تونس تتحول إلى ملف دولي

20 مارس 2023
الرئيس التونسي يتجاهل جميع دعوات الحوار (الأناضول)
+ الخط -

يفترض أن يعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعاً، اليوم الاثنين، من بين نقاطه في جدول الأعمال، الملف التونسي وتدهور وضع حقوق الإنسان بعد سلسلة الاعتقالات الأخيرة، وقد يتعرضون أيضاً للوضع الاقتصادي الذي تلحّ عليه إيطاليا، المنبهرة في ما يبدو بالخطاب المعادي للمهاجرين الأفارقة الذي تتصور أن يحدّ من موجات الهجرة إلى أراضيها.

لكن المنظمات الدولية لحقوق الإنسان تضغط على هذه الدول للتنديد علناً بالأوضاع في تونس وبضرب الحريات والتجربة الديمقراطية الوحيدة.

وللأسف، فقد تحولت الحالة التونسية إلى ملف دولي، يتحدث عنه مسؤولون دوليون فيما بينهم، من دون أن تكون تونس على طاولة هذه المناقشات، وهو أمر مؤلم جداً للتونسيين، الذين وقف العالم كله يصفق لهم على ثورتهم العظيمة منذ عقد من الزمن، قبل أن يتحولوا إلى ملف مزعج في ظرف زمني قياسي.

السقوط المدوي لدبلوماسية قيس سعيّد لم يسبق له مثيل، فقد دمر في ظرف عامين كل العلاقات التونسية التي بنيت على مدى عقود، علاقة سيئة بالمغرب غرباً، وبأفريقيا جنوباً، وبأوروبا شمالاً، وبالولايات المتّحدة الأميركية، الداعم الأكبر لتونس في السنوات الأخيرة، وبالصناديق الدولية المانحة، وأخيراً بليبيا، بتصريح لا جدوى منه عدا أنه رأي شخصي عابر في مسألة فصل فيها التاريخ والجغرافيا والمحاكم الدولية، منطقة بحرية حدودية.

والحديث هنا عن الجُرف القاري، وهي منطقة حُسم فيها الخلاف دولياً لمصلحة ليبيا، ولكن الرئيس الذي يفهم في كل شيء ويعرف كل شيء وله مقاربات لإصلاح الإنسانية جمعاء، أبى إلا أن يضرب ما بقي من علاقات مع الجيران، حتى ثارت ثائرة عدد من المسؤولين الليبيين بسبب تصريحه يوم الجمعة الماضي عن أن بلاده لم تحصل إلا على الفتات من حقل البوري النفطي، حتى إن أحدهم قال ساخراً إنه لم يبقَ أمامنا إلا كوريا الشمالية لنتخاصم معها، فتسعفنا بصاروخ باليستي تريحنا مما نحن فيه...

وبرغم هذا الإجماع الداخلي والخارجي على حساسية الموقف التونسي، ودعوات الجميع لحوار يوقف هذا السقوط السريع نحو الهاوية، إلا أن الرئيس لا يزال يكابر ويتخفى وراء شعار السيادة الوطنية، ويندد بالتدخل الخارجي في شؤونه هو، يضرب جدراناً عالية على البلاد التي كانت طوال تاريخها منفتحة على الجميع، يريد أن يستفرد بها ليطبق مشروعه الهلامي ويصدر أحكامه على التونسيين قبل أن يحاكمهم القضاء، لأنه يرى أن التهم ثابتة عليهم، وما دام قد قال فسيكون.

لكن التاريخ سيربح في نهاية الأمر مهما كانت العذابات، وقد يدفع التونسيون الخارج إلى التدخل فيهم بعد أن فشلوا في الحوار في ما بينهم.

المساهمون