يواصل المحتجون من مختلف الانتماءات والأحزاب السياسية في تونس، إضرابهم عن الطعام لليوم الثاني على التوالي، في خطوة تصعيدية ضد قرارات الرئيس قيس سعيّد، وسط تأكيد صمود المحتجين وتمسّكهم بحقوقهم الدستورية.
ويحتضن مقر حزب "حراك تونس الإرادة" في العاصمة تونس هذا الاحتجاج الذي يمثل خطوة تصعيدية بارزة في الصراع السياسي الذي تشهده البلاد.
وشدد القيادي في "حركة النهضة" العجمي الوريمي، وهو أحد المضربين عن الطعام، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، على "الصمود في مقاومة الانقلاب"، مشيراً إلى أنّ "الانقلابات لا تسقط بالدعوات، بل بالمقاومة، وقد اختيرَت المقاومة السلمية المدنية".
إلا أنه أشار إلى أنّ "هذه المقاومة السلمية جوبهت بأساليب قمعية ووحشية في أكثر من مناسبة، كان آخرها 18 ديسمبر/ كانون الأول عندما منعت القوى الأمنية بالقوة المحتجين من نصب خيمة في شارع بورقيبة" وسط العاصمة تونس.
وأكد الوريمي أنّ الإضراب عن الطعام "حلقة من حلقات النضال الإنساني من أجل الكرامة"، مشدداً على أنّ "الشعب التونسي لن يفرّط في مكتسبات الثورة"، معتبراً أنّ "هذه الخطوة جزء من حراك واسع ومن جبهة بصدد التشكل"، مشيراً إلى أنّ "هذه الجبهة الوطنية هي من أجل استئناف المسار. القوى الوطنية مقتنعة اليوم بضرورة اللقاء على أرضية مشتركة".
وبيّن الوريمي أنّ "هناك دعوات اليوم لحوار وطني من دون قيس سعيّد الذي أصبح جزءاً من المشكلة"، موضحاً أنه "كانت هناك مطالب في السابق ليكون الحل من خلال الرئيس، إلا أنه رفض ذلك، ما أدى إلى ازدياد الأوضاع سوءاً".
من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم الإضراب عزّ الدين الحزقي، أحد المضربين وعضو "مواطنون ضد الانقلاب"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الدخول في إضراب عن الطعام ووضع المحتجين أجسادهم في خطر، خطوة رمزية تحمل عدة رسائل؛ فهو خطاب القلوب لا العقول، لأنهم يخاطبون قلوب الإنسانية. إضراب الجوع هو أحدى الخطوات الراقية في النضال".
وتابع قائلاً إنّ "قيس سعيّد اغتصب البلاد وقمع يوم 18 ديسمبر/ كانون الأول اعتصام المحتجين"، مشيراً إلى أنّ "بعض الشبان المحتجين ما زالوا في السجن لأنهم فقط تظاهروا".
وبيّن الحزقي أنّ "ممارسات القمع ذاتها تتكرر مع المحتجين. عايشت فترات مختلفة، وللأسف ذات الثقافة القمعية والتعامل الأمني".
"تشكيل جبهة لمقاومة الانقلاب" في تونس؟
بدوره، أكد العميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الهدف من الحراك "تشكيل جبهة لمقاومة الانقلاب"، مبيناً أنّ الانقلاب يريد القضاء على المؤسسات والدستور"، فيما أكد أنّ الإضراب يعد رسالة للرأي العام في الداخل والخارج حول خطورة الوضع الذي تعيشه تونس.
وأضاف أنّ "النداء اليوم لكل المؤمنين بقيم الحرية والديمقراطية لكي يتحدوا ويقفوا ضد هذا الانقلاب".
أما عضو "ائتلاف الكرامة"، النائب يسري الدالي، فيرى أنّ "رسالة الإضراب هي رفض المحاكمات العسكرية والسياسية والاعتقالات التي طاولت مدونين ومتظاهرين"، مشدداً على "ضرورة وضع حد لشيطنة الرئيس للخصوم، إذ إنّ شتمه للمعارضين وإطلاق النعوت حولهم يضعهم في خطر".
وأكدت النائبة المضربة عن الطعام فايزة بوهلال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذا الإضراب هو إضراب الحرية والكرامة وتنديد بالقرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد"، مضيفة: "منذ 25 يوليو/ تموز الماضي كانت هناك عدة قرارات تعسفية من وراء استعمال الفصل الـ 80 من الدستور، وحصل تشويه لهذا الفصل من سعيد".
وأوضحت أنّ "البلاد تعيش في أزمات متتالية، وسعيّد تنكّر لتعهداته ويسعى للسيطرة على كل السلطات، وآخرها السلطة القضائية".