أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد، في لقاء جمعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن، مساء الجمعة، على "ضرورة تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة، ووضع حد لظاهرة المال الفاسد، وتعديل المرسوم المتعلق بالانتخابات، خاصة بعدما تبين أنّ عدداً من أعضاء المجالس المحلية لم يقوموا بالدور الموكول لهم قانونياً، وصارت التزكيات سوقاً تباع فيها الذمم وتُشترى".
وقال قيس سعيد، في بيان للرئاسة، إنه "إذا كان التشريع الحالي (مرسوم القانون الانتخابي) لم يحقق أهدافه، فالواجب الوطني المقدس يقتضي تعديله للحد من هذه الظاهرة المشينة، خاصة وأن الذين تم إيقافهم ووقعت إحالتهم للعدالة هدفهم هو إدخال الارتباك في صفوف المواطنين وبثّ الفوضى، خوفاً من الإرادة الشعبية الحقيقية، التي ستفرزها صناديق الاقتراع يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول"، بحسب قوله.
ويفرض القانون الانتخابي الذي وضعه سعيد على كل مترشح أن يقدم 400 تزكية من مواطني دائرته الانتخابية بإمضاءات مصادق عليها في البلديات، أو لدى هيئة الانتخابات، وأن تكون التزكيات مناصفة بين الرجال والنساء، و25 بالمائة شباب.
ومنع القانون الذي وضعه سعيد التمويل العمومي على المترشحين، وفرض أن يكون تمويلاً خاصاً للحملات الانتخابية، وهو ما وصفته كل المنظمات المعنية بالانتخابات بـ"الشروط المجحفة".
وأعلنت هيئة الإنتخابات، الخميس، أنه تم إيقاف عدد من المتهمين بالتلاعب بالتزكيات.
وعقد رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر، الجمعة، اجتماعاً مع ممثلين عن وزارة العدل ووزارة الداخلية، وتم تخصيص الاجتماع لموضوع "المخالفات المسجلة في عملية تجميع التزكيات"، حيث تم التأكيد على "أهمية التنسيق بين الهيئة ووزارتي الداخلية والعدل، خاصة في هذه المرحلة الخاصة بالتزكيات، والتعريف بإمضاء المزكّين، والعمل على تأمين مسار انتخابي سليم، من خلال احترام واجب حياد الإدارة من قبل الأعوان العموميين والتزامهم بالتراتيب والإجراءات القانونية، لإنجاز أي عملية انتخابية".
كما جرى خلال الاجتماع ذاته "التأكيد على ضمان مبدأ تكافؤ الفرص أمام المترشحين"، وأنّ "تعامل النيابة العمومية بكل جدية مع الجرائم الانتخابية، وتطبيق القانون على المخالفين، مع ضرورة حماية أعوان الهيئة الساهرين على تأمين المسار الانتخابي، والتعامل معهم باعتبارهم موظفين عموميين"، بحسب بيان للهيئة.
ودعت الديناميكية النسوية المستقلة (تضم عدداً من المنظمات المدافعة عن المرأة)، مساء الجمعة، خلال وقفة احتجاجية أمام مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إلى سحب المرسوم عدد 55 لسنة 2022، المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، لأنه لا ينص على تمثيلية متناصفة للمرأة في مجلس نواب الشعب.
وحمّلت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، نائلة الزغلامي، في تصريح إعلامي، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المسؤولية عن خلق بيئة ومناخ ملائم يكرس حق الجميع في انتخابات تضمن تمثيلية متناصفة بين الرجل والمرأة.
"النهضة": البرلمان القادم سيكون تابعًا لسعيد
من جانبها، ذكّرت حركة النهضة التونسية بموقفها من "مقاطعة الانتخابات التشريعية "انسجاما مع المواقف المبدئية الرافضة لكل المسار الانقلابي على الدستور وعلى الشرعية".
وذكرت النهضة، في بيان لها مساء الجمعة، أنه "موقف يزداد تأكدا بعد إصدار دستور صِيغَ على المقاس، وكرّس الحكم الفردي المطلق وحصّن الرئيس من أي مساءلة، ما نزع صلاحية تزكية الحكومة من البرلمان الذي جُرِّد من دوره الرقابي وبات مهددا بالحل في حالة تقديم لائحة لوم ضد الحكومة، فغدا برلمانا شكليا فاقدا لأهم صلاحياته وتابعا للرئاسة لا متوازنا معها" .
واعتبرت النهضة أن "مرسوم الانتخابات أكد ما نبهت إليه الحركة من خطورة مشروع قيس سعيد الدكتاتوري على الدولة والمجتمع، حيث اعتمد على نظام الاقتراع على الأفراد بما يؤدي إلى ضرب مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، وتعمد إقصاء الأحزاب والمرأة والشباب، وهو ما سيفرز شبه برلمان، مشتت وغير مستقر، فاقد للكفاءات كما هو فاقد للصلاحيات".
وأشار البيان إلى أن "المرسوم على تقسيم الدوائر بشكل اعتباطي يفتح الباب أمام إثارة العصبيات الجهوية والعروشية والعائلية وأمام تحكّم المال السياسي واللوبيات الفاسدة".