص الرئيس لإدارة بايدن في جهود الوساطة الحالية". وقال الموقع إن بايدن "يخطط للذهاب إلى السعودية كجزء من زيارة ثلاثية للشرق الأوسط، وأنه إذا تمت الزيارة، فستكون اللقاء الأول لبايدن مع بن سلمان".

وقال دبلوماسي مصري سابق، إنه "من المؤكد أن هنالك خططاً وترتيبات أميركية تجري الآن، من أجل حسم الكثير من القضايا الأساسية التي تخص الولايات المتحدة، وعلى رأسها توحيد الجبهات في مواجهة روسيا التي تخوض حرباً على أوكرانيا".

وتابع أنه "في سبيل ذلك تسعى واشنطن بكل قوة إلى تشكيل تحالف يضم دولاً ذات تأثير في الشرق الأوسط يكون بقيادة إسرائيل، وأن السعودية جزء مهم في هذا التحالف الذي تخطط له واشنطن"، مضيفاً أن "استئناف الحديث من جديد في مسألة الجزيرتين يمكن أن يكون مدخلاً يمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، بما يسمح بتشكيل ذلك التحالف".

وقال المصدر إنه "على الرغم من ذلك، تبقى هناك دولتان مهمتان في الإقليم يصعب ضمهما إلى معسكر التطبيع مع إسرائيل وهما الكويت والجزائر، مع ما تتمتعان به من ثقل سياسي في المنطقة". ولفت المصدر إلى أن "الولايات المتحدة وإسرائيل، في حاجة إلى ضم السعودية بسرعة إلى ذلك التحالف، وهو أمر غير مستبعد في الوقت الحالي"، مضيفاً أن "الجولة التي أعلن عن قيام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بها وتشمل تركيا واليونان وقبرص والأردن ومصر، قد تمهد لوضع إقليمي جديد، كما يمكن أن تكون تدشيناً لحقبة سعودية جديدة تحت قيادة بن سلمان".

المساهمون