أكدت "تنسيقية الأحزاب الديمقراطية" في تونس، التي تضمّ التيارين "الديمقراطي" و"الجمهوري" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"، وعدداً من الشخصيات الوطنية، اليوم الخميس، أنه "يجري بحث تشكيل جبهة وطنية تتصدى للانقلاب"، ستكون جاهزة قبل 20 مارس/آذار المقبل، وهو موعد انتهاء الاستشارة الإلكترونية التي حدّدها الرئيس قيس سعيّد.
وأوضح المشاركون أن "الدولة مهدّدة بالانهيار، وأن سعيّد عمّق الأزمة بعد مرور 6 أشهر على الانقلاب"، مشيرين، خلال مؤتمر صحافي اليوم الخميس، بمناسبة الذكرى الثامنة لصدور الدستور، وستة أشهر على التدابير الاستثنائية، ومائة يوم على تشكيل حكومة نجلاء بودن، إلى أن "تعقّد الأزمة يفترض وجود جبهة وطنية تخلق التوازن السياسي، وتسعى إلى تقديم التصورات للخروج من الأزمة".
وأكد الأمين العام لـ"التيار الديمقراطي" غازي الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "يجري العمل على توحيد الجبهة الوطنية الديمقراطية لتتصدى للانقلاب"، موضحاً أن "التنسيقية ستضم الطيف الديمقراطي والأحزاب الاجتماعية الديمقراطية، وذلك في مرحلة أولى، خصوصاً الأحزاب الرافضة لـ25 يوليو/تموز لتتوحد، ثم لتتقدم بمبادرة تُحدث مشهداً متوازناً وتقود نحو حوار وطني للإنقاذ".
وأكد الأمين العام لـ"الحزب الجمهوري" عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الحوار سيكون جامعاً، باستثناء من يُقصي نفسه، بمعنى أن "النهضة" و"الدستوري" سيكونان موجودين في الحوار، إلا من يرفض منهما، فالبلاد تتسع للجميع"، مبيناً أنه "لا بد من خلق قوة ضغط ليكون الحوار في مناخ جيد وسليم"، مشيراً إلى أن "التحالفات ضمن الجبهة الوطنية لن تكون إلا مع القوى الاجتماعية الديمقراطية".
وبيّن الشابي أن "رئيس الجمهورية رفض الحوار، رغم العديد من المبادرات والدعوات"، مشيراً إلى أنه "أصبح يتنمر وينتقد المبادرات، وبالتالي لا يمكن البقاء في موقف المتفرج والبلاد تنهار، إذ لا بد من القيام بخطوة إلى الأمام، حتى لا يُرهَن مستقبل تونس بيد شخص يرفض الحوار والتشاور"، مؤكداً أن "الحوار سيكون جامعاً، ويهمّ كلّ الأطراف، ولا يقصي طرفاً، ويضع خريطة طريق، ولكن سعيّد وضع نفسه خارج المسار".
وقال رئيس حزب "التكتل" خليل الزاوية، إن "سعيّد استولى على كلّ السلطات، ويريد أن يحكم بنفسه، ثم يريد الاستيلاء على السلطة القضائية"، مؤكداً أن "قرارات رئيس الجمهورية عادة ما تكون ردة فعل، وهذا دليل على غياب عقل يفكر بحنكة، ومن بين هذه القرارات إلغاء عيد الثورة في 14 يناير/كانون الثاني، ومنع التظاهرات التي كشفت عن صورة جديدة تمسّ بالحريات الفردية، إلى جانب الإقامات الجبرية، ومنع السفر بحق العديد من المسؤولين ورجال الأعمال، ثم رفعه بعد تدخلات وضغوطات، وإيقافات طاولت نواباً ووزراء سابقين، ومحاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري، واختطاف مثلما حصل لنائب رئيس "حركة النهضة" نور الدين البحيري".
وبيّن أنه بخصوص علاقة الرئيس التونسي مع المجتمع المدني، "لا يوجد أي تعامل، وهو دائماً ما ينعت خصومه بأبشع النعوت، كما أن دعوته لاتحاد الشغل هي فقط لالتقاط الصور، وتسجيل موقف".
وأفاد الزاوية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأنهم سيعملون كتنسيقية على "توحيد الصف"، ويسرّعون بالحوار الوطني ليكون قبل 20 مارس/آذار، لافتاً إلى أن "هذا الحوار يهمّ كلّ الأطراف وكلّ من رفض 25 يوليو، للاتفاق حول جملة من المطالب، ولتحديد تصور ديمقراطي".
وأكد عضو التنسيقية، العياشي الهمامي، أن "قيس سعيّد عمّق الأزمة، ولا بد من خلق قوة ضغط لتعديل القوى وفرض ميزان قوى جديد"، مبيناً أن "تكوين جبهة وطنية هو لمواجهة الانقلاب، ولن تكون جبهة بالمفهوم التقليدي لإنقاذ البلاد"، مؤكداً أن "الطريق الذي أخذنا إليه سعيّد هو طريق الفوضى، وبالتالي لا بد من حكومة إنقاذ وطني تتكون من كفاءات، وتقدم حلولاً ملموسة، وتقود إلى انتخابات سابقة لأوانها".
وقال إنه "سيتم التوجه لاتحاد الشغل لأنه قوة اجتماعية من شأنها الضغط، وللرجوع إلى الدولة الديمقراطية، وخلق ديناميكية سياسية تتكون من منظمات وطنية وأحزاب وجمعيات مدنية، وسيساهم كلّ من موقعه". ولفت إلى أنّ "القوى الديمقراطية غير موحدة وليست صوتاً واحداً، وبالتالي لا بد من وضع اليد في اليد".
سعيد: التدابير الاستثنائية من أجل مؤسسات مستقرة
أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، أن "التدابير الاستثنائية ترمي إلى المرور إلى مرحلة المؤسسات المستقرّة والمستمرّة التي تُعبّر عن الإرادة الحقيقية للشعب التونسي وتوفّر له أسباب العيش الكريم في دولة حرة ذات سيادة"، كما شدّد على أن "العمل يتمّ وفق الدستور والقانون من أجل تطهير البلاد من كلّ من استولى على مقدّراتها".
وأكد سعيد أنه "يعمل وفق القانون وبناء على الدستور والنصوص القانونية التي يضعها هذه الفترة في شكل مراسيم أو أوامر ترتيبية، ولكن نعمل أيضا وفق الدستور بناء على الفصلين المتعلقين بالحقوق والحريات، ومن يدعي خلاف ذلك فهو كاذب مفتر ولم يتعلم من التاريخ إطلاقا"، وفق وصفه.
وأكد سعيد أن "السيادة للشعب يمارسها وفق الدستور، لكن لا يجب أن يتحول الدستور إلى أداة للسيطرة على سلطة الشعب وسيادته".
وأقر بأن "الدستور يوضع لتحديد أهدافه، لا لتحقيق أهداف من يتلونون كل يوم بلون ويتقلبون كل يوم بناء على التحالفات التي لم يكن أحد يتوقع أنها ستتم بين عدد من الأشخاص الذين كانوا خصوم الدهر لكن للأسف التقوا في هذه الفترة".
وتطرّق المجلس الوزاري، كذلك، إلى عدد من المواضيع المتعلّقة بسير الاستشارة الإلكترونية والنصوص القانونية الخاصة بالصلح الجزائي وبإحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم.
وأشار سعيد إلى أن الاستشارة تتقدم برغم العراقيل، وأن أغلب توجهات المواطنين الأولية تذهب في اتجاه اختيار النظام الرئاسي وآلية الاقتراع على الأفراد، وسيتم اعتماد هذه الخيارات بعد انتهاء الاستشارة وعرضها على الاستفتاء.