استمع إلى الملخص
- تم تشكيل 24 مجلساً جهوياً و279 مجلساً محلياً، ومجلس وطني للجهات والأقاليم يهدف لتعزيز الحكم المحلي، مع تخوفات من أن تكون المجالس بصلاحيات محدودة.
- المحللون يرون تجديد المجالس كخطوة شكلية دون تقييم لإنجازاتها، بينما يدافع الداعمون عن النظام الجديد كتجربة في مراحلها الأولى تواجه تحديات بيروقراطية وسياسية.
استكملت الهيئة العليا للانتخابات في تونس عملية القرعة الدورية، ، أمس السبت، والتي تجريها كل ثلاثة أشهر لتجديد تركيبة المجالس الجهوية ورئاسة المجالس المحلية والجهوية في مختلف محافظات البلاد، ويأتي ذلك وسط جدل حول جدوى هذه المجالس ومنجزاتها وقدرتها على حلحلة مشكلات التنمية، مع التخوف من أن تكون مجرد هياكل شكلية محدودة الصلاحيات.
وتم تنصيب المجالس المحلية في 1 مارس/آذار الماضي وتنظيم أول قرعة لاختيار أعضاء المجالس الجهوية في اليوم التالي لذلك، شملت عضواً منتخباً عن كل مجلس محلي، ويُعد تنصيب المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة التشريعية الثانية) والمجالس المحلية والجهوية، المرحلة الأخيرة من مشروع الرئيس قيس سعيد الذي أطلقه في 25 يوليو/تموز 2021 حول البناء القاعدي.
وأصدر سعيد مراسيم قسّم بمقتضاها البلاد إلى خمسة أقاليم و24 مجلساً جهوياً و279 مجلساً محلياً، ثم يتشكل من بين هذه المجالس عن طريق القرعة والتصعيد عبر الانتخاب غير المباشر من القاعدة المحلية إلى المركز، مجلس وطني للجهات والأقاليم يتكون من 77 عضواً.
وبيّن المحلل السياسي، محمد ضيف الله، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "مسألة تجديد المجالس الجهوية ورئاسات المجالس المحلية مسألة شكلية، فلم نسمع ماذا أنجزت هذه المجالس في الدورة الأولى، ويبدو أن قانون هذه المجالس يفرض التجديد كل ثلاثة أشهر ولكن دون تقييم ما أنجز، فلم نر أي تأثير أو أثر لهذه المجالس فالعملية شكلية إذن"، مبيناً أنه كان "ينتظر أن تقدم جرداً أو عرضاً عن المنجز خلال الفترة المنقضية، ولكن لم يحدث ذلك".
وأضاف ضيف الله أن "هناك عدم اهتمام بهذه المجالس وغياب المتابعة لها"، مفسراً ذلك بـ"اعتماد آلية القرعة في حين أن كل المجالس التمثيلية في العالم تُنتخَب، وهو ما يشحن ويعبئ الرأي العام للمشاركة، في حين أن الرأي العام في تونس شارك بـ11 في المائة فقط، ثم قيل له لا تشارك في اختيار رئاسة المجالس والتجديد ليُترَك الأمر للقرعة التي تقوم على الحظ"، لافتاً إلى أن "هناك عدم فهم لأدوار هذه المجالس وصلاحياتها حتى من داخل هذه المجالس وأعضائها"، ولخص الخبير بالقول "لم تعرض هذه المجالس منجزاتها وإضافاتها، كما لم نر على الواقع هذه المنجزات في أي ميدان من الميادين، لتتحول المسألة إلى شكلية، انتهت دورة وبدأت أخرى فتم تجديدها برئاسة جديدة".
وشدد ضيف الله على أن "هذه المجالس ومجلس النواب تعمل من دون متابعة الرأي العام ومن دون اهتمام، ربما المتابعة موجودة فقط من النسبة التي انتخبته، على عكس المجالس التي كانت خلال ما سمي بعشرية الديمقراطية الناشئة حيث كان المجلس يناقش أمام الرأي العام كل التفاصيل ويتم متابعة نوابه ومحاسبتهم، وكان هناك مراقبة لأعماله واحتجاج عليه من المواطن"، بحسب توصيفه.
في مقابل ذلك اعتبر رئيس المكتب السياسي لمسار 25 جويلية، عبد الرزاق الخلولي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "هذه التجربة جديدة وانطلقت حديثة ولم تبدأ منذ سنوات حتى نقيّمها بالفشل وفائدتها أو على تبعاتها على المال العام"، وأضاف أن" تركيز هذه المؤسسات من مجالس محلية وجهوية، وحتى الشركات الأهلية، وجدت معارضة كبيرة من المتابعين للشأن العام، خصوصاً من الأحزاب المعارضة، وذلك لأنهم يعتبرون أن هذه المؤسسات مشروع خاص للرئيس قيس سعيد ومن ثم يجب قتلها في المهد فيجب ألّا تأخذ فرصة أصلاً ولا أن تنجح، ما جعلهم يطلقون حملة مبكرة ضد هذه المجالس حول فشلها وعدم جدواها".
وأكد الخلولي أن "الفائدة تتمثل في انتخاب هذه المجالس رغم أنها معطّلة اليوم بفعل فاعل، ليس من المعارضة فقط، بل حتى من داخل الهياكل التي تحكم والتي لا تريد لهذه التجارب أن تنجح أو توضع على المحك"، وأشار إلى أن "التقييم مبكر بقدر ما يجب كشف المنظومة التي تعطل وتقف ضد هذه المجالس وضد المجلس التشريعي"، وأفاد أنه "لا يوجد إلى اليوم نص ينظّم هذه المجالس، ولم تعد الحكومة ولا مجلس النواب مشروعاً لتنظيمها وصلاحياتها حتى تبقى حبراً على ورق" مشدداً على أن "العديد من المجالس المحلية شاركت في الوقفة المطالبة بإصدار هذا القانون وإيجاد المقرات حتى تعمل، وكذلك ما زالت الأسباب مجهولة حول من يعطّل المجلس الوطني للجهات".