تونس: هل ذاب الجليد بين سعيّد وهيئة الانتخابات؟

05 ابريل 2022
سعيّد يدعو الهيئة للاستعداد للاستحقاقات الانتخابية (تويتر)
+ الخط -

استقبل الرئيس التونسي، قيس سعيّد، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر، أمس الإثنين، ما اعتبر "خطوة مهمة" نحو إذابة الجليد بين الرئاسة والهيئة الدستورية التي طالما وجه لها سعيّد انتقادات لاذعة، وشكك في استقلاليتها، ما أثار هواجس داخلية وخارجية من توجهه لحلها.

وأكد سعيّد أمس "أهمية دور الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وضرورة أن تكون على أتم الاستعداد لمختلف الاستحقاقات المقبلة عليها تونس في الفترة المقبلة".

بدوره، قال بوعسكر، عقب اللقاء، إنه "تم التداول في وضعية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من الناحية القانونية ومدى استعدادها للاستحقاقات القادمة"، مشيراً إلى "تأكيد سعيّد احترام الهيئة وضرورة حيادها واستقلالها".

كما تناول اللقاء، بحسب بوعسكر، "المسائل التنظيمية للهيئة على المستويين المركزي والجهوي وعلى مستوى مجلسها في علاقة بالوضعية القانونية لأعضاء الهيئة".

ويعد هذا اللقاء الأول من نوعه للرئيس التونسي مع هيئة الانتخابات منذ 25 يوليو/ تموز 2021 تاريخ إعلانه التدابير الاستثنائية في البلاد التي أصبح بمقتضاها ممسكاً بجلّ السلطات.

وطالما وجه سعيّد انتقادات لاذعة لهيئة الانتخابات ولرئيسها نبيل بفون، الذي انتقد في وقت سابق شرعية إجراءات 25 يوليو/ تموز. تعليقاً على ذلك، أكد عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بلقاسم العياشي، في تصريح لـ"العربي الجديد" اليوم الثلاثاء، أن "لقاء رئيس الجمهورية بممثل هيئة الانتخابات جاء في إطار الحوار، حيث أراد رئيس الدولة أن يفند الإشاعات حول تكليف أجهزة أخرى للقيام بالانتخابات".

وأضاف قائلاً "وقد أكد (سعيّد) بصريح العبارة أن الهيئة المستقلة بقانونها الحالي النافذ هي من ستنجز الانتخابات ولا سبيل للاستفتاء عليها". وحول عدم استقبال سعيّد لرئيس الهيئة، نبيل بفون، أو كامل أعضائها، قال العياشي إن "هذا السؤال يسأل عنه رئيس الجمهورية"، مشدداً على أن "رئاسة الجمهورية هي التي وجهت الدعوة للهيئة واتصلوا بنائب رئيسها فاروق بوعسكر".

وحول علاقة عدم دعوة بفون بتصريحاته المنتقدة لإجراءات 25 يوليو/ تموز، قال العياشي "قد يكون ذلك هو السبب وذلك محتمل، ولكن ليس بوسعي تأكيد ذلك". وتابع بأنه "لم يتم التطرق للصعوبات المنتظرة بسبب ضغط الوقت أو على المراسيم المحتملة لتنظيم العملية الانتخابية، بقدر ما تمحور اللقاء حول رسالة تأكيد على دور الهيئة ومواصلة ائتمانها على المواعيد المقبلة".

وبين العياشي "أن الهيئة انطلقت منذ بداية السنة الحالية في الإعداد للمحطات الانتخابية المقبلة، فمنذ 7 فبراير/ شباط راسلنا وزارة المالية من أجل الاعتمادات المالية التكميلية الخاصة بالاستفتاء (في 25 يوليو/ تموز المقبل) والانتخابات المبكرة (في 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل)، كما تم نشر قائمات تحيين سجل الناخبين لسنة 2019 ومواصلة التسجيل المستمر كما تم في آخر اجتماعات إقرار عمليات تسجيل الناخبين المحتملين والمقدر عددهم بنحو مليوني ناخب، من بينهم 500 ألف شاب سيبلغون 18 عاماً السن الانتخابية في موعد الاستفتاء".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وانتهت ولاية بفون وعضوين آخرين، بحسب القانون المؤسس لهيئة الانتخابات، في يناير/ كانون الثاني 2020، وذلك في إطار التداول والتجديد الدوري كل سنتين لثلث تركيبة هيئة الانتخابات، التي تضم تسعة أعضاء، بهدف ضمان حيادها واستقلاليتها. غير أن البرلمان لم يقم بدوره في تجديد التركيبة وانتخاب رئيس جديد بعد تجميد أعماله في 25 يوليو/ تموز الماضي، فيما يواصل الأعضاء والرئيس المنتهية ولايتهم وظائفهم حتى تسليم العهدة للرئيس الجديد.

ويرجح مراقبون أن يقوم سعيّد بإصدار مرسوم لتغيير الأعضاء وتعيين رئيس جديد للهيئة قبل إجراء الاستفتاء ليبعد بشكل رسمي بفون الذي امتنع عن دعوته بشكل واضح للقاء الأمس. ويرون أن دعوة هيئة الانتخابات للإشراف على المواعيد المقبلة خطوة إيجابية وفي محلها رغم ما تخفيه من ضغوط داخلية وخارجية دفعت إلى تقويض روايات تكليف وزارة الداخلية أو أي جهاز آخر بالعملية الانتخابية.

ويذكر أن وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، عزرا زيا، زارت أخيراً الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والتقت أعضاءها وكان برفقتها سفير الولايات المتحدة الأميركية بتونس، دونالد بلوم.

وكتبت السفارة الأميركية في تونس في تغريدة على "تويتر" نقلاً عنها "التقيت اليوم بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس للتأكيد على التزام الولايات المتحدة بإجراء انتخابات حرة ونزيهة. نحن ندعم هذه المؤسسة الديمقراطية الرئيسية في أداء دورها المنصوص عليه دستورياً لإجراء الاستفتاء والانتخابات".

بدوره كشف القيادي السابق في حركة "النهضة"، عبد اللطيف المكي، في تدوينة عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أن "رئيس الجمهورية قيس سعيّد تراجع عن حل هيئة الانتخابات بعد ضغط خارجي".

ويتساءل المكي "هل سنحتاج في كل مرة، وفي ظل رفض تفاهمات داخلية ولا أقول حواراً، إلى تدخل خارجي لتوفير شروط انتخابات حرة ونزيهة؟". وأضاف "قد يكون استقبال قيس سعيّد لنائب رئيس هيئة الانتخابات إشارة إلى توقف عملية استهداف هذه الهيئة وأنها ستستمر في الإشراف على الانتخابات وهذا شيء جيد لكن جاء بعد ضغط دبلوماسي خارجي في شكل زيارة مجاملة ومساندة".

المساهمون