توم بيرييلو لـ"العربي الجديد": العودة لمسار الانتقال المدني توقف حرب السودان

29 سبتمبر 2024
بيرييلو: هناك من يستفيد من تدفق الأسلحة (بوريس هيغر/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة اهتماماً دولياً بالأزمة السودانية، حيث تطرق الرئيس الأميركي للوضع وتم تحقيق اختراق في إيصال المساعدات الإنسانية.
- أكدت الولايات المتحدة ضرورة وقف إرسال الأسلحة لأطراف النزاع في السودان، وفرضت عقوبات على الأفراد والشركات الداعمة للفظائع، وقادت جهوداً لتمديد حظر الأسلحة على دارفور.
- لتحقيق تقدم في المفاوضات، يجب على القادة العسكريين السودانيين وقف القتال والانتقال إلى حكومة مدنية، مع دعم الولايات المتحدة لفرض حظر وطني على توريد الأسلحة.

يتحدث المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، في مقابلة خاصة مع "العربي الجديد" في نيويورك، عن مستجدات الملف السوداني ورسالة بلاده الواضحة لشركائها في المنطقة بالتوقف عن إرسال الأسلحة لأطراف النزاع في السودان.

 

*أنتم في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة رفيعة المستوى وعلى هامشها هناك عدد من الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية حول السودان... هل هناك أي تطور أو تقدّم ما خلال اجتماعات نيويورك؟
لاحظنا اهتماماً دبلوماسياً دولياً أكبر في السودان، حيث تطرق الرئيس الأميركي جو بايدن في خطابه (أمام الجمعية العامة الثلاثاء الماضي) للوضع في السودان، بالإضافة إلى اجتماعات وزارية متعددة تتعلق بالأزمة الإنسانية والحاجة لوقف إطلاق النار. ونلاحظ توافقاً أكبر بين الجهات الإقليمية والدولية حول حجم الأزمة والحاجة الملحّة لأن نمضي قدماً (للتوصل لحل)، مع إدراك تعقيدات الوضع. وحقيقة أننا تمكنا، خلال اجتماعات جنيف (في شهر أغسطس/ آب الماضي) بقيادة أميركية، من تحقيق اختراق مهم بشأن إيصال المساعدات الإنسانية، فإن ذلك ساعد في إيجاد زخم يمكننا من إحداث فرق، حتى لو لم نتمكن من حل المسألة بأكملها.

*ما هي العوائق الأساسية التي تواجهكم؟ ذكرتم محادثات جنيف وبعض التقدم على مستوى إدخال المساعدات الإنسانية، ولكن هذه كانت قبل قرابة الشهر... أين أنتم الآن؟

اتخذت خطوات بالغة الأهمية فيما يخص المساعدات الإنسانية خلال محادثات جنيف لكنها لم تقتصر على تلك الفترة وتوسعت. فلدينا الآن طرق إضافية مفتوحة، بما في ذلك التي تؤدي إلى بعض المناطق الداخلية عبر طريق سنار، وإن لم تكن تمر عبر ولاية سنار نفسها. ولاحظنا زيادة في حجم المساعدات من بضع شاحنات إلى عشرات. وفي الوقت نفسه نواجه (تحديات) بما فيها من قادة محليين يهددون القوافل وكذلك الأمطار. وقد ألحقت الأمطار أضراراً واسعة النطاق بالطرق والجسور، ولهذا كنا بحاجة لإدخال المساعدات في وقت سابق. ولاحظنا كذلك زيادة قدرة منظمات إنسانية كبيرة على نقل كميات أكبر من الغذاء إلى المنطقة، وهذا يمكّننا من إدخاله في الأيام غير الممطرة، وهذا ضروري. ولكن في الوقت ذاته ما زلنا وللأسف نشهد قصفاً مروعاً للمدنيين، خصوصاً في الفاشر، وأيضاً في سنار، من قبل قوات الدعم السريع وبعض القصف الجوي من قبل القوات المسلحة السودانية، التي كانت تضرب أهدافاً مدنية. وهناك الكثير مما يجب القيام به للمساءلة عن انتهاكات قواعد الاشتباكات الأساسية وقوانين الحرب. ولكن على الأقل يمكننا أن نرى الأغذية تصل لبعض المناطق الرئيسية. ولكن مع استمرار هطول الأمطار، يتعين علينا الاستفادة قدر الإمكان من كل يوم يمكننا فيه تحريك الشاحنات وإدخال المساعدات.

بيرييلو: نحن بحاجة لوقفات إنسانية لإدخال الغذاء والدواء إلى المناطق التي كانت معزولة

*عدد من الدول الحليفة لكم تقدم الدعم العسكري والأسلحة لجميع أطراف النزاع، هل من تقدم حول تعهدات بعدم تقديم الأسلحة لأطراف النزاع؟
لقد كنا واضحين للغاية مع شركائنا في جميع أنحاء القارة والمنطقة، أن هذا هو الوقت لإرسال الغذاء والدواء، وليس الأسلحة. هذا هو الوقت لنكون شركاء في السلام. وأعتقد أن أحد الأشياء التي كانت واضحة جداً، وهناك عدد من البلدان المجاورة في جميع أنحاء أفريقيا تشاركنا ذلك، هو إعطاء إشارة أن هذه ليست أزمة إنسانية فحسب، بل هي أيضاً أزمة إقليمية تهدد الاستقرار الإقليمي، خصوصاً إذا استمر وتوسع الصراع وأصبح أكثر فصائلياً. وأرسلنا إشارة إلى جميع شركائنا مفادها أن إيجاد طريق للسلام والانتقال المدني، الذي لطالما أراده الشعب السوداني، أمر ضروري ولا نملك أي وقت نضيعه.

*ولكن هل إرسال الإشارات لوحده يكفي؟ أين الضغط الأميركي ليس على أطراف النزاع فحسب، بل على من يدعم الأطراف؟
الولايات المتحدة هي التي تقود وتجبر الذين يرتكبون الفظائع ويؤججون الحرب على دفع الثمن. لقد فرضنا عقوبات فردية، فضلاً عن عقوبات على الشركات، التي تدعم الفظائع التي يرتكبها كل من الجيش وقوات الدعم السريع. وفي الآونة الأخيرة، ركزنا بشكل خاص على قادة في قوات الدعم السريع، فضلاً عن بعض الشركات التي دعمتهم. كما قادت الولايات المتحدة جهوداً في الأمم المتحدة لتمديد حظر الأسلحة على دارفور. ولم نكتف بتمديده فحسب، بل أردنا كذلك التحرك واستخدامه لفرض عقوبات. وقد طرحنا (لمجلس الأمن) بعض الأسماء لقادة في قوات الدعم السريع، كنا (الحكومة الأميركية) قد فرضنا عليهم عقوبات بسبب انتهاكاتهم لحظر الأسلحة. ونريد أن نرى تحركاً هنا على نطاق دولي، لكي نبدأ مرة أخرى بجعل أولئك الذين يؤججون الصراع يدفعون الثمن.

*هل هناك رسالة معينة تبعثونها لكل من الجنرال عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)؟

بيرييلو: يجب أن يأتي القادة العسكريون لطاولة المفاوضات لإيجاد السبيل للمضي قدماً نحو حكومة مدنية شاملة

نحن بحاجة ماسة لوقف إطلاق النار على المستوى الوطني، وإذا لم نتمكن من تحقيق ذلك، فنحن بحاجة على الأقل إلى وقفات إنسانية للأسابيع القليلة المقبلة في جميع أنحاء الفاشر وسنار وجنوب الخرطوم، من أجل التأكد من قدرتنا على إدخال الغذاء والدواء إلى المناطق التي كانت معزولة لفترة طويلة جداً. نحن نحتاج مساعدتهم لفتح الطرق لبعض عمليات الإنزال الجوي للوصول إلى بعض المناطق المعزولة، بشكل خاص تلك التي أصبحت المجاعة فيها حادة. وهذا ليس فقط في دارفور، ولكن أيضاً في مناطق من جنوب كردفان ومناطق أخرى. لكن في نهاية المطاف، المفتاح هنا هو عملية انتقال (مدني) للسلطة، يجمع الشعب السوداني، يكون فيه النساء والشباب جزءاً من هذا الحوار، كما كانوا في الثورة التي ساعدت في بدء هذا المسار. ويجب أن يتوقف هذا القتال.

*ما هو العائق الأساسي لتحقيق تقدم أو اختراق في المفاوضات؟
نرى الكثير من المشكلات من الطرفين، إذ تواصل قوات الدعم السريع القصف ومحاولة التقدم وتوسيع رقعة سيطرتها، ولا يشكل هذا تكلفة هائلة على السكان المدنيين فحسب، بل إنه يقوض الثقة بعملية السلام. وفيما يخص الجيش، للأسف، لدينا متشددون يعتقدون أنهم يستطيعون الاستفادة، إما سياسياً أو مالياً، من استمرار الحرب. وفي الوقت الذي نحترم فيه الموظفين والمؤسسات، لكننا ندرك أن هناك مسؤولين من النظام السابق، وحزب المؤتمر الوطني، يحصلون على دعم من إسلاميين ويعرفون أنهم لا يتمتعون بدعم الشعب، ويعتقدون أنهم إذا استطاعوا الدخول في حكومة قبل انتهاء الحرب فسيكون هذا طريقهم للعودة إلى السلطة. ولا يريد الشعب السوداني ذلك ولا المنطقة، إلا أنهم يحتاجون الحرب كغطاء. وهناك من يستفيد مالياً من تدفق الأسلحة والابتزاز والآليات الأخرى. نحن بحاجة ماسة إلى أن يتحلى القادة العسكريون بالشجاعة والرؤية اللازمة وصدّ هؤلاء، وأن يأتوا إلى طاولة المفاوضات لإيجاد السبيل للمضي قدما نحو حكومة مدنية شاملة ومستقبل مستقر. إذاً نحن بحاجة إلى رؤية بعض التغيرات على الجانبين، والأهم من ذلك، أننا بحاجة إلى الاستماع إلى أصوات الناس، الذين يرغبون في إسكات البنادق وتوسيع الحكم المدني.

*تحدثنا عن فرض العقوبات وحظر توريد الأسلحة لدارفور. هل تؤيد الولايات المتحدة فرض حظر للأسلحة يشمل السودان بأكمله وجميع الأطراف؟
أعتقد أن هناك رغبة متزايدة في مختلف أنحاء المنطقة في الأخذ بعين الاعتبار فرض نوع من الحظر على توريد الأسلحة على مستوى وطني. تمكنا في مجلس الأمن على الأقل من تمديد الحظر على دارفور. وأعتقد أنه من المهم أن يرى الناس، كما حدث مع إعلانات جدة التي تم التفاوض عليها من قبل، تطبيقاً وليس مجرد اتفاق على الورق. ومن الأهمية أن نحث مجلس الأمن وغيره من الجهات على اتخاذ خطوات ملموسة تؤكد جدية الحظر المفروض على دارفور. ولكننا بالتأكيد نرى ونسمع النداء المتصاعد من جانب الشعب السوداني وبعض الجهات في المنطقة والمطالب بفرض هذا الحظر على المستوى الوطني.

*وهل تؤيد الإدارة الأميركية هذا؟
نريد العمل مع الشركاء الدبلوماسيين على أي شيء ممكن أن ينجح. هدفنا، أولاً وقبل كل شيء، هو إنهاء هذه الحرب وتلبية رغبة الشعب السوداني. من الواضح جداً أنهم يريدون أسلحة أقل والمزيد من الغذاء والدواء. وأي شيء يمكننا متابعته مع شركائنا الدبلوماسيين لتحقيق ذلك هو أمر مهم. ولكن مرة أخرى، لنكن واضحين أنه يمكن أن تتوقف هذه الحرب غداً، إذا اجتمع الجنرالان، اللذان بدآها، واتفقا على العودة لمسار الانتقال المدني الذي أراده الشعب. لذلك نريد أن نركز مرة أخرى على أولئك الذين لديهم أفضل فرصة لإنهاء هذه الحرب بينما نواصل متابعة جميع الخيارات.

المساهمون